اضطر الرئيس السوري بشار الأسد إلى إصدار أوامر لقواته بإخلاء مواقع سيطرت عليها مؤخراً بالقرب من قاعدة التنف العسكرية في البادية، بعد تحذيراتٍ من قبل قوات الأميركية المتمركزة في المنطقة.

ووفق سعيد سيف مدير المكتب الإعلامي لفصيل "الشهيد أحمد العبدو" العامل في البادية بدعم أميركي، فإن النظام سحب أمس الأول قواته المتمركزة في مسافة تقل عن 55 من قاعدة التنف إلى مسافة أبعد بعدة بنحو 10 كم إضافية، موضحاً أن العملية شملت "المخافر من رقم 204 إلى 198 في منطقة البادية الشامية".

Ad

وأكد سيف أن "واشنطن هددت النظام باستهداف تجمعاته لكونها تتمركز في مسافة أقل من المسافة المتفق عليها وهي 55 كم"، موضحاً أنه تجاوز هذا الاتفاق في معاركه الأخيرة الهادفة لعزل فصائل المعارضة التابعة للجيش الحر والمدعومة أميركياً في منطقة صغيرة لا تتجاوز مساحتها بضعة كيلومترات مربعة على الحدود الأردنية.

ويوم الجمعة الماضي، أعلن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أن عملية الولايات المتحدة في سورية بعيدة عن الانتهاء، مؤكداً أنها ستواصل حملتها الدؤوبة حتى تحرير السوريين من قسوة "داعش"، وحرمانه من الحصول على ملاذ آمن، وضمان أنه لن يتمكن من "تصدير الإرهاب" إلى مختلف أنحاء العالم.

وبعد طرد "داعش" من الرقة، أشار الرئيس دونالد ترامب السبت إلى انتقال سورية لمرحلة جديدة نحو السلام تكون الولايات المتحدة منخرطة فيها، مبيناً أنها تتضمن انتقالاً سياسياً يحترم إرادة الشعب السوري ومنع الإرهابيين من العودة إلى تهديد الأمن المشترك مجدداً".

السياسة الأميركية

وعلى الفور، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن لدى موسكو تساؤلات حول السياسة الأميركية الجديدة في سورية، وتريد الحصول أيضاً على ردود صريحة وواضحة لفكرة إنشاء مجالس محلية على أراضي دولة ذات سيادة.

وأشار لافروف، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره العراقي إبراهيم الجعفري، إلى أنه رغم تواصل موسكو وواشنطن حول تسوية النزاع على مستوى العسكريين، وبين وزارتي الخارجية، فإنه في الفترة الأخيرة، لوحظت تصرفات غريبة من التحالف الدولي، حيث تكرر هجمات تنظيم "داعش" على الجيش السوري من المناطق التي تسيطر عليها مجموعات مدعومة أميركياً، بالإضافة إلى الخروج الجماعي لمسلحيه من الرقة.

من جهته، شدد الجعفري على أنه من الضروري احترام سيادة سورية وعودتها إلى مقعدها في جامعة الدول العربية، مشيراً إلى أنه أكد ذلك في اجتماع وزراء الخارجية الأخير في القاهرة، وشدد أيضاً على أن المسائل السياسية كلها يجب أن يحلها السوريون بأنفسهم.

وفي حين عوّل نائب وزير خارجية روسيا أوليغ سيرومولوتوف على مواصلة التعاون العسكري الروسي- الأميركي في سورية، أكد أنه لا يوجد هناك أي تقدم في التعاون المشترك بمجال مكافحة الإرهاب.

مجزرة القريتين

وعلى الأرض، أكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن أن "تنظيم داعش أعدم أكثر من 116 مدنياً في مدينة القريتين في حمص بالسكاكين أو بإطلاق الرصاص بدافع الانتقام، متهماً إياهم بالعمالة لقوات النظام" منذ سيطرته على المدينة في أول أكتوبر الحالي حتى يوم السبت الماضي، موضحاً أن "السكان وجدوا الجثث في منازل وشوارع المدينة ومناطق أخرى بعد سيطرة قوات النظام عليها".

وأضاف أن أغلبية القتلى جرى إعدامهم خلال اليومين الأخيرين اللذين سبقا سيطرة قوات النظام على المدينة، مشيراً إلى أن "بعض السكان شهدوا على عمليات الإعدام".

دير الزور

وفي دير الزور، أفاد المرصد أمس الأول بالتوصل إلى اتفاق بين وجهاء وأعيان مناطق شرق نهر الفرات و"داعش" يقضي بانسحاب عناصره من قرى وبلدات تحت سيطرته وتسليمها إلى قوات سورية الديمقراطية (قسد) المدعومة أميركياً.

وأوضح المرصد أن مقاتلي التنظيم انسحبوا من قريتين في اقصى ريف دير الزور الشمالي، على أن تتم عمليات متتالية من مناطق أخرى وفقاً للاتفاق.

وتركزت المفاوضات حول انسحاب "داعش" من القرى والبلدات والمناطق المتبقية من منطقة خشام إلى بلدة هجين بمسافة نحو 110 كم من الضفاف الشرقية لنهر الفرات، إضافة إلى كل المنطقة المتبقية في الريفين الشمالي والشمالي الشرقي الممتدة حتى ريف بلدة الصور، وتسليم هذه المناطق إلى "قسد".

وفي إدلب، توجهت أمس قافلة جديدة من التعزيزات العسكرية التركية إلى المناطق الحدودية المحاذية للمحافظة الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة المتشددة، وذلك لدعم القوات الهادفة لفرض خفض التصعيد، في إطار تفاهمات اتفاق آستانة، بحسب وكالة أنباء "الأناضول" الرسمية.

حكم ذاتي

إلى ذلك، أكد وزير الإعلام السوري محمد ترجمان أن دمشق لا علاقة لها بكلام من يعتبر أن المصالحات ومناطق تخفيف التصعيد مبررة أو فاتحة لفدرالية أو كونفدرالية أو حكم ذاتي، مؤكداً أنها "ستقود الجمهورية العربية السورية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً".

وفي تصريح لوكالة "سبوتنيك"، قال ترجمان، رداً على إعلان "قسد" أن من سيحدد مستقبل الرقة هم أهلها ضمن دولة ديمقراطية لا مركزية أنه، "النقطة الفاصلة وعلى الجميع أن يدركها، أنه تحت الدستور والوطنية والعلم السوري كل شيء مفتوح للنقاش والاتفاق والتوافق عليه، شرق الفرات وغرب الفرات هذه تسميات لم نعرفها في السابق ولن نعترف بها"، مشدداً على أنه "إذا كانت هناك نية في المستقبل لصياغة مستقبل جديد، فهو ما يقوله السوريون، لا الأميركان ولا أي دولة أخرى".