الفوز للقيادة البارزانية!

نشر في 25-10-2017
آخر تحديث 25-10-2017 | 00:19
 صالح القلاب ما يحدث هو استدراج لعواطف الكرد، وتوظيفها لإزاحة الرئيس مسعود البارزاني عن موقعه القيادي الرسمي والحزبي، الذي إذا أردنا قول الحقيقة، فإنه ورثه عن والده الملا مصطفى بجدارة، وأن البارزانيين لن يفرطوا به حتى إن "وصلت الدماء إلى الركب".

ولعلنا نشاهد ونتابع كل هذه الحملة المسعورة التي يتعرض لها هذا الزعيم الكردي، خصوصاً من بعض القيادات الكردية التي ترى - بسبب وجوده - أنها ستبقى "عاطلة" عن العمل!

إن برهم صالح إنسان مثقف يتطابق مظهره الأنيق مع مخبره، وهو بالتأكيد أفضل مَن يترأس حكومة وحدة وطنية كردية، لاعتبارات موضوعية كثيرة، لكن موقع "الزعامة" الذي ورثه مسعود البارزاني عن والده الملا مصطفى شيء آخر، والمؤكد أن كل الـ "بهدنانيين"، ومعهم قطاع واسع من

الـ "صورانيين" سيقفون إلى جانبه؛ أولاً لأن عائلته واصلت تقديم التضحيات.

لذلك، ومع احترامنا للرئيس السابق لحكومة إقليم كردستان، فإنه مهما فعل سيبقى مجرد "جملة اعتراضية" في هذه الأزمة الطاحنة التي ترتبت على خطوة "الاستفتاء" الأخير، وإذا كان قد اختير رئيساً لوزراء الإقليم الكردي، فإنه لا يمكن أن يعود إلى هذا الموقع في انتخابات ستكون بمنزلة "كسر عظم"، كما هو متوقع منذ الآن.

رفع الصديق برهم صالح كدعاية انتخابية مبكرة شعار "الحدود التي ترسم بالدم تزال بالدم"، رداً على استعادة الحكومة العراقية الاتحادية حدوداً كانت قد فقدتها في أيام العسرة، ومن بينها منطقة كركوك المهمة، وهذا ستفهمه بغداد بأنه تلويح مبكر بالقوة، وسيفهمه "البارزيون" بأنه سعي لانتزاع حتى الحد الأدنى من التطلعات الكردية، التي إن "انتكست" هذه المرة، فإنها ستنجح بالتأكيد في المرات المقبلة، ولو بغير طريقة "الاستفتاء"، التي كان واضحاً منذ البدايات أنها محاولة فاشلة وغير موفقة.

وهكذا، فإنني أراهن منذ الآن، بالاستناد إلى معرفة عن قرب بالأوضاع الكردية التي تتحكم فيها ولاءات تاريخية عشائرية ومناطقية، على أن "كاك" مسعود سيخرج من هذا الاختبار الصعب أكثر قوة، مما يعني أنه على الأخ برهم صالح أن يعد إلى العشرة لا إلى الخمسة فقط، قبل أن يذهب بعيداً، إن ليس بمواقفه فبتصوراته، وهذا ينطبق على الآخرين من رئيس البرلمان الكردي وحتى نافال ابن جلال الطالباني الذي ما كان من الممكن أن تسعفه مناكفاته ضد "البارزيين"، لولا متغيرات الخريطة السياسية الإقليمية في السنوات الأخيرة.

إن الأفضل للأكراد، أكراد كردستان العراقية، ألا يذهبوا بعيداً في هذا التمزق الذي إن استمر، فإن ثمناً غالياً ستدفعه أجيالهم اللاحقة، وأن يغلّبوا العام على الخاص، ويعطوا الاهتمام للأولوية الأكثر أهمية، ويتحلوا بالواقعية ويكتفوا بما يستطيعون تحقيقه في ظل كل هذا التحشيد الإقليمي والدولي ضدهم، ويحافظوا، بقدر الإمكان، على وحدتهم الوطنية المهددة الآن أكثر من أي مرة سابقة في تاريخهم المعاصر.

back to top