صانعو النجاح!
![مسفر الدوسري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1507745577082709700/1507745592000/1280x960.jpg)
الذين يصنعهم النجاح هم في الواقع ليسوا سوى لصوص نجاح وقُطاع طرق يتربصون بقوافله السيارة، لعلهم يجدون فيها النجاح مما يقتاتون عليه بقية أعمارهم. إنهم لا يأبهون بمصير القافلة، ولا مَن فيها، فجلّ اهتمامهم وأقصى غايتهم، هو الحصول على بعض نجاح يستثمرونه مفتاحا لكثير من الأبواب التي كانت مغلقة في وجوههم، والحصول على مكاسب مادية أو اجتماعية ليست من حقهم، وإنزالهم منازل كان غيرهم الأجدر بها.إنهم يستخدمون ذلك النجاح المنسوب لهم ضرعاً يغذي مطامعهم، ويربي شحم أنانيتهم وملامح أقنعتهم الزائفة، إلاّ أن اللافت في الأمر، هو أن سارقي النجاح والحاصلين عليه من كفّ الحظ سرعان ما ينكشفون وتسقط عنهم أردية الضوء، وتذوب عن وجوههم الأقنعة من وهج الأضواء الساطعة، وتتبخر ألوانهم الزاهية، وتقع ورقة التوت التي سترت عورة نجاحهم اليتيم فترة من الزمن.أما صانعو النجاح، فهم أولئك الباقون في ذاكرة الزمن، والخالدون في صفحات تاريخه، هؤلاء لا ينتظرون الحظ، ولا يجعلون من طريق الصدف رصيفاً يعرضون عليه بضاعة أحلامهم، لعل الوقت يجود عليهم ببعض عطاياه لتتحقق. إنهم ينسجون سجادة الطريق إلى نجاحهم بمغزل من عزيمة، وخيط من صوف الصبر، وآخر من حرير الثقة. إنهم يسيرون نحو وجهتهم المبتغاة، من خلال بوصلة لا تخون الدقة، ولا تخونها الجهات. صانعو النجاح لا يسرقهم ضوؤه، ولا يُعمي بصيرتهم، ولا يقعون رهينة إنجازهم، فكلما صنعوا نجاحاً بحثوا عن آخر غيره في مسيرة من العطاء لا تنتهي. هؤلاء هم المُلهَمون والملهِمون في الوقت ذاته. هؤلاء هم القادرون على اكتشاف الطرق المؤدية للشمس وتعبيدها، ليتخذها العابرون من بعدهم مسلكاً يفضي بهم إلى النور.