نجحت القوات المدعومة من الولايات المتحدة في سورية قبل أيام في طرد تنظيم داعش من عاصمة خلافته المزعومة الرقة، ولا شك أن هذا نصر كبير بعد ثلاث سنوات من القتال ضد "خلافة" أثارت سابقاً الخوف في الجزء الأكبر من الغرب، لكن اللافت للنظر أننا لم نشهد فرحة كبيرة، فلم يعلن ترامب هذا الانتصار رسمياً، ولم نرَ أي لافتات تحمل العبارة "المهمة أُنجزت".إليك المشكلة: لا تعلم إدارة ترامب السبيل إلى تحقيق هذا الهدف، وإذا كانت تعرفه، فلم تطلع عليه أحداً.
يشتكي جيمس ف. جيفري، مسؤول بارز سابق في إدارة جورج بوش الابن ويعمل مستشاراً لمساعدي ترامب: "ما من خطة استراتيجية. تحدى ترامب إيران في منازلة، إلا أنه لم يشهر أي مسدس".في هذه المرحلة تواجه إدارة ترامب معضلة: هل تواصل تقديمها التدريب، والأسلحة، والدعم الجوي للثوار السوريين الذين سيطروا على الرقة، معززةً خطر حدوث تصادمات بينهم وبين قوات الحكومة التي لا تحظى بدعم إيران وحدها، بل روسيا أيضاً؟علاوة على ذلك يجب أن تقرر الإدارة ما إذا كانت ستبقي مئات المستشارين الأميركيين في سورية، ولا عجب أن يعرب الثوار عن أملهم في بقاء الأميركيين "خلال العقود المقبلة"، حسبما أعلن أحد المتحدثين باسمهم أخيراً.يؤدي انسحابهم إلى تراجع الدعم الذي تتلقاه قوة نظّمتها الولايات المتحدة، ودرّبتها، وأثنت أخيراً على شجاعتها في القتال، كذلك ستسلب هذه الخطوة الولايات المتحدة أداةً تساهم في منع نظام الأسد وحلفائه الإيرانيين من الاستيلاء على المنطقة التي يسيطر عليها الثوار اليوم.يوضح فريدريك هوف، مسؤول سابق في وزارة الخارجية الأميركية ويرأس اليوم مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلسي: "إذا كنت جاداً في تصديك لإيران، فعليك مواصلة مشاركتك، وإلا ستقف مكتوف اليدين فيما يعود نظام الأسد، علماً أن هذا النظام هو المسؤول عن الفراغ الذي سمح لداعش بالنمو".لكن المستشارين نُشروا لمساعدة الثوار السوريين في حربهم ضد "داعش" لا الحرب الأهلية ضد نظام الأسد.يقترح جيفري، الذي انتقل اليوم إلى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، حلاً بديلاً: تعزيز التحالف الأميركي مع تركيا، والمملكة العربية السعودية، وإسرائيل، وقوى إقليمية أخرى بغية دعم الثوار السوريين وإبقاء إيران خارجاً.ويضيف: "من الضروري أن نؤسس ائتلافاً يمنع إيران من مواصلة بسط سلطتها، لكن هذا لا يُطبّق اليوم".لا تقدّم سورية كالمعتاد سوى خيارات غير جذابة، حيث تستطيع الولايات المتحدة إبقاء جنودها في البلد، إلا أنها تخاطر مع خطوة مماثلة بتورطهم في الحرب الأهلية السورية، أو يمكنها أن تسحبهم، مما يعني رضوخها أمام نفوذ إيران المتفاقم، علماً أن هذه المشكلة تعهد ترامب بمعالجتها.لم تحدد الإدارة مسارها بعد، ولعل هذا الخيار الأكثر سوءاً على الإطلاق: المضي قدماً من دون خطة واضحة، وكان هذا ما حدث في العراق بعد الانتصار العسكري الباكر: غزو الولايات المتحدة بغداد عام 2003، وصاغ المسؤولون العسكريون مصطلحاً حلواً ومراً في آن واحد لوصف النتائج، فقد شكّلت هذه الأخيرة، على حد تعبيرهم، "نجاحاً كارثياً". * «دويل ماكمانوس»
مقالات
ترامب يريد مواجهة إيران لكنه يجهل السبيل إلى ذلك
26-10-2017