بعد اشتباك في منطقة مخمور، بين البيشمركة الكردية والجيش العراقي، كاد يشعل مواجهة مفتوحة بين الطرفين، عرضت حكومة إقليم كردستان العراق على بغداد، أمس، مبادرة تقضي بتجميد نتائج الاستفتاء على الاستقلال الذي نظمته أربيل، رغم رفض بغداد التي ردت عليه بشن حملة عسكرية واسعة سيطرت خلاها على المناطق المتنازعة بين الطرفين.وقالت حكومة الإقليم في بيان: «من منطلق المسؤولية أمام شعب كردستان والعراق، نقترح للحكومة والشعب والرأي العام العراقي والعالمي تجميد نتائج الاستفتاء، وبدء حوار مفتوح مع الحكومة الاتحادية وفق الدستور».
وأوضح البيان: «هذه المبادرة نقترح فيها وقف إطلاق النار فورا، ووقف جميع العمليات العسكرية في إقليم كردستان»، بعد مقتل نحو 30 عنصرا من قوات البيشمركة والقوات العراقية في اشتباكات خلال عملية «إعادة فرض الأمن» في المناطق المتنازع عليها، وخصوصا محافظة كركوك الغنية بالنفط.
برود في بغداد
ولم يصدر أي رد فعل رسمي من الحكومة العراقية حيال هذه المبادرة، لكن قوات «الحشد الشعبي» المؤلفة من ميليشيات شيعية يتبع معظمها مرجعية إيران، أعلنت أمس، أن المقترح الكردي «لا قيمة له».وقال المتحدث باسم «الحشد»، أحمد الأسدي، إن مبادرة كردستان «لا قيمة لها، إذ إن التجميد يعني الاعتراف بالاستفتاء، وطلب الحكومة واضح بإلغاء الاستفتاء».ترحيب إيراني
وفي تعارض هو الأول من نوعه بين طهران و«الحشد»، رحبت إيران أمس، بمبادرة أربيل.وقال علي أكبر ولايتي، مستشار السياسة الخارجية للمرشد الأعلى لإيران علي خامنئي، إن «الاستفتاء ونتائجه لم يكونا ليحققا أي شيء للأكراد أو العراقيين»، مشيرا إلى أن من مصلحة جميع العراقيين عدم تغيير الوضع الجغرافي والجيوسياسي الراهن للبلاد، ومؤكدا ولايتي أن «أي شيء في هذا الاتجاه سيكون مدعوما من إيران دون سواه».فتح معبر
إلى ذلك، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، أن طهران فتحت، أمس، معبراً حدودياً مع إقليم كردستان كانت قد أغلقته بعد الاستفتاء.ونقلت وكالة أنباء إذاعة إيران عن مدير جمارك المعبر الحدودي جهانجير باخشي، بعد الاستفتاء والتغييرات داخل منطقة كردستان أغلقنا الحدود مع منطقة كردستان العراق، واليوم أصبح معبر باشماغ مفتوحا، موضحا أن حجم التجارة التي تمر عبر المنفذ يبلغ حوالي 20 مليار دولار سنويا.وبين باخشي أنه من غير الواضح متى سيعاد فتح بقية المنافذ بين إيران وكردستان العراق. ويقع معبر باشماغ على بعد حوالي 50 كيلومترا إلى الشرق من مدينة السليمانية في كردستان العراق.العبادي في أنقرة
ويأتي إقتراح أربيل في وقت أجرى رئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي، أمس، زيارة الى تركيا في إطار جولة إقليمية شملت السعودية ومصر والأردن وتنتهي في إيران.وأعلن العبادي أنه يحمل في جولته مشروع رؤية العراق لمستقبل المنطقة وتوجهه الجديد في مرحلة ما بعد الانتصار على «داعش»، تقوم على «حفظ وحدة العراق وسيادته الوطنية على كامل أراضيه».وكان العبادي قد قال للصحافيين، أمس الأول، إنه سيتباحث مع الحكومة التركية مسألة الاستفتاء وإدارة الحدود بين بلاده وتركيا والتعاون بموضوع المياه.وأجرى العبادي، أمس، سلسلة اجتماعات معلنة ومغلقة مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيس حكومته بن علي يلدريم في أنقرة.وفي مؤتمر صحافي مع العبادي، أكد إردوغان «رغبة بلاده في توسيع نطاق العلاقات العراقية التركية، ودعمه لخطوات الحكومة العراقية في مواجهة تداعيات الاستفتاء، وتوحيد البلاد وفرض سلطة الدولة بقواتها وإرادتها الوطنية، والتعامل المباشر مع الحكومة العراقية وتفعيل مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، وتوسيع العلاقات العراقية التركية ورفع التبادل التجاري».وأعلن الرئيس التركي «استعداد بلاده لإنشاء سد مشترك لمعالجة نقص المياه، وأن الأتراك حريصون على عدم إلحاق الضرر بإخوتهم العراقيين».من جانبه، قال العبادي: «لقد جئنا لتعميق العلاقات وبحث القضايا التي تخص بلدنا، وكذلك التي تخص منطقتنا، وقد حان الوقت لإنهاء النزاعات والحروب التي تسببت في ضياع القدرات واستنزاف الموارد ونزوح الملايين، ولولا هذه النزاعات لكانت دولنا في وضع أفضل، وصوتنا مسموعا في العالم»، محذرا من عودة «داعش» مرة أخرى، قائلا: «أحذر من أن هذا التنظيم خطير جدا، ولو أنه أعطي فرصة سيعود مرة أخرى ليرتكب ما هو أبشع».وقال: «كان هناك مشروع لتفكيك المنطقة وليس العراق فقط، عندما أرادوا إقامة حدود دولة بالدم، ونحن رغم كل ذلك لم نقاتل شعبنا الكردي، وأوامرنا مشددة بعدم المواجهة، وظننا حسن بالبيشمركة، ودعوناهم إلى عدم القتال، والحمد لله أنهم استجابوا، لكن ما يؤسف له هو حملة الكذب والتزييف والادعاءات الباطلة بوجود قوات غير عراقية في كركوك وحولها».وأضاف: «إننا ماضون ببسط السلطة الاتحادية، ومن واجبي حفظ وحدة العراق وسيادته وحماية ثروته»، مؤكدا أن «الحشد الشعبي يتكون من مقاتلين عراقيين، وقد تشكل في ظل ظرف هجمة داعش واحتلاله مدننا وبفتوى السيد علي السيستاني، والحشد الشعبي اليوم جزء من المؤسسة الأمنية للدولة وفق قانون أقره البرلمان، ونحن نرفض وجود أي قوة مسلحة خارج إطار الدولة، ومن غير القوات العراقية، كما لن نسمح بوجود أي قوة على أرضنا تعمل ضد دول الجوار، وهذا التزام دستوري نتمسك به».