تنقيح
لا بد من أن نسأل أنفسنا بكل صراحة: كيف ننفق ساعات يومنا؟ وهل سيعود علينا الروتين الحالي بالمنفعة أم الضرر مستقبلاً؟ مجرد تغييرات بسيطة قد يكون لها الأثر الأعمق على حياتنا وصحتنا، كإضافة بضع دقائق من التمارين أو القراءة وتقليل ساعات الجلوس أمام شاشة الهاتف.
شخصيتك هي عبارة عن متوسط الأشخاص الخمسة الذين تقضي جل وقتك معهم، هذا ما يقوله مدرب التنمية الذاتية العالمي جيم رون؛ لذلك لا بد من "فلترة" وحسن انتقاء جلسائك، وقضاء الوقت مع من يفيدك ويشجعك على النمو والتطور، وتجنب التسكع مع من لا وجهة له– وما أكثرهم في زمن الثقافة الاستهلاكية!– وأيضاً ترك من يقوم بإحباطك باستمرار دون وجه حق. فوقتنا في الحقيقة محدود جداً، هو كالوهم، توهمنا سيولته بأنه لا ينتهي... فيا لها من خسارة أن نهدره بالتافه والسطحي من الأمور، فذلك لا يعني أنه لا وقت للراحة والمرح، ولا يعني حرق جسور الوصال مع من لا نتفق معه، لكن إعادة رسم حدود العلاقات الاجتماعية قد تكون ضرورة أحياناً.
ويمكننا تطبيق مبدأ "الفلترة" والتنقيح ذاك على صعد أخرى، فحسابات التواصل الاجتماعي التي نتابعها يومياً ولساعات طويلة لها تأثير كبير جداً في تشكيل قناعاتنا ونظرتنا للأمور، وهنالك العديد من الحسابات الممتعة والتي تخاطب اهتماماتنا وتلهمنا، يمكننا متابعتها بدلاً من اللهاث وراء الفشلة والمهرجين الذين يتم التسويق لهم لأسباب تجارية بحتة بكل أسف.كذلك فإن شخصياتنا تتشكل بطبيعة الأنشطة التي نقوم بها بشكل يومي، كما يذكر الفيلسوف ويل دورانت: "نحن ما نقوم بعمله باستمرار، لذا فإن التميز عادة لا صفة". هنا لا بد من أن نسأل أنفسنا بكل صراحة: كيف ننفق ساعات يومنا؟ وهل سيعود علينا الروتين الحالي بالمنفعة أم الضرر مستقبلاً؟ مجرد تغييرات بسيطة قد يكون لها الأثر الأعمق على حياتنا وصحتنا، كإضافة بضع دقائق من التمارين أو القراءة وتقليل ساعات الجلوس أمام شاشة الهاتف، تلك التعديلات على الرغم من بساطتها فإنها أشبه بقطرات المطر التي تنحت الصخور في تأثيرها.تطهير بيئتنا بشكل دوري وإعادة النظر فيما يدخل عالمنا- من أشخاص وكلمات وصور- أمران منعشان يبعثان التجدد في النفوس ويخلقان بدايات بيضاء جديدة كي يكون القادم أجمل وأنقى.