في الحلقة السابقة عرضنا جانبا مهما من حياة عمرو موسى في الحقبة الناصرية، وكيف عايش هزيمة 1967، وتغيرت نظرته للرئيس جمال عبدالناصر، وشعر بصدمة يونيو ومرارة الهزيمة، وكيف أنه ألمح إلى أن التظاهرات التي خرجت إلى الشارع تحت شعار «لا تتنح» جرى لها ترتيب ما، لكنه في الوقت ذاته قال إن الجمهور كان رافضاً لمغادرة عبدالناصر السلطة، وعرضنا كذلك لقصة تعرفه على ليلى عبدالمنعم بدوي، وكيف أدت الأقدار دوراً في زواجه منها.. أجواء أخرى من تلك التي عايشها رجل الدبلوماسية المخضرم إبان حكم الرئيس الأسبق أنور السادات نعرضها في السطور التالية، كما رواها على لسانه في كتاب مذكراته «كتابيه»:أنهيت فترة خدمتي الأولى في وفد مصر الدائم بالأمم المتحدة، وعدت إلى مصر في 29 ديسمبر سنة 1972م، للعمل في مكتب وزير الخارجية، كانت سنة 1972م من السنوات القليلة التي شهدت تغييرات متتالية في وزارة الخارجية، فقد بدأ العام ومحمود رياض وزيرا للخارجية، لكنه في 17 يناير استقال ليشغل منصب الأمين العام للجامعة العربية، وخلفه الدكتور مراد غالب، وكان سفيراً ممتازاً لنا في موسكو، لكنه لم يصمد في الوزارة وتم تغييره في 8 سبتمبر من العام نفسه، ليحل محله الدكتور محمد حسن الزيات، رئيس وفد مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، الذي اختارني عضواً في مكتبه.
قال السفير عثمان بلهجة سريعة وحادة: "عمرو.. عمرو.. اصح بسرعة.. الحرب بدأت في جبهة قناة السويس ويبدو إننا ماشيين كويس"، انتفضت من على سريري وأنا أقول له: "أوعى تكون نفس البيانات بتاعت زمان، وأننا أسقطنا 70 طيارة و80 طيارة" قال لي: "ربنا يستر.. تعالى بسرعة الوزير عامل اجتماع للوفد كله".أعددت نفسي بسرعة البرق، وهرعت "جريا" إلى مقر البعثة التي كانت تبعد نحو 300 متر عن فندق "هامبتون هاوس" الذي كنت أقيم فيه، بمجرد وصولي وجدت السفير عثمان أمامي، كانت الساعة قد اقتربت من الثامنة صباحاً بتوقيت نيويورك (الثالثة بعد الظهر بتوقيت القاهرة) قال لي: أنباء الحرب حقيقية، ويبدو أن قواتنا المسلحة قد بدأت عبور القناة، بدأنا نفرح لكن بحذر إلى حين أن يتم تأكيد المعلومات، ولما بدأت وسائل الإعلام الأميركية ووكالات الأنباء العالمية تؤكد من إسرائيل أخبار عبور الجيش المصري لقناة السويس وتقدمه بطول الجبهة عمت الفرحة أوساط الوفد المصري.في 25 سبتمبر 1973م سافرت ضمن الوفد الذي رافق الوزير الزيات إلى اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك، ومضت الأمور عادية في أروقة المنظمة الدولية الأكبر في العالم حتى مساء 5 أكتوبر، فالأجواء في نيويورك كانت تشير إلى أن شيئاً ما قد يحدث في الشرق الأوسط، مع تواتر أحاديث عن حشود عسكرية عربية وحشود إسرائيلية مضادة، لكنني بعد أن رجعت من الإفطار الرمضاني الذي أقامه الدكتور عصمت عبدالمجيد المندوب الدائم لمصر في الأمم المتحدة – آنذاك – للوفد كله بمنزله (يوم 5 أكتوبر)، خلدت إلى النوم نحو منتصف الليل، إلى أن أيقظني تليفون وكيل وزارة الخارجية، السفير الدكتور أحمد عثمان عند السابعة والنصف صباحاً بتوقيت نيويورك.
خط بارليف
عندما انعقد مجلس الأمن يوم 8 أكتوبر للبحث في شكوى إسرائيل ضد مصر واتهامها بالعدوان عليها، كانت القوات المسلحة المصرية قد أتمت عبورها إلى الشط الشرقي لقناة السويس، وصدت بمنتهى القوة الهجوم المضاد الرئيسي للعدو، وهو ما انعكس بشدة على أدائنا في أثناء جلسة مجلس الأمن. دخلنا مجلس الأمن ونحن نشعر بقوة لم نشعر بها منذ احتلال أراضينا في سنة 1967م، جلس الوزير الزيات على رأس الوفد المصري، وخلفه الدكتور عصمت عبدالمجيد، المندوب الدائم، وأنا في مقعد المشكو في حقه، وجلس مندوب إسرائيل ومرافقون له في مقعد الشاكي، جاءت لي ورقة من المستشار الصحافي المصري يخطرني فيها بأن خط بارليف قد سقط في أيدينا، وأن قواتنا تتمسك بمواقعها شرق القناة، وما معناه أنها صدت الهجوم المضاد الرئيسي للعدو، وأن عدداً كبيراً من الجنود الإسرائيليين وقعوا في الأسر". وضعت هذه الورقة – التي كانت مكتوبة بالإنكليزية – فوراً أمام الزيات، فقال لي: اذهب وأعطها للسكرتير العام للأمم المتحدة، الذي أعلن النبأ في أثناء انعقاد الجلسة، وفي أثناء عودتي إلى مقعدي عشت أسعد لحظات حياتي، كانت الشرفات تضج بالفرحة العربية، كان بعض الدبلوماسيين يبكون بطريقة هيستيرية من شدة الفرح بالانتصار العربي على الغطرسة الإسرائيلية، انقلب مجلس الأمن إلى مظاهرة فرح عربية لا مثيل لها.وقف إطلاق النار
أتذكر برقية مهمة وصلتنا من القاهرة يوم 11 أكتوبر 1973 وتضمنت إشارات لملامح عرض بريطاني لوقف إطلاق النار تحولت إلى عرض فعلي في مساء يوم 13 أكتوبر تلقاه السادات من السفير البريطاني في مصر فيليب آدمز، لكن الرئيس المصري رفضه، وفي تصوري أن هذا العرض البريطاني في توقيته كان فرصة ثمينة لوقف الحرب بعد أن حققت مصر مكاسب كبيرة، فلو توقف القتال في هذا التاريخ، ما احتجنا لتطوير الهجوم إلى خط المضايق الجبلية الاستراتيجية (50 كيلو متراً شرق قناة السويس) صباح يوم 14 أكتوبر والذي لم يحقق أهدافه، والذي ترتب عليه حدوث ثغرة اختراق العدو لمواقعنا عند منطقة الدفرسوار.الطريق إلى القدس
في النصف الثاني من سنة 1977م، كانت وزارة الخارجية تسابق الزمن استعداداً لاستئناف مؤتمر جنيف للسلام، الذي حدد له شهر ديسمبر من نفس العام، والذي كان من المنتظر أن تنطلق فيه عملية التفاوض مع إسرائيل، برعاية الأمم المتحدة، كانت هناك عقبة عملنا على حلها، وهي الخاصة بتمثيل الفلسطينيين في هذا المؤتمر، لأن الإسرائيليين أعلنوا عدم موافقتهم على الجلوس على مائدة المفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية، وبحسب إسماعيل فهمي، فإن هذه العقبة كانت في طريقها للحل حيث أبلغنا بأن "ياسر عرفات أسر إلى الرئيس السادات بقبوله بأن يمثل المنظمة الأستاذ إدوارد سعيد، وهو أستاذ أميركي من أصل فلسطيني ومحل ثقة". الواضح من تصرفات الإسرائيليين خلال تلك الفترة أنهم كانوا لا يرغبون في إجراء اتصالات مباشرة مع العرب مجتمعين، كانوا يريدون مفاوضات ثنائية مباشرة مع كل بلد مشارك في النزاع على حدة، لأنهم كانوا يعتقدون أن تفاوضهم بشكل ثنائي مع كل بلد بمفرده يمنحهم حرية حركة أوسع، ويزيد من قدرتهم على المناورة، ويقلل من حجم التنازلات التي يمكن أن يضطروا إليها إذا ما فاوضوا الجانب العربي مجتمعاً. في هذه الأثناء تلاقت رغبة الرئيس السادات في التفاوض الثنائي مع رغبة الإسرائيليين، وتم ترجمة ذلك على الأرض من خلال تحرك رئيس وزراء إسرائيل مناحم بيجن في اتجاه إجراء مفاوضات مباشرة مع مصر، بإعلان رغبته تلك إلى الملك الحسن الثاني، عاهل المغرب في هذا الوقت، الذي بدوره نقل إلى السادات رغبة بيجن، وبناء عليه أرسل الأخير، حسن التهامي، إلى الرباط لمقابلة موشى ديان، دون إبلاغ وزير خارجيته إسماعيل فهمي، وتم ذلك برعاية الملك الحسن في يوم 4 سبتمبر 1977م. مع كل يوم يمر كان عزم وتصميم السادات يزيد على الإقدام على ضربة يكون لها دوي كبير ليس فقط في الشرق الأوسط، بل في العالم كله، كان الرجل مصمماً على إحداث صدمة تهز الموقف المتجمد في المفاوضات التي تتم عبر وسطاء، أو إن شئت قل وكلاء لهم مصالحهم بل سماسرة، كان هم الرئيس منصباً على استعادة سيناء بأية وسيلة، وأن ينهي تماماً أثار الهزيمة العسكرية عام 1967.وفي غضون ذلك عرض الرئيس الروماني نيكولاي تشاوشيسكو على الرئيس القيام بوساطة بين مصر وإسرائيل في أثناء زيارة السادات وإسماعيل فهمي للعاصمة الرومانية بوخارست يوم 28 أكتوبر 1977م، قال تشاوشيسكو للرئيس:"إن بيجن رجل قوي وجاد إذا ما رغب في العمل، وهو مصمم بجدية على إتمام معاهدة سلام مع مصر". لكن السادات لم يأخذ في اعتباره سوى الرسالة التي تتحدث عن جدية بيجن ولم يلتفت إلى عرض الوساطة الروماني، لأنه كان قد جهز نفسه للقيام منفرداً ومن دون وساطات بتلك الضربة التي ستحدث ذلك الدوي العالمي الهائل، وهو ما حدث بالفعل ولا يزال صداها مسموعاً إلى اليوم.كانت ضربة السادات تتمثل في عرض مبادرة مصرية للسلام، واستعداده لزيارة القدس، وإلقاء خطبة تاريخية أمام الكنيست الإسرائيلي...السادات في القدس
يوم وصول السادات إلى القدس كنت في الإسكندرية لقضاء إجازة عيد الأضحى، ذلك أنني لم أكن ضمن مجموعة العمل التي اختارها بطرس غالي (وزير الخارجية وقتذاك) لمعاونته في أثناء الزيارة، والتي كانت تضم أسامة الباز، الذي كان مع الرئيس السادات، والسفير حسين حسونة، الذي كان سفيرنا في يوغسلافيا ثم المغرب ورئيس مكتب الجامعة العربية في واشنطن ونيويورك بعد ذلك، اختاره بطرس غالي ليكون مساعداً له وعضوا في الفريق المسافر، وأرسله إلى إسرائيل قبل وصول السادات للتعرف على المشرفين على المباحثات المقبلة.لحظة وصول السادات إلى القدس يوم وقفة عرفة كانت لحظة مهيبة، فالناس في مصر والعالم العربي والعالم كله أمام عدسات التلفزيون، الجميع يريد أن يشاهد لحظة وصول أنور السادات إلى إسرائيل، وبرغم أجواء العيد التي تشهد زحاماً وزخماً في مصر فإن الشوارع كانت في حالة هدوء. كنت مأخوذا وأنا أجلس مع أسرتي أمام التلفزيون من ضخامة الحدث، كان صعباً علينا ونحن شباب وعرب متشربون عداء إسرائيل أن نرى رئيس أكبر دولة عربية – رئيسنا – في ضيافة إسرائيل، بعد كل الحروب التي خضناها معهم، لقد هزت زيارة السادات المعتقدات التي تربينا ونشأنا عليها، وبقيت معنا سنوات وسنوات.صحيح أنني كنت ممن يرون حتمية التفاوض المباشر مع إسرائيل، ولكن لم أتصور هذا الإخراج الدرامي الهائل، كان هذا تقديري وقتها، بعد ذلك اقتنعت بأن الاتصالات على مستويات أقل ربما لم تكن لتؤدي الغرض إنما الصدمة "shock" التي أحدثها أنور السادات هي التي ساعدت ودفعت للأمام كل الإجراءات التالية في عملية السلام حتى استعادة سيناء.باختصار، أنا من المؤمنين بأنه من دون جسارة السادات وإقدامه على هذه الزيارة التي حشرت إسرائيل في الزاوية ما كنا نجحنا في استعادة كامل أراضي سيناء إلى اليوم، كانت أجزاء كبيرة منها– على الأقل – ستظل محتلة حتى اليوم مثل الجولان والضفة الغربية.اغتيال الرئيس
في سبتمبر سنة 1981م انتقلت للعمل في نيويورك مندوبا مناوباً لمصر في الأمم المتحدة، أي نائباً للمندوب الدائم أو نائب رئيس الوفد المصري، وفي فجر يوم 6 أكتوبر (من نفس العام) بتوقيت نيويورك اتصل بي أحد الصحافيين الأميركيين وقال لي: "حدثت مذبحة" "carnage" في القاهرة في عرض عسكري، جرح أناس كثيرون ومنهم الرئيس أنور السادات"، بعده بقليل اتصل بي صحافي آخر وكرر نفس الكلام، ثم اتصل بي صحافي مصري وقال لي: يبدو أن الرئيس السادات قد قتل.كنت من يترأس الوفد المصري في الأمم المتحدة في تلك الفترة، نظراً لغياب رئيس الوفد وهو الدكتور عصمت عبدالمجيد الذي كان يؤدي مناسك الحج وقتها، اتصلت بوزارة الخارجية في السابعة صباحاً بتوقيت نيويورك (حوالي الثانية بعد الظهر في القاهرة) لأسأل عما حدث في مصر، فوجدت تحفظا في الرد، فطلبت مدير مكتب الوزير، وقلت له: أنا أسأل عن مصير الرئيس السادات ولا أحد يجيبني، وأنا عندما أسأل عن هذا الأمر، فذلك ليس مرده الفضول الشخصي من جانبي، أو رغبة في المعرفة فقط، ولكن لأنه في حالة إذا ما كان الرئيس قد قتل فعلاً، فلابد أن نرتب له حفل تأبين يليق به في الأمم المتحدة، وإذا بدأنا في هذه الإجراءات والترتيبات مبكراً فسنستطيع عقد جلسة خاصة للجمعية العامة، ندعو فيها وفود الدول لتأبين الرئيس، ولذلك أرجو أن أحاط علماً بالأمر الآن، أو في ظرف ساعة على الأكثر.كلمت الأمين العام للأمم المتحدة كورت فالدهايم، فوجدته على علم بالتطورات التي وقعت في القاهرة، لكن لا علم له بمصير الرئيس السادات، قلت له: يبدو أن الأمر خطير واحتمالات وفاة الرئيس السادات تبدو قائمة، وأطلب من الآن عقد جلسة خاصة للجمعية العامة لتأبينه، فوافق الرجل، وقال لي: سأبلغ مساعدي ليستعدوا لذلك، وسأكون على اتصال بك. في هذه الأثناء كنت قد استدعيت كل أعضاء البعثة المصرية إلى مقر البعثة، وقلت لهم: سنعمل وكأن الرئيس قد قُتل فعلاً، وبالتالي علينا إحضار أكثر من دفتر لتوقيعات المعزين من الوفود الأخرى، مع صور كبيرة الحجم للسادات، وإعداد الأماكن اللازمة لاستقبال كبار المعزين، والاتصال بالشرطة لإبلاغهم بذلك وبأن مقر البعثة سيستقبل عدداً من الشخصيات الدولية.في هذه اللحظة كلمني أحد السفراء من القاهرة، وقال لي: أنا أتحدث إليك من مكتب الوزير وأود أن أخطرك بأن الرئيس قد مات بالفعل، لكننا لا نريد إعلان ذلك الآن قلت له: أنتم لا تريدون إعلان مقتل الرئيس الآن، لكنني أود أن أبلغك بأن هذا الأمر أصبح شائعة معلومة تدور في أركان العالم الأربعة، بل إن هناك يقيناً عند كثيرين في أروقة الأمم المتحدة بأن الرئيس قد اغتيل، بل هناك تأكيد أميركي بأن الرئيس قد تم اغتياله، ولذلك سأعمل على عقد جلسة خاصة للجمعية العامة لتأبين الرئيس في الساعة الثالثة عصراً بتوقيت نيويورك، وأنا أخطرك رسمياً بهذا الأمر، وبالتالي أرجو أن يكون لدي تأكيد رسمي وفوري من وزارة الخارجية بالخطوات التي أستعد لها بعقد جلسة خاصة في الجمعية العامة للأمم المتحدة.وهنا أود أن أشير إلى أن مصرع الرئيس السادات كان حدثا جللاً على مستوى العالم كله، لأن الرجل كان قد أصبح شخصية عالمية ذات وجود سياسي وشخصي كبير جداً بعد حرب أكتوبر وبعد إقدامه على مبادرة السلام مع إسرائيل، الذي يعتبر انقلاباً دبلوماسيا في الشرق الأوسط يتعلق بقضية تعتبر الأولى سياسياً في العالم في النصف الثاني من القرن العشرين. وبرحيل الرئيس السادات طويت صفحة مهمة جداً من تاريخ مصر والشرق الأوسط والصراع العربي – الإسرائيلي، وبدأ عصر حسني مبارك.لقاء السادات للمرة الأولى
المرة الأولى التي شاهدت فيها الرئيس السادات وجهاً لوجه كانت في يوليو 1977م في إحدى زياراته للنمسا، التي كان يتردد عليها نظراً إلى العلاقة المتميزة التي كانت تجمعه بالمستشار النمساوي الأسبق الدكتور برونو كرايسكي. كان السادات ووزير خارجيته إسماعيل فهمي يقيمان في أحد الفنادق الفخمة في فيينا، في حين ينزل في فندق آخر أقل فخامة بقية الوفد المصري الذي كنت عضواً فيه باعتباري مساعداً للوزير إسماعيل فهمي، حدث أن استدعاني الوزير في يوم من أيام الزيارة للترتيب لأمر ما فذهبت إلى الفندق الذي يقيم فيه هو والرئيس، فور دخولي "المصعد" في أثناء توجهي لجناح وزير الخارجية دخل الرئيس السادات ومعه مدير مكتبه محمود عبد الناصر إلى المصعد، ومن دون أي حارس أو مرافق معهما وهو أمر غريب، نظر إليّ الرئيس ربما متعجباً أنني لم أترك له المصعد فقدمت له نفسي وباب المصعد يغلق علينا نحن الثلاثة، قلت: أنا فلان الفلاني من وزارة الخارجية وجئت لأقابل الوزير، فقال لي مداعباً: هو الوزير هنا؟ قلت مبتسماً: "لازم يا سيادة الرئيس".قال ضاحكاً: طيب، لو كان هنا كان هو اللي هيبقى واقف هنا مطرحك، وقهقه بصوت عال على طريقته المعروفة، وأنا ابتسمت للملاحظة غير المفهومة، وانتهى اللقاء بنزوله إلى جناحه الذي كان يسبق جناح الوزير بدور في الفندق.