بعد أسبوع من مذبحة "الواحات" التي كان ضحاياها ما بين 16 و53 ضابطاً ومجند شرطة، ردت قوات الأمن المصرية، اليوم، بعملية لضرب بؤر الإرهابيين في المنطقة الصحراوية غربي مدن شمال الصعيد، إذ نجحت القوات في قتل 13 إرهابياً مسلحاً، بالكيلو 47 بطريق أسيوط - الخارجة (جنوبي غرب القاهرة)، في إطار حملات لمطاردي العناصر الإرهابية، التي بدا أنها تنشط في العمق المصري في الأونة الأخيرة، فضلاً عن وجودها في شبه جزيرة سيناء.وقالت وزارة الداخلية في بيان رسمي، اليوم، إنه "في إطار جهود الوزارة المتصلة بملاحقة العناصر الإرهابية الهاربة والمتورطة في تنفيذ عمليات العنف، التي شهدتها البلاد خلال الفترة الأخيرة، تم على مدار الأيام الماضية تنشيط المصادر المتعاونة، ودفعهم لرصد أي معلومات حول أماكن تمركز العناصر المشتبه فيها، خصوصاً الواقعة بمزارع الاستصلاح الكائنة بالمناطق النائية بمحافظات الجيزة والوجه القبلي باعتبارها ملاذاً آمناً لهؤلاء العناصر للاختفاء والانطلاق لتنفيذ مخططاتهم العدائية".
وأضاف البيان: "كشفت عمليات المتابعة ومعلومات قطاع الأمن الوطني عن تمركز مجموعة من العناصر الإرهابية بإحدى مزارع الاستصلاح بالكيلو 47 بطريق أسيوط/الخارجة"، فتم استهداف المزرعة بعد استئذان نيابة أمن الدولة العليا، لكن القوات، التي بدأت في اتخاذ إجراءات حصار المنطقة فوجئت بإطلاق أعيرة نارية تجاهها بكثافة مما دفعها للتعامل مع مصدر النيران، وأسفرت عمليات التمشيط، عقب السيطرة على الموقف، عن العثور على 13 جثة، يرتدي بعضهم ملابس عسكرية، فضلاً عن أوراق تنظيمية وكتب دينية.وقال مصدر أمني بوزارة الداخلية لـ"الجريدة"، إن الأجهزة الأمنية المصرية وجهت ضربة قوية للعناصر الإرهابية ثأراً لدماء رجالها الذين استشهدوا الأسبوع الماضي بطريق الواحات، كاشفاً أن المعلومات المتوفرة تؤكد أن العناصر، التي تم قتلها على صلة بخلية الإرهابي الهارب عمرو سعد، وهي الخلية المتورطة في تنفيذ هجمات على كنائس خلال العام الحالي.وأوضح المصدر أن الأجهزة الأمنية فتشت المنطقة بشكل كامل بحثاً عن النقيب محمد الحايس، الذي اختفى إثر هجوم الواحات 20 أكتوبر الجاري، ولم يتم العثور عليه أو على جثته بعد، كاشفاً أن المعلومات المتوفرة تؤكد أن معسكرات الإرهابيين في المنطقة الهدف منها احتواء المقاتلين العائدين من ليبيا وسورية وسيناء.وبدأت نيابة أمن الدولة العليا تحقيقاتها في أحداث الاشتباكات، وانتقل محققو النيابة إلى موقع الحادث لإجراء المعاينات اللازمة، ومناظرة جثامين القتلى، والوقوف على نوعية الأسلحة التي كانت بحوزة المسلحين، وتقرر تكليف خبراء مصلحة الأدلة الجنائية بإجراء تحليل الحمض النووي لتحديد هوية القتلى.
اجتثاث الإرهاب
وأكد مساعد وزير الداخلية الأسبق، اللواء محمد نورالدين لـ"الجريدة"، أن العناصر الإرهابية تستغل الدروب والمدقات في الصحراء الغربية لتدريب العناصر الجديدة والتخطيط لهجمات إرهابية، فضلاً عن استغلال الجبال الموجودة غربي محافظات بني سويف والمنيا وأسيوط للاختباء بعيداً عن أعين الأمن، مضيفاً: "الضربات الأمنية الاستباقية تكشف عن قدرة الداخلية المصرية على اقتلاع هذه البؤر، خصوصاً أن التحركات الأمنية تكشف عن معلومات دقيقة بأماكن تواجد الإرهابيين في الصحراء الغربية".من جهته، قال خبير الحركات الإسلامية، أحمد بان لـ"الجريدة"، إن هناك سعياً من العناصر الإرهابية المتواجدة في ليبيا لدخول مصر وتكوين بؤر إرهابية بها، ما يكشفه إعلان الجيش المصري إحباط أكثر من هجوم على الحدود مع ليبيا، وتابع: "هدف هذه العناصر التمركز في الجبال القريبة من محافظات شمالي الصعيد، والمفتوحة على الصحراء الغربية، للقيام بعمليات في صعيد مصر ثم العودة مرة أخرى إلى ليبيا"، مستبعداً نجاح الإرهابيين في مسعاهم بسبب الضربات الأمنية المتلاحقة.في السياق، وفيما أشادت دار الإفتاء المصرية بالضربة الأمنية الناجحة، ثمن وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان يحيى كدواني، عملية الداخلية، قائلاً، إن العمليات الأمنية التي تتم أخيراً لها طابع "ثأري"، وأنه يستهدف منها توجيه ضربات موجعة للإرهابيين، كاشفاً عن استعداد النواب لأي تدخل تشريعي أو مجهود لدعم الجيش والشرطة في مواجهة الإرهاب.زيارة واشنطن
في غضون ذلك، بدأ رئيس البرلمان المصري علي عبدالعال اليوم، زيارة إلى العاصمة الأميركية واشنطن، على رأس وفد برلماني لإجراء مباحثات مع قيادات الكونغرس الأميركي حول سبل دعم العلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك، إذ يعقد عبدالعال لقاءات مع رئيس مجلس النواب الأميركي، بول رايان والرئيس المناوب لمجلس الشيوخ الأميركي، أورين هاتش.وقال مصدر برلماني لـ"الجريدة"، إن عبدالعال سيناقش خلال الزيارة ملف عودة المساعدات الأميركية المعلقة لمصر، بسبب انتقادات أميركية لملف القاهرة في حقوق الإنسان، إذ سيتم فتح قانون المنظمات الأهلية الذي سجلت الإدارة الأميركية اعتراضها عليها بسبب تضيقه على حرية عمل المنظمات الحقوقية، كما سيناقش ملف مكافحة الإرهاب وجهود مصر فيه، وضرورة دعمها في هذا الإطار.عودة واستعداد
إلى ذلك، عاد الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى القاهرة، أمس بعد انتهاء زيارته لفرنسا، التقى خلالها بنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، ووصف مصدر رئاسي رفيع المستوى نتائج الزيارة لـ"الجريدة" بـ"الناجحة"، بعدما حققت ما كان مخططاً لها، لاسيما في المجال العسكري والاقتصادي، فيما أعلن سفير فرنسا بالقاهرة ستيفان روماتيه، أن الزيارة شهدت لقاءات مكثفة وتوقيع اتفاقات بقيمة 440 مليون يورو لتمويل مشروعات تنموية متنوعة في مصر.في الأثناء، تواصلت استعدادات الرئاسة المصرية لمنتدى شباب العالم، المقرر أن تستضيفه مدينة شرم الشيخ، خلال الفترة من 4 إلى 10 نوفمبر المقبل، وقال مصدر، إن الاستعدادات تتواصل على مدار الساعة لوضع التفاصيل الدقيقة لكل الاجتماعات والمناقشات والمحاور وورش العمل، بما في ذلك الجزء اللوجستي المتعلق بالاستضافة، فيما أعلن المنتدى عن دعوة شباب العالم للمشاركة في المنتدى.