الوظيفة الأشد صعوبة في الصين
فترة الهدوء إزاء اليوان في هذه السنة كانت مضللة نتيجة ضعف الدولار الذي عزز احتياطيات العملات الأجنبية في الصين، وأي انعكاس في مسار الدولار، على شكل حصيلة محتملة لتشديد مجلس الاحتياطي الفدرالي لميزانيته، سوف يعرض اليوان لضغوط كبيرة مجدداً.
أيا كان الشخص الذي يترأس البنك المركزي الصيني، فإنه سوف يتسلم منصباً يحفل بالمخاطر.جو ياوتشوان هو حاكم بنك الشعب في الصين وقد عمل على توجيه سياسة البلاد المالية طوال معظم سنوات القرن الحادي والعشرين، وكان قد عين في هذا المنصب في سنة 2002 وبعد وقت قصير من انضمام الصين الى منظمة التجارة الدولية كما ساعد في توجيه اقتصاد بلاده خلال الأزمة المالية العالمية، وتمكن يومها من اكتساب درجة واسعة من الاحترام في بلاده وسمعة طيبة في الخارج بسبب حكمته الليبرالية.وفي الآونة الأخيرة انتقد ياوتشوان في منتدى في شهر يونيو سياسة الحمائية في القطاع المالي الصيني.وفي مقابلة أجريت معه في هذا الشهر دعا الى تحرير اليوان، كما حذر في اجتماع عقد في واشنطن أخيراً من الزيادة المفرطة في ديون الشركات. ويبدو أن هذا الرجل الذي بلغ سن التقاعد الآن قد أصبح خارج اللعبة وسوف تنتهي مهمته في العام المقبل بعد أن بلغ السبعين من العمر.
والسؤال هو ما الذي ينتظر خليفته؟أيا كان من سوف يشغل منصب حاكم البنك المركزي الصيني فإن مسار السياسة أمامه محفوف بالمخاطر. وعلى الرغم من محاولات بكين الحثيثة لجعل اليوان عملة عالمية فإنها لا تستطيع بسهولة اصلاح سياستها المتعلقة بمعدلات صرف العملات الأجنبية أو تخفيف الرقابة على رأس المال من دون أن يفضي ذلك الى طوفان من التدفق النقدي نحو الخارج. وكانت فترة الهدوء المضللة ازاء اليوان في هذه السنة نتيجة ضعف الدولار الأميركي الذي عزز احتياطيات العملات الأجنبية في البلاد وأي انعكاس في مسار الدولار – على شكل حصيلة محتملة لتشديد مجلس الاحتياطي الفدرالي لميزانيته – سوف يعرض من جديد اليوان الصيني لضغوط كبيرة.والصورة ليست أكثر اشراقاً ازاء معدلات الفائدة، ويتبع بنك الشعب الصيني من أجل الحفاظ على ارتباطه السلس بالدولار سياسة نقدية تتسم بمتابعة خطة مجلس الاحتياطي الفدرالي، ولكن الصين والولايات المتحدة في مسارين اقتصاديين مختلفين في الوقت الراهن. وتحتاج بكين الى معدلات فائدة متدنية نسبياً ووفرة في السيولة فيما تخاطر الولايات المتحدة بزيادة الطلب اذا لم يحسن مجلس الاحتياطي الفدرالي معدلات الفائدة ويخفض ميزانيته. واذا اتبع بنك الشعب الصيني سياسة مجلس الاحتياطي الفدرالي – مع ارتفاع معدلات الفائدة وهبوط السيولة – فإنه سوف يعرض اقتصاد بكين المثقل بالديون الى ضغوط هائلة، واذا لم يفعل ذلك فإنه سوف يهدد بانقطاع ارتباط اليوان بالدولار.وتشكل الديون تحديات أشد خطورة، ويحاول بنك الشعب الصيني تنفيذ خطة توازن بالغة الصعوبة من خلال توفير كميات ضخمة من السيولة الى النظام المالي، ومن خلال تسهيلات اقراض تمكن من ضخ 3.2 تريليونات يوان في السنة الماضية. وكان حديث ياوتشوان عن تقييد ديون الشركات منطقياً ولكنه يتعارض مع السياسة الحالية، وقد ارتفعت الديون بحوالي 16.4 في المئة في هذه السنة حتى الآن.القيادة السياسيةوفي خضم كل هذه التحديات تظهر الأهداف المتعارضة المتعلقة بالقيادة السياسية في بكين التي تسعى الى الاصلاح والاستقرار في آن معاً، وليس في وسع الصين تدويل اليوان فيما تعمل في الوقت نفسه على قمع التدفقات النقدية الى خارج البلاد. ويشير هذا الى المشكلة الكبرى التي سوف تواجه الحاكم الجديد للبنك المركزي الصيني، وبخلاف معظم البنوك المركزية لا يستطيع البنك المركزي الصيني الابتعاد عن الجانب السياسي، وبدلاً من ذلك فإن الحزب الشيوعي يملي على البنك المركزي سياسته في العديد من الميادين التي تراوح بين معدلات الفائدة وأسعار صرف العملات الأجنبية. وهكذا فإن اطار العمل الأفضل من أجل فهم طريقة عمل البنك المركزي الصيني تكمن في متابعة اتجاه السياسة في الولاية الثانية للرئيس زياو جين بنغ الذي يبدو غير راغب في التنحي عن السلطة.
مع عمل الصين على قمع التدفقات النقدية إلى خارج البلاد ليس بوسعها تدويل اليوان