الحظ يحالف الرؤساء الديمقراطيين في أميركا
تشير التقديرات المتفائلة إلى أن قرار بوش حول خفض الضرائب في 2001 قد زاد الناتج المحلي الإجمالي بما مجموعه 1.5%، كما أن قرار أوباما حول تحفيز الاقتصاد خفض معدل البطالة بنحو 1.8% وهي نتيجة جيدة لكنها ليست لافتة.
يبدو أن الاقتصاد ينمو بصورة أسرع عند وجود رئيس ديمقراطي في البيت الأبيض، ولكن ليس من الواضح أن سياسة الحزب الديمقراطي هي السبب.كنت أضحك دائماً عندما أرى روايات تسأل كم من فرص العمل أوجدها رئيس أميركي، وهذه اللغة شائعة في وسائل الاعلام وعبر تفاخر البعض من الرؤساء. ومن قبيل الانصاف أقول ان تلك الجملة تختصر فكرة فهم معظم الناس لنمو الوظائف في عهد رئيس معين، ولكن يبدو أن العديد من الناس يعتبرون الرئيس مسؤولاً بشكل شخصي عن تحسن أو تراجع سوق العمل.والسؤال هو ما مدى صحة هذه الفكرة؟ بشكل أساسي يمكننا التحدث عن طريقتين يستطيع سيد البيت الأبيض خلق وظائف من خلالهما – السياسة والبلاغة. وعلى أي حال فإنهما تتسمان بكونهما من الأدوات ذات التأثير المحدود للغاية، ويمكن تنفيذ بعض السياسات من خلال أوامر تنفيذية ولكن معظم التغيرات المهمة حقاً في السياسة يجب أن تصدر عن الكونغرس، واذا حصلت سياسة من نوع ما على موافقة الكونغرس فسوف تؤثر بقوة على الاقتصاد.
معظم السياسات قد لا تخلق الكثير من الفارق في حد ذاتها، وفي بعض الأحيان تتسم سياسات معينة بأهمية من نوع ما كما كان الحال مع قرار جورج دبليو بوش بخفض الضرائب وأوباما كير أو تحفيز سنة 2009، وحتى في تلك الحالات قد يتطلب حدوث تأثير العديد من السنوات.وحتى اذا ساعدت سياسة رئيس الاقتصاد فإن من الصعب تحديد تأثيرها، كما أن التغير في أرقام الوظائف التي أضيفت أو فقدت في كل شهر في الولايات المتحدة منذ يناير سنة 2001 جاء في حوالي 226000 وظيفة، وذلك أكثر من ثلاثة أمثال التغير الشهري الوسطي – وبكلمات اخرى تعتبر فرص العمل متقلبة للغاية. وعلى أي حال فإن تلك اشارة على وجود قوى اخرى في ميدان الاقتصاد وليس الأمر مقتصراً على سياسة الرئيس فقط – وعلى سبيل المثال هناك التغير في العمل التجاري ومشاعر المستهلكين ونماذج التجارة ونمو الانتاجية والسياسات الحكومية الاخرى أو – ببساطة – توقيت اتخاذ القرار، وإضافة الى ذلك يحتاج الأمر الى عدة سنوات من أجل قياس المؤشرات الحاسمة. التقديرات المتفائلةوحتى عندما تكون للسياسة تأثيراتها فإنها قد لا تنطوي على تغير كبير كما يظن بعض الناس، وتشير التقديرات المتفائلة الى أن قرار بوش حول خفض الضرائب في سنة 2001 قد زاد الناتج المحلي الاجمالي بما مجموعه 1.5 في المئة كما أن قرار أوباما حول تحفيز الاقتصاد خفض معدل البطالة بما يصل الى 1.8 في المئة وهي نتيجة جيدة ولكنها ليست لافتة.الطريقة الثانية التي يستطيع الرئيس من خلالها التأثير على الوضع الاقتصادي تتمثل في فن البلاغة، وقد تشجع ثقة الرئيس الشركات والمستهلكين على انفاق المزيد أو أنه سوف يعمد الى التهديد بتنفيذ سياسات خطيرة ربما تخلق الشكوك في أوساط قادة الأعمال وخفض الاستثمار. وقدحاول بعض الاقتصاديين تحديد ذلك من خلال النظر الى مدى تأثير الشك على الأخبار ولكن باستثناء حالات خاصة قليلة كان من الصعب تحديد أسباب ارتفاع وهبوط مستوى الشك.وتوجد أدلة على أن الاقتصاد يميل الى الأداء الأفضل بوجود رئيس ديمقراطي في البيت الأبيض، وهذا ما توصل اليه الاقتصاديان آلان بلايندر و مارك واتسون في سنة 2015، وأكدا أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ترأس الرؤساء من الحزب الديمقراطي فترات اقتصاد أقوى من الرؤساء من الحزب الجمهوري. وقد حدث الفارق من دون النظر الى من يتمتع بالسيطرة على الكونغرس. وقد حكم جون كينيدي وليندون جونسون طوال معظم فترة النمو العالي في حقبة الستينات من القرن الماضي وبيل كلينتون خلال طفرة التقنية في تسعينيات القرن الماضي، بينما لم يكن ريتشار نيكسون محظوظاً لوجوده في البيت الأبيض خلال أزمة النفط في سنة 1973.وثمة جانب آخر يتمثل في نتائج الانتخابات وتأثيرها على الاقتصاد. ويتمثل ذلك في أن الركود يدفع الناخبين من البيض الى التوجه نحو الديمقراطيين، وربما حدث ذلك في انتخابات 1992 و2008.
بشكل أساسي هناك طريقتان يستطيع سيد البيت الأبيض خلق وظائف من خلالهما هما السياسة والبلاغة