الأمم المتحدة: الأسد ضرب خان شيخون بغاز السارين
الغوطة تواجه مجاعة... وتنسيق سوري روسي تركي لجعل «أبو الضهور» قاعدة مشتركة لمراقبة إدلب
طغى تقرير لجنة التحقيق المؤلفة من خبراء في الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية والتصريحات الأميركية على إعلان المبعوث الدولي إلى سورية موعد الجولة الثامنة من محادثات جنيف بين ممثلين للحكومة والمعارضة بهدف تسوية النزاع المستمر منذ ست سنوات.
بعد ساعات من تأكيد واشنطن بألا مستقبل للرئيس السوري بشار الأسد، حملت الأمم المتحدة، أمس ، بوضوح نظامه مسؤولية الهجوم بغاز السارين الذي تسبب بمقتل أكثر من ثمانين شخصاً في بلدة خان شيخون بمحافظة إدلب في 4 أبريل.وخلُص تقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية إلى أنّ نظام الأسد مسؤول فعلاً عن هجوم خان شيخون، مشيراً إلى أن العناصر التي جُمعت تذهب باتجاه "السيناريو الأرجح" الذي يشير إلى أن "غاز السارين نجم عن قنبلة ألقتها طائرة، اللجنة واثقة بأن الجمهورية العربية السورية مسؤولة عن إطلاقه".وبعد ساعات من نشر التقرير، سارع مساعد وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف اليوم، إلى التنديد به، مؤكداً أنه يثبت وجود "العديد من التناقضات وعناصر متضاربة واضحة واستخدام شهادات مشكوك بصحتها وأدلة غير مؤكدة".
وأضاف ريابكوف "خلافاً لمحاورينا الذين يستخدمون هذا التقرير كسلاح لتحقيق أهدافهم الجيوسياسية، قمنا بدرس مضمون الوثيقة بهدوء ومهنية"، موضحاً أن روسيا ستقوم "بتحليل" كامل في وقت لاحق.ونفذت الولايات المتحدة بعد هجوم خان شيخون ضربة عسكرية كانت الأولى ضد النظام منذ بدء النزاع، فأطلقت 59 صاروخاً عابراً من طراز توماهوك من بارجتين أميركيتين في البحر المتوسط، في اتجاه قاعدة الشعيرات العسكرية تم شن الهجوم منها.واعتبرت السفيرة الأميركية نيكي هايلي أن على "مجلس الأمن أن يبعث برسالة واضحة: أيّ استخدام للسلاح الكيماوي لن يكون مقبولاً ويجب توفير دعم كامل للمحققين المستقلين"، مضيفة: "أي بلد يرفض القيام بذلك لا يعتبر أفضل بكثير من الطغاة والإرهابيين الذين يستخدمون هذه الأسلحة الرهيبة".أما وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون فاعتبر أن التقرير يقدم "خلاصة واضحة"، داعياً "المجتمع الدولي إلى الاتحاد من أجل تحميل نظام الأسد المسؤولية، وروسيا إلى الكف عن دعم حليفها المقيت والالتزام بتعهدها".بدوره، أكد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين، اليوم، أن الوضع في غوطة دمشق الشرقية المحاصرة صادم وعلى أطراف الصراع أن تسمح بدخول المواد الغذائية والأدوية إلى ما لا يقل عن 350 ألف سوري محاصر، مشيراً إلى صور مخيفة لأطفال يعانون سوء تغذية حاداً.ووسط تحذيرات من السكان وموظفي إغاثة من أن الحصار الخانق دفع الناس إلى شفا المجاعة، قال الأمير زيد: "أذكر كل الأطراف بأن التجويع المتعمد للمدنيين كوسيلة من وسائل الحرب يشكل انتهاكاً واضحا للقانون الإنساني الدولي ويشكل جريمة ضد الإنسانية أو جريمة حرب". وذكر البيان أن لدى مكتب الأمير زيد قائمة من عدة مئات من الأشخاص يحتاجون إجلاء طبيا لكن يتردد أن الحكومة تفرض قيوداً مشددة على ذلك مما أدى لوفاة عدة مدنيين.
قاعدة مشتركة
ميدانياً، كشفت مصادر إعلامية مقربة من النظام عن بدء تحرك وحدات عسكرية ليل الخميس- الجمعة من ريف حماة والتوغل في ريف محافظة إدلب الشرقي، موضحة أن مجموعات "درع القلمون" دخلت عبر وادي العذيب وسيطرت دون اشتباكات على قرية الجب الأبيض ووضعت نقاط تمركز بداخلها بعد انسحاب مسلحي المعارضة.ولفتت المصادر، إلى أن القوات الحكومية تعمل حالياً على السيطرة على بلدة الرهجان، مسقط رأس وزير الدفاع العماد فهد الفريج، تمهيداً للتوغل نحو الشمال الشرقي حتى الوصول إلى مطار أبو الضهور العسكري، الذي خسرته مطلع عام 2015 لمصلحة المعارضة. وألمحت المصادر إلى وجود تنسيق سوري روسي تركي بخصوص وصول الجيش إلى مطار أبو الضهور والسيطرة عليه لجعله قاعدة سورية روسية مشتركة لمراقبة منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب عموماً.في هذه الأثناء، أعلنت رئاسة الأركان التركية اليوم عن نقطة ثانية لمراقبة خفض التصعيد في إدلب، موضحة أنه تم إنشاؤها في 23 أكتوبر أي بعد عشرة أيام من تشكيل الأولى وقواتها مستمرة بالعمل على تشكيل نقاط أخرى بالمحافظة.ومع انقشاع غبار المعركة مع "داعش"، يخشى مؤيدو قوات سورية الديمقراطية (قسد) أن يتحول الغضب من دمار الرقة إلى اضطرابات تضعهم في مواجهة من كانوا أكثر تعاطفاً مع التنظيم أو من يعارضون ما تبدو على نحو متزايد سيطرة كردية على المدينة التي تسكنها أغلبية عربية.وأطلقت "قسد" الرصاص الحي اليوم على المئات من أهالي حي المشلب ومنعتهم من الدخول إلى حيهم وتفقد منازلهم.ويخشى سكان الرقة المصدومون من تفجر صراع جديد أساسه إعادة إعمار المدينة، التي أصابها مثلما أصاب مدناً سورية أخرى كحلب وحمص من دمار، إذ يحتاج إلى سنوات، مما يعني بقاء كثير منهم بلا مأوى وقتاً طويلاً الأمر الذي يثير الغضب من القوات التي ساعدت في القضاء على "خلافة" التنظيم. ورحب الكثيرون من السكان بالفصائل ذات الأغلبية الكردية، التي تدعمها الولايات المتحدة رغم أن الضربات الجوية قتلت أقاربهم، لكن نشوة النصر تبددت مفسحة الطريق أمام حقيقة مفادها بأن المعركة لم تترك شيئاً يعود إليه معظم الناس.
الدمار يغذي المخاوف من اندلاع صراع جدي في الرقة