أحالت الحكومة ممثلة في الهيئة العامة لمكافحة الفساد «نزاهة» تقريرها بشأن الإجراءات والضمانات اللازمة لعدم تكرار التجاوزات المتعلقة بقضايا التحويلات والإيداعات المليونية إلى مجلس الأمة.
ويأتي هذا التقرير استجابة لموافقة المجلس على التوصية النيابية بشأن فتح باب قبول شكاوى أو بلاغات جديدة بشأن قضايا الإيداعات والتحويلات المليونية، وتقديم تقرير متكامل عن الإجراءات الحكومية المطلوبة لمنع تكرار هذه القضايا.
وأكدت هيئة مكافحة الفساد، وفقاً لكتاب النائب العام ضرار العسعوسي، بأنه لا مانع لدى النيابة من أن تتلقى الهيئة بلاغات أو شكاوى جديدة بشأن الإيداعات والتحويلات المليونية، وفي الوقت نفسه أشار كتاب النيابة إلى عدم اختصاص النيابة العامة بتناول الإجراءات، التي تضمن عدم تكرار التجاوزات المتصلة بالإيداعات والتحويلات المليونية لتعارض ذلك مع اختصاصاتها ووظيفتها القضائية، وليس منها مباشرة الإجراءات الوقائية، وأنها تعنى فقط بالتحقيق والتصرف والإيداعات فيما يقع من جرائم.
وذكر التقرير أن وحدة التحريات المالية الكويتية، أفادت بأنها تختص بتلقي وطلب وتحليل وإحالة المعلومات المتعلقة بما يشتبه في أن تكون عائدات متحصلة عن جرائم أو أموال مرتبطة أو لها علاقة بها أو يمكن استعمالها للقيام بعمليات غسل أموال أو تمويل إرهاب.
وفيما يلي نص التقرير كاملاً:
ورد الى الهيئة العامة لمكافحة (نزاهة) كتاب وزير العدل رقم (2017006003 - Moj101) المؤرخ 14/3/2017 مشارا فيه الى كتاب رئيس مجلس الامة رقم (3190/2017) المؤرخ 20/2/2017 والمتضمن موافقة مجلس الامة على التوصية المقدمة من بعض الاعضاء بقيام هيئة مكافحة الفساد بالتالي:
1 - فتح باب قبول اي شكاوى او بلاغات بشأن قضايا الايداعات والتحويلات المليونية منذ عام 2006.
2 - تقديم تقرير يشمل الاجراءات المطلوبة لضمان عدم تكرار التجاوزات المتعلقة بقضايا الايداعات والتحويلات المليونية ولها التواصل والطلب والدعوة والتنسيق مع كافة الجهات المعنية في الدولة.
على اثر ما قامت به الهيئة من مخاطبات سبق التنويه عنها فقد تلقت جملة من الردود من الجهات المعنية كان منها الاتي:
اولا: افادة النيابة العامة بموجب كتاب المستشار النائب العام رقم (م ن ع/273س/2017) المؤرخ 18/4/2017 والذي تضمن التأكيد على قيام الهيئة بتلقي اية بلاغات او شكاوى جديدة تخص الايداعات والتحويلات المليونية ومباشرة اجراءات جمع المعلومات والادلة بشأنها والتحري عنها وفقا للمواد (24-28) من القانون رقم (2) لسنة 2016 بانشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد والاحكام الخاصة بالكشف عن الذمة المالية واحالة الوقائع التي يتوافر لديها ما يدل على انها تشكل اي جريمة من جرائم الفساد الى النيابة العامة.
كما اشار كتاب المستشار النائب العام الى عدم اختصاص النيابة العامة بتناول الاجراءات التي تضمن عدم تكرار التجاوزات المتعلقة بقضايا الايداعات والتحويلات المليونية لتعارض ذلك مع اختصاصها ووظيفتها القضائية والتي ليس من بينها مباشرة الاجراءات الوقائية وانها فقط تعنى بالتحقيق والتصرف والايداعات فيما يقع من جرائم.
ثانيا: افادة وحدة التحريات المالية الكويتية بموجب كتاب رئيسها رقم (2-3-1170404) المؤرخ 20/4/2017، بأن الوحدة تختص بتلقي وطلب وتحليل واحالة المعلومات المتعلقة بما يشتبه في ان يكون عائدات متحصلة عن جرائم او اموال مرتبطة او لها علاقة بها او يمكن استعمالها للقيام بعمليات غسل اموال او تمويل ارهاب وفق ما نصت عليه المادة (16) من القانون رقم (106/2013) في شان مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب وتعديلاته.
وأضافت الوحدة بانها بموجب المادة (12) من القانون المذكور تتلقى الاخطارات من المؤسسات المالية والاعمال والمهن غير المالية عن المعاملات او اي محاولة لاجرائها اذا اشتبهت او توافرت دلائل كافية للاشتباه بان تلك المعلومات لها صلة بعمليات غسل الاموال وتمويل الارهاب وحيال ذلك تباشر الوحدة الاجراءات اللازمة والمحددة في المادة (19) من هذا القانون.
وفي شأن الاجراءات الاحترازية التي يمكن خلالها المساعدة في منع وقوع اي عمليات مالية على شاكلة الايداعات والتحويلات المليونية فقد اشارت الوحدة الى ان المادتين (4، 5) من القانون رقم (106/2013) والمادة (7) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون قد الزمت المؤسسات المالية والاعمال المهنية غير المالية باتخاذ تدابير العناية الواجبة المشددة تجاه بعض العملاء (الاشخاص المعرضون سياسيا) والذي ورد تعريفهم في المادة الاولى من القانون المذكور ولائحته التنفيذية ومن هؤلاء الاشخاص (كبار السياسيين - المسؤولون الحكوميون والقضائيون والعسكريون - كبار المسؤولين التنفيذيين في الشركات التي تملكها الدولة او المسؤولين البارزين في الاحزاب السياسية).
واختتمت الوحدة رأيها بأن تطبيق المادتين (4، و5) من القانون رقم (106/2013) والمادة (7) من لائحته التنفيذية وغيرها من مواد هذا القانون من شانه ان يشكل منظومة متكاملة للحد من استغلال المؤسسات المالية وغيرها للقيام باي عمليات مشبوهة.
ثالثا: افادة بنك الكويت المركزي ضمن كتاب محافظ البنك رقم (1/105/240/5-2017) المؤرخ 2/5/2017 جاءت متضمنة عرضا لطبيعة علاقة بنك الكويت المركزي كجهة رقابية بموضوع الايداعات المليونية والتي كانت تتمحور في اطار القانون رقم (35) لسنة 2002 في شأن مكافحة غسل الاموال والذي كان نافذا انذاك ومن ثم في ظل تطبيق القانون رقم (106) لسنة 2013 كما اشار بنك الكويت المركزي في كتابه سالف الذكر الى ان البنوك قامت بتقديم بلاغات عن وقائع الايداعات المليونية الى النيابة العامة والتي قامت بدورها باحالتها الى وحدة التحريات المالية من اجل جمع وتحليل البيانات واعداد التقرير الفني وقد قامت الوحدة برفع تقريرها للنيابة العامة وعقب ذلك صدر قرار النيابة العامة بحفظ التحقيقات في هذه القضية.
وفي ذات السياق اشار كتاب محافظ البنك المركزي الى انه قبل صدور القانون رقم (106) لسنة 2013 كانت هناك اوجه عدة للقصور التشريعي، والتي تم تلافيها من خلال صدور هذا القانون ولائحته التنفيذية، كما اشار الى ان بنك الكويت المركزي من خلال دوره الرقابي والاشرافي على البنوك وشركات الصرافة وشركات التحويل قام في يوليو 2013 باصدار تعليمات الى تلك الجهات والتي من ضمنها مبدأ (اعرف عميلك) وما يستلزمه تطبيق هذا المبدأ من اجراءات وكذلك وضع انظمة تقييم المخاطر المتعلقة بالعملاء والبلدان والخدمات والمنتجات وانظمة لادارة المخاطر للاشخاص المعرضين سياسيا.
واختتم البنك كتابه بشرح طبيعة دوره فيما يتعلق بالتحويلات الحكومية الخارجية بوصفه بنك الحكومة ووكيلها المالي واقتصار دوره على التأكد من صحة المستندات دون ان تكون له صلاحية الوقوف على اغراض اي عملية او التحقق من الجهة المستفيدة.
المحور الثالث: رؤية وتحليل الهيئة لقضايا الايداعات والتحويلات المليونية بشكل عام:
دون الخوض في تاريخ وتفصيلات ما أثير عن وقائع الايداعات والتحويلات المليونية اما لكونها على نحو ما قدمت عليه للنيابة العامة قد حفظت اداريا ولم يثبت بشأنها شبهة جنائية واما لانه حتى تاريخ كتابة هذا التقرير لم تتلق الهيئة اية بلاغ يرتبط بقضايا الايداعات او التحويلات المليونية.
فان رؤية الهيئة لمثل هذه القضايا ستكون اكثر شمولا وتفصيلا عن رؤية وتحليلات باقي الجهات المعنية بالدولة والتي سلف بيان ردودها في المحور الثاني وترجع اسباب شمولية واتساع نطاق رؤية الهيئة لمثل قضايا الايداعات والتحويلات المليونية الى الاسباب التي سيلي ذكرها على نحو وترتيب مقصودين وهذه الاسباب هي:
1 - ان وقائع الايداعات والتحويلات المليونية بالاضافة الى اسباب سياسية اخرى كانت المحرك الرئيسي لانشاء الهيئة ومنحها السلطات والصلاحيات المسندة اليها وذلك هو ما اكد عليه حضرة صاحب السمو امير البلاد حفظه الله ورعاه في النطق السامي الذي تفضل به حضرته في افتتاح دور الانعقاد العادي الاول للفصل التشريعي الرابع عشر لمجلس الامة في اغسطس 2013 عندما قال "فقد انشئت هيئة مكافحة الفساد وهي تتمتع بالسلطة الكاملة والمساندة والدعم اللازمين سعيا الى الاصلاح الشامل املين ان توفق في اداء مهامها وتطهير البلاد ووقايتها من افة الفساد على ان مكافحة هذه الافة المدمرة ليست مسؤولية الهيئة وحدها بل هي مسؤولية الجميع وندعوكم مجلسا وحكومة وكذلك سائر المواطنين الى مد يد العون ومساندتها".
2 - ان الهيئة ستتعامل من خلال هذا التقرير مع قضايا الايداعات والتحويلات المليونية على انها نموذج افتراضي لوقائع الفساد يمكن ممن خلال تحليله التعرف على اهم الثغرات واوجه الخلل التشريعي في البنية القانونية للتشريعات ذات العلاقة بتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد ومنع وقوعه، فضلا عن التأكيد على اهمية نشر الوعي والتثقيف المجتمعين بخطورة كافة مظاهر الفساد ومدى تأثيرها على كافة جوانب الحياة ومن اهمها الحياة السياسية والاجتماعية للبلاد.
3 - ان الهيئة عندما تتصدى لمثل هذه النماذج من وقائع او قضايا الفساد انما تتمتع بمساحة ارحب بكثير في التعامل عن باقي جهات الدولة المختصة، اذ ان المشرع لغاية مقصودة منح الهيئة سلطات واختصاصات لم تثبت لاي جهة اخرى على الصعيد الوطني، فبالاضافة الى الدور الرقابي الذي تتمتع به الهيئة من خلال سلطتها في تلقي البلاغات والشكاوى عن وقائع الفساد وتلقي وفحص اقرارات الذمة المالية واقتفاء اثر اي كسب غير مبرر لدى اي من الخاضعين لاحكام الكشف عن الذمة المالية تمتلك الهيئة اختصاصات اخرى لا تقل اهمية في مجال الوقاية من الفساد والتوعية والتثقيف بمخاطره وكيفية تلافي اثاره والحيلولة دون حدوثه من الاساس واخيرا فان للهيئة بحسب قانون انشائها ولائحته التنفيذية اختصاصات واسعة في مجال تنسيق الجهود الحكومية والاهلية في مجالات مكافحة الفساد ودرء مخاطره.
وتأسيسا على الاسباب الثلاثة انفة البيان فان رؤية وتحليل الهيئة لوقائع قضايا الايداعات والتحويلات المليونية كنموذج افتراضي لظواهر الفساد تتمثل في النقاط الاتية:
اولا: ان ما اثارته قضايا الايداعات والتحويلات المليونية من لغط وجدل على الصعيد البرلماني ادى بشكل كبير الى التأثير سلبا على ثقة المواطنين في العمل البرلماني وان كنا نؤكد على ما سبق لنا ذكره بان موضوع الايداعات المليونية لم يثبت قضاء ولم تتلق الهيئة بشأنه حتى تاريخه اي بلاغ محدد - وما كان ذلك الا لان الفساد وان ظل في مرحلة الشكوك والشبهات يلقي بظلال من الريبة على كافة الاشخاص الواقعين في محيطه ويؤثر بشكل كبير على مصداقية هؤلاء الاشخاص وقبولهم العام وان كان ذلك ليس له علاقة بسلامة ونصاعة ورونق المؤسسة البرلمانية العريقة كاحد اركان البناء المؤسسي للدولة.
ثانيا: ان التجارب ومنها قضايا الايداعات والتحويلات المليونية تثبت يوما بعد يوم ان العمل القضائي والتشريعي والامني بمفردهم مهما بلغوا من دقة واتقان فلن يكونوا كافين لمحاصرة كافة مظاهر الفساد والحيلولة دون وقوعه وانه لا سبيل لتحقيق نتائج مرضية في مجال مكافحة الفساد الا بثقل الوازع الاخلاقي وزيادة الجرعات التوعوية والتثقيفية بمخاطر الفساد والتعريف بمسببات الفساد وعوامل نشوئه وانتشاره حتى يتكون لدى المجتمع مناعة ذاتية ومقاومة تلقائية لاسباب الفساد.
المحور الرابع: مرئيات الهيئة في شأن الإجراءات والآليات والسبل، التي تضمن عدم تكرار التجاوزات، التي على شاكلة قضايا الإيداعات والتحويلات المليونية.
بعدما فرغنا في المحاور الثلاثة السالفة من عرض ما قامت به الهيئة من إجراءات في شأن تكليفات مجلس الأمة آنفة الذكر، وعرض ما تلقته الهيئة من ردود للجهات التي ارتات ضرورة وأهمية الاستهداء بآرائها في شأن الإجراءات والتدابير، التي يمكن من خلال تطبيقها منع تكرار التجاوزات المشابهة للإيداعات والتحويلات المليونية، فضلاً عن عرض رؤية وتحليل الهيئة لهذه القضايا كنموذج افتراضي لظواهر الفساد، نسرد فيما يلي الجانب الخاص بمرئيات الهيئة بشأن الإجراءات والتدابير، التي تضمن عدم تكرار مثل هذه التجاوزات.
أ - التعديلات التشريعية المقترحة
1 - التعديلات التشريعية المقترحة على القانون رقم 16 لسنة 1960 بإصدار قانون الجزاء
بداية، تود الهيئة أن تنوه الى أنها بتاريخ 27/5/2017 بموجب كتابها رقم (320/2014) (في الفترة السابقة على حلها) قد تقدمت بتعديلات تشريعية على القانون رقم (16) لسنة 1960 بإصدار قانون الجزاء.
وتتمثل التعديلات المقترحة من الهيئة على قانون الجزاء في إدراج مواد تكفل تجريم أوجه القصور التشريعي التي تدور في مجملها حول جريمة الرشوة، وهي كما سبق القول (تجريم الرشوة في القطاع الخاص - تجريم رشوة الموظف العام الاجنبي - تجريم فعل وعد الشاهد بمزيد أو عطية لتغيير شهادته أمام القضاء - إعاقة سير العدالة - توسيع نطاق مسؤولية الأشخاص الاعتبارية الجنائية في جرائم الفساد بصفة عامة).
في هذا الخصوص، نرفق طي هذا التقرير (مشروع تعديل بعض أحكام القانون رقم (16) لسنة 1960 بإصدار قانون الجزاء.
2- التعديلات التشريعية المقترحة على القانون رقم (2) لسنة 2016 بإنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد والأحكام الخاصة بالكشف عن الذمة المالية.
فعلى الرغم من حداثة قانون إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد، وخضوعه لمجموعة من التعديلات والتنقيحات التشريعية بمناسبة إعادة إصداره عقب صدور الحكم بعدم دستورية المرسوم بالقانون رقم (24) لسنة 2012 السابق عليه، إلا أن هذه التعديلات التشريعية التي جرت في ظروف خاصة وعلى وجه الاستعجال لم تتطرق بشكل كامل وعميق الى صلب المواد ذات الصلة بمكافحة الفساد والوقاية منه، وذلك على الرغم من ان الهيئة سبق لها خلال الفترة السابقة على حلها ان خاطبت الجهات المختصة بالدولة بشأن رغبتها في إخضاع هذا المرسوم بالقانون لتعديلات تشريعية لتدارك بعض المثالب والثغرات وأوجه القصور التي أفرزتها التجربة والتطبيق العمليين من قبل الهيئة.
وعقب عودة الهيئة للعمل مرة أخرى بموجب القانون رقم (12) لسنة 2016 ظهرت بعض الإشكاليات التشريعية، منها ما هو مستمر منذ العمل بالمرسوم بالقانون رقم (24) لسنة 2012 (المبطل) ومنها ما استجد بعد صدور القانون رقم (12) لسنة 2016 (المعمول به حاليا)، وتتمثل الإشكاليات التشريعية المنوه عن وجودها ما بين إشكاليات تتعلق باختصاصات الهيئة وتمكينها بشكل أكثر قوة من ممارسة دور رقابي حقيقي في مجال مكافحة الفساد ومن أمثلة ذلك:
1- منح الهيئة حق إجراء التحقيقات وليس مجرد جمع المعلومات.
2- منح الهيئة حق التظلم من كل قرارات الحفظ التي تصدر عن النيابة العامة في أي من البلاغات الخاصة بجرائم الفساد.
3- منح الهيئة سلطة واضحة في عملية استرداد الأموال والعائدات الجرمية الناتجة عن وقائع الفساد.
4- منح الهيئة ومنتسبيها المزيد من القوة والمساندة حتى تستطيع مواجهة بؤر الفساد بدون أن تتعرض لأي إعاقة أو ضغط ومن أهم ما يحقق هذا الامر هو منح رئاسة الهيئة وقياداتها الفنية وموظفيها الفنيين الحصانة الوظيفية بمناسبة اعمالهم.
5- إعادة صياغة المواد التي تتعلق بترتيب دولاب العمل الإداري وتحديد الصلاحيات والسلطات داخلها وتوزيع الأدوار بين مكوناتها الرئيسية، والتي تتمثل في رئاسة الهيئة ومجلس أمنائها وجهازها التنفيذي.
6- إزالة بعض أوجه الغموض والالتباس في مواد هذا القانون، خاصة ما يتعلق بمواد الكشف عن الذمة المالية والخاضعين لأحكام نظام الكشف عن الذمة المالية وإجراءات الهيئة حيال المتأخرين والمتخلفين عن تقديمها.
وفي سبيل بيان وتفصيل ما تقدم نرفق طي هذا التقرير مشروعا بتعديل بعض احكام القانون رقم (2) لسنة 2016 بإنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد والاحكام الخاصة بالكشف عن الذمة المالية.
3 - التعديلات التشريعية المقترحة على القانون رقم (32) لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة المصرفية.
فعلى الرغم من ان افادة بنك الكويت المركزي والتي وردت للهيئة في سياق التنسيق المطلوب اجراؤه بين الجهات المعنية في سبيل ايجاد الاجراءات والتدابير التي تكفل عدم تكرار الوقائع التي على شاكلة الايداعات والتحويلات المليونية قد اشارت الى ان صدور القانون رقم (106) لسنة 2013 في شان مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب ولائحته التنفيذية قد اديا الى اضفاء المزيد من القوة على رقابة العمليات المالية والمصرفية التي قد تحمل شبهات في شان عمليات غسل الاموال وتمويل الارهاب ودلل على ذلك بانشاء وحدة التحريات المالية الكويتية وما تم منحه لها من اختصاصات وصلاحيات واسعة وغير ذلك من امور عددتها افادة بنك الكويت المركزي المرفقة الا ان ذات الافادة قد جاءت في خاتمتها لتشير بين السطور الى ما يمكن لنا ان نستخلص منه وجود قصور تشريعي في الدور الذي يمكن لبنك الكويت المركزي من خلاله بسط رقابة تامة على اوامر الدفع وطلبات تحويل الاموال وصرف الشيكات التي ترده من الحكومة خاصة فيما يتعلق بالوقوف على الغرض من اي معاملة او التحقق من الجهات المستفيدة من الاموال المحولة او المدفوعة لها وهو الامر الذي نرى معه ضرورة التنسيق مع بنك الكويت المركزي في شان اقتراح اجراء تعديل تشريعي محدود يزيد من صلاحيات بنك الكويت المركزي بصفته وكيل الحكومة في المعاملات المالية على نحو يتمكن معه من تدقيق اغراض المعاملات المالية الحكومية والتحقق من الجهات المستفيدة من التحويلات واوامر الدفع الحكومية.
ب - التشريعات المطلوب سنها لاستكمال المنظومة التشريعية الخاصة بمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة والشفافية وارساء قواعد الحكومة في مؤسسات الدولة.
وحيث سبق لنا القول ان المنظومة التشريعية لمكافحة الفساد والوقاية من مخاطره لا يمكن اخترالها في التشريعات ذات الطبيعة الجزائية والعقابية التي غالبا ما تفعل نصوصها واحكامها عقب وقوع جرائم الفساد وانما تشمل هذه المنظومة نوعا اخر من التشريعات يمكن تسميتها بالتشريعات ذات الطابع الوقائي والتي تعمل جنبا الى جنب التشريعات الجزائية والعقابية لبناء منظومة تشريعية متكاملة في مجال مكافحة الفساد وتتمثل هذه التشريعات في الاتي:
ثانيا: التدخل الاجرائي اللازم لمنع تكرار الوقائع التي على شاكلة قضايا الايداعات والتحويلات المليونية (تدابير - توعية - رقابة).
فبعدما فرغنا من سرد رؤى الهيئة في شأن التدخل التشريعي العاجل اللازم للحيلولة دون تكرار وقائع الفساد التي على شاكلة قضايا الايداعات والتحويلات المليونية، نأتي في هذا المقام لنعرض لجانب اخر من جوانب التدخل التي نرى انها وان كانت اجرائية لا تقل في الاهمية والالحاح عن التدخل التشريعي.
حيث تؤمن الهيئة تماما بأن التشريعات والقوانين مهما تمتعت بالدقة والحزم ومهما اردفت بعقوبات مغلظة فلن تحقق الهدف المأمول المتمثل في تجفيف منابع الفساد والوقاية من مخاطره واثاره المدمرة الا من خلال تعزيز الجانب التوعوي والثقيفي والتعليمي الذي يحقق ما هو ابعد من مجرد التجريم والعقاب فكلما زاد الوعي الاجتماعي بمخاطر الفساد وتأثيره على حاضر الامم ومستقبلها في كافة صور الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية كلما استطعنا ان نقلل من فرص وقوع جرائم الفساد ولا شك ان منع الفساد من الاصل خير واجدى بكثير من علاج اثاره وازالتها بالحكمة المأثورة الوقاية خير من العلاج.
فالثابت لدينا ان استفادة المجتمع من ملاحقة الفاسدين ومحاكمتهم وعقابهم هي استفادة لا تذكر اذا ما قورنت بمنع ضعاف النفوس من الوقوع في براثن الفساد والانغماس في افعاله التي لا تتوقف اثارها عند حد تلوث ايدي وضمائر هؤلاء الاشخاص فحسب وانما تتعدى الى الاضرار بالنسيج المجتمعي والعبث بمقدرات الشعب ومستقبل الاجيال القادمة واهتزاز الصورة العامة للدولة امام المجتمع الدولي.
تشريعات برلمانية وقائية
شدد التقرير على ضرورة إقرار تشريعات جديدة لمنع تكرار التجاوزات المتعلقة بالإيداعات تمثلت بالآتي:
1 - قانون منع تعارض المصالح:
ويأتي على رأس قائمة هذا النوع من التشريعات الوقائية القوانين التي تحول دون الاشخاص المسؤولين بالدولة واستغلال وظائفهم لتحقيق مصالح شخصية والزام اي مسؤول بان يفصح في الوقت المناسب عن وجود احتمالات لتعارض مصالحه الاقتصادية او التجاربة او المالية الشخصية مع اي مصلحة عامة للدولة.
2 - قانون حق الاطلاع على المعلومات:
وثاني هذه التشريعات هي التي تكفل للجميع حق المعرفة والاطلاع على المعلومات التي قد يرى الشخص في الاطلاع عليها ازالة اي تجهيل او غموض قد يخفي افعالا محل شك او ريبة او على اقل تقدير تحول هذه التشريعات بين اي مسؤول وبين اخفاء اي بيانات او معلومات يمكن اساءة استخدامها.
3 - قانون شفافية مجلس الامة ونزاهته
وفي سياق مكمل للتشريعات الوقائية نجد واحدا من اكثر القوانين التي تعبر عن رقي ونزاهة العمل البرلماني وتضمن تحصينه من اي شوائب قد يتعرض لها ثوب العمل البرلماني الموقر هو قانون شفافية المجلس ونزاهته.
والهيئة تؤمن تمام الايمان بان التعديلات التشريعية اللازمة للعمل البرلماني لابد وان تكون نابعة من داخله ولما كان عدد من اعضاء مجلس الامة الموقر قد تقدموا في تاريخ سابق باقتراح اجراء تعديل على اللائحة الداخلية لمجلس الامة من خلال اضافة فصل جديد (فصل خامس) لفصول الباب الاول (تنظيم المجلس) مقترحين تسمية هذا الفصل بـ (شفافية المجلس ونزاهته) فان الهيئة تثمن غاليا هذا المقترح وتعرب عن املها في ان يصدر في اسرع وقت ممكن لما له من تأثير ايجابي في شأن ارساء قواعد الشفافية والنزاهة في العمل البرلماني بشكل عام وتأثير مباشر على ما اثير في شأن قضايا الايداعات والتحويلات المليونية على وجه التحديد.
وتؤكد الهيئة في هذا المقام ان هذه التشريعات ليست بدعا من القول وانما هي تشريعات حثت الاتفاقية الاممية لمكافحة الفساد كافة الدول على سنها ووضعها موضع التنفيذ بحسبان ان هذه التشريعات تمثل الامتداد الطبيعي لمظلة التشريع الخاص بمكافحة الفساد.
ولقد كانت الهيئة منذ بدايات عملها في الفترة السابقة على حلها حريصة على التعاطي مع هذه التشريعات وتقديم مشروعات متكاملة بشأنها وبالفعل قامت الهيئة باعداد مشروعي قانونين بشأن منع تعارض المصالح وحق الاطلاع على المعلومات العامة.
وتنوه الهيئة الى ان مشروعي قانوني منع تعارض المصالح وحق الاطلاع على المعلومات مدرجان ضمن المتطلبات التشريعية لخطة التنمية 2015/2016 - 2019/2020.
الايداعات والتحويلات شبهات
قال التقرير إن الهيئة تعاود التأكيد على أن تناولها لقضايا الايداعات والتحويلات المليونية والتي مازالت شبهات لم تثبت حكما وقضاء كان على سبيل كون هذه القضايا نموذجا افتراضيا لوقائع الفساد وما ترتبه من آثار على البنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للبلاد.
وتأمل الهيئة أن تكون قد وفقت في تقديم تقرير متكامل عن قضايا الايداعات والتحويلات المليونية وما يمكن العمل على تفعيله من اجراءات وتدابير تساعد على منع تكرار الوقائع التي على شاكلة مثل هذه القضايا.
والهيئة إذ تعرض ما سبق فإنها تصبو إلى أن تلاقي مقترحاتها التي ضمنتها هذا التقرير الدعم والمساندة اللازمين من مجلس الأمة الموقر، كما تعرب الهيئة عن استعدادها التام للتواصل مع كافة الجهات الدولية وعلى رأسها مجلس الأمة في سبيل تفعيل مشتملات هذا التقرير.
حفظ الله الكويت وأميرها وشعبها من كل سوء وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن.
المنظومة الجزائية الخاصة بجرائم الفساد
فيما يخص المنظومة التشريعية الجزائية الخاصة بجرائم الفساد، ذكر التقرير أن الهيئة يمكنها سرد أوجه القصور التشريعي، التي تعتري هذه المنظومة في الأمور الآتية:
1- أسفرت عملية تقييم دولة الكويت بشأن مدى الامتثال لأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي جرت عام 2012 عن وجود أوجه قصور واضحة في التشريعات الجزائية، وقد رصد فريق استعراض تنفيذ الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد (IRG) الذي كان مشكلاً من الخبراء الحكوميين لدولتي سيرلانكا وإثيوبيا بالإضافة إلى ممثلين عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODG) بوصفه الجهة المعنية بمتابعة تنفيذ تلك الاتفاقية الأممية هذه الأوجه التي تمثلت في الآتي:
- عدم تجريم الرشوة الإيجابية والسلبية للموظفين العموميين الأجانب.
- عدم تجريم الرشوة في القطاع الخاص.
- محدودية نطاق جريمة إعاقة سير العدالة وعدم اشتمال أفعال تلك الجريمة على فعل رشوة الشاهد أو وعده بمنفعه أو مزيد أو أعطية لتغيير شهادته.
- انحصار المسؤولية الجنائية عن الأشخاص الاعتبارية فيما يخص معظم جرائم الفساد المشمولية في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
السبب الرئيسي وراء الإيداعات المليونية
كشف التقرير ان السبب الرئيسي وراء حدوث شبهات الايداعات والتحويلات المليونية هو قلة الوعي بالاثار المدمرة التي يخلفها الفساد والتي لا تقف حدودها عند مجرد التأثير المباشر على الاشخاص والوقائع الخاصة بواقعة الفساد بل يمتد اثرها الى كافة مظاهر الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية كما ان السبب الرئيسي وراء عدم اكتمال اجراءات تعقب الوقائع الخاصة بقضايا الايداعات والتحويلات المليونية هو القصور التشريعي والاجرائي البين في المنظومتين التشريعية والاجرائية الجزائيتين ولعل ابرز اوجه القصور التي حالت دون الوصول الى اتهامات في قضايا الايداعات والتحويلات المليونية هو عدم القدرة على تطبيق نصوص جزائية على وقائع حدثت قبل العمل بهذه النصوص فضلا عن القصور التشريعي في اثبات جريمة الرشوة وهما السببان اللذان حدا بالنيابة العامة الى حفظ قضايا الايداعات والتحويلات المليونية وقيدهما بالشكاوى، علاوة على عدم استطاعة بعض جهات الدولة المعنية وعلى رأسها البنك المركزي ووحدة التحريات المالية والهيئة العامة لمكافحة الفساد التظلم من قرار الحفظ الصادر من النيابة العامة في هذا الشان، وتحديدا لم يكن للبنوك اي مكنة للطعن على قرار النائب العام بالحفظ نظرا لان الاجراء الذي تقدمت به البنوك هو اخطار وليس بلاغا او شكوى.
وليس ادل على القصور التشريعي الذي يعتري المنظومة التشريعية الجزائية مما ادلت به النيابة العامة في تصريحها بشأن حفظ قضايا الايداعات والتحويلات المليونية ومطالبته المشرع بالعمل على تعديل قانون غسل الاموال القائم والتشريعات الجزائية المرتبطة به والمكملة له اللازمة للكشف عن الذمة المالية وتجريم صور الكسب غير المشروع.
واما وان قانون انشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد سواء المقضي بعدم دستوريته او القائم قد تضمن ما يكفي من نصوص لتجريم الكسب غير المشروع والمعاقبة عليه وكذلك توفير آليات للكشف عن الذمم المالية لقطاعات عريضة من الاشخاص وثيقي الصلة بصناعة واتخاذ القرار بالدولة فان فكرة توسيع نطاق تجريم الرشوة وتسهيل اليات اثباتها يبقى هو الجزء المفقود في المنظومة التشريعية الجزائية المتعلقة بجرائم الفساد وهوما سنوالي بيانه في المحور الرابع والاخير من هذا التقرير.
عدم اختصاص النيابة بتناول الإجراءات التي تضمن عدم تكرار التجاوزات المتصلة بالإيداعات لتعارضها مع اختصاصاتها ووظيفتها
وحدة التحريات المالية تختص بتلقي وطلب وتحليل وإحالة «عائدات متحصلة عن جرائم غسل أموال أو تمويل إرهاب»
«المركزي» أكد أن البنوك قدمت بلاغات عن وقائع الإيداعات المليونية إلى النيابة التي أحالتها إلى وحدة التحريات المالية التي أعدت تقريراً فنياً ورفعته إليها
الهيئة ستتعامل من خلال التقرير مع «الإيداعات» و«التحويلات» على أنها نموذج افتراضي لوقائع الفساد يمكن من خلاله معرفة أهم الثغرات وأوجه الخلل التشريعي
مطلوب تشريعات لاستكمال المنظومة الخاصة بمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة والشفافية
ضرورة منح الهيئة ومنتسبيها المزيد من القوة والمساندة حتى تستطيع مواجهة بؤر الفساد