يتصاعد التوتر بين واشنطن وطهران، بعد الكشف عن استراتيجية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الهجومية ضد طهران، والرامية إلى تحجيم واحتواء النفوذ الإيراني المتضخم في المنطقة، بينما يزداد انشغال الساحة العراقية، التي تضم واشنطن وطهران، بهذا النزاع، مع اقتراب نهاية الحرب مع "داعش"، وانزلاق الأمور إلى نزاع بين بغداد وأربيل، لم تعرف حدوده بعد.

وسط هذه الأجواء، بات نائب رئيس هيئة "الحشد الشعبي"، أبو مهدي المهندس، في قلب سجال بين واشنطن من جهة، وقوات "الحشد الشعبي" من جهة أخرى، بعد أيام على دعوة وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون، من الرياض، لإخراج "ميليشيات إيران" من العراق.

Ad

والمهندس، مطلوب للقضاءين الكويتي والأميركي والشرطة الدولية (الإنتربول)، واسمه الحقيقي جمال جعفر إبراهيم، وهو متهم بتفجير السفارتين الأميركية والفرنسية بالكويت في 12 ديسمبر 1983، ما أسفر حينها عن مقتل 6 أشخاص وإصابة 80، بينهم رعايا غربيون.

ووجهت إليه المخابرات الغربية اتهامات بمحاولة اختطاف إحدى طائرات الخطوط الجوية الكويتية عام 1984، ومحاولة اغتيال سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، وحكم عليه وزمرته بالإعدام في الكويت، لكنه نجح في الفرار إلى إيران باستخدام جواز سفر باكستاني.

وعاد المهندس إلى الواجهة بعدما وصفته المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، هيذر ناويرت، مساء الخميس، بـ "الإرهابي"، بعد أيام من احتفال إدارة ترامب بذكرى تفجير مقر المارينز في بيروت عام 1983، وتوجيهها تهديدات غير مسبوقة لطهران وحزب الله اللبناني.

وأعربت وزارة الخارجية العراقية، أمس الأول، عن رفضها للتصريحات الأميركية حول المهندس، وقال المتحدث باسمها: "الحشد الشعبي جزء لا يتجزأ من القوات العراقية، التي تأتمر بأوامر القائد العام للقوات المسلحة، والمهندس نائب رئيس هذه الهيئة المقاتلة، والمقرة قانوناً من مجلس النواب، وقدمت التضحيات الكبيرة في معركة العراق ضد الإرهاب".

من ناحيتها، اعتبرت قوات الحشد الشعبي التصريحات الأميركية تهديداً مباشراً للمهندس، محملة واشنطن مسؤولية أي "أذى" قد يلحق به.

في المقابل، شن قادة "الحشد" هجمات لاذعة على واشنطن مدافعين عن زميلهم، حيث أكد الأمين العام لـ "منظمة بدر" هادي العامري، القيادي البارز في "الحشد"، أمس، أن "إيران هي التي دعمت بشكل فعلي العراق خلال الحرب ضد تنظيم داعش، وليس التحالف الدولي".

وكانت "الجريدة" انفردت بنشر تفاصيل عن لقاء رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي والمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي في طهران، كاشفة أن العبادي أبلغ مضيفه أن واشنطن جادة في مطالبتها بحل "الحشد"، الأمر الذي رد عليه المرشد بالتشديد على ضرورة عدم حل "الحشد" وتحويله إلى قوات شبيهة بقوات الباسيج.

وبينما تصعد واشنطن من فتح ملفات الماضي في إطار سياساتها الهجومية ضد طهران، يجد العراق ومعه لبنان نفسيهما في وضع حرج، حيث تندمج القوى الموالية لإيران، التي تملك أجنحة سياسية وأخرى عسكرية، كلياً في البنية السياسية، وتشكل جزءاً أساسياً من السلطة.

في السياق، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، في تقرير نشرته أمس الأول، أن استراتيجية ترامب الجديدة من شأنها أن تعيد إيران إلى عقد ثمانينيات القرن الماضي، حيث كانت طهران تقوم بعمليات الاغتيالات والاختطاف والتفجيرات الانتحارية ضد المقرات والمصالح الأميركية بالمنطقة عبر حزب الله اللبناني أو أحزاب شيعية عراقية، مثل حزب "الدعوة" الذي يقود حالياً الائتلاف الحاكم بالعراق.