فقد بصره، لكن بصيرته أضاءت له درب النجاح، فنثر البهجة أنغاماً على عشاق الموسيقى بأنامله الذهبية، لينسج من وحي إرث الموسيقى الشرقية العربية قصة نجاح، ويذيلها بتوقيعه. الموسيقار د. عمرو سليم، رحلة نجاح فنان مصري استطاع أن يعبر حاجز التحدي، ويحلِّق في أفق الإبداع، مستغلا موهبته وشغفه بالموسيقى وتعليقاته المميزة، فاستطاع أن يشيِّد جسراً من التواصل مع الجمهور دعائمه حب الكلمة واللحن.مساء أمس الأول كان الموعد على مسرح عبدالحسين عبدالرضا في حفل أحياه سليم، ونظمته «لوياك»، في إطار شراكتها الاستراتيجية مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وأمام جمهور كبير عاشق للتراث العربي الأصيل.
أطلَّ سليم وفرقته الموسيقية، المكوَّنة من أمير مقار على الإيقاع، وعمرو حلمي على الدرامز، وعاطف إمام على الليد غيتار، ومعتز محمد عازف الأورج، ومحمد عماد إيقاع، وتامر على البيز غيتار، ليحيي أمسية استثنائية امتدت ساعتين، مرَّت كحلم ليلة صيف، قدَّم خلالها 12 مقطوعة موسيقية من تراث الأغنية المصرية والشرقية.
«العندليب الأسمر»
وكان الموسيقار المصري من الذكاء، بحيث أشرك الحضور في التعرف إلى صاحب كل مقطوعة، مطربا كان أو ملحنا، قبل أن يشرع في عزفها، ما أشاع جواً من البهجة. واستهل سليم الحفل بمعزوفة لـ«العندليب الأسمر» الفنان عبدالحليم حافظ (أول مرة تحب يا قلبي)، من كلمات إسماعيل الحبروك، وألحان منير مراد، ثم عزف بتأثر واحدة من روائع «موسيقار الأجيال» محمد عبدالوهاب، وهي أغنية «الفن»، ألحان عبدالوهاب، فيما نظم كلماتها صالح جودت، وعلَّق سليم على الأغنية، قائلا: «لا أستطيع تقديم حفل موسيقي دون أن يكون عبدالوهاب جزءا منه».بعد ذلك، انتقل الفنان المصري بخفة ما بين المقطوعات والأغنيات الرومانسية، وأخرى الشعبية، فقدَّم أغنية «العوازل» للصوت الدافئ نجاة الصغيرة، كلمات أنور عبدالله، وألحان محمد عبدالوهاب.«حبيب العمر»
وتأبط عمرو سليم عوده، وعزف منفردا، وسط تفاعل كبير من الجمهور، ليلحن أغنية «حبيب العمر» لفريد الأطرش، ثم داعب جمهوره من الجنس اللطيف بأغنية «إن راح منك يا عين» لدلوعة السينما المصرية الفنانة شادية، من كلمات فتحي قورة، وألحان منير مراد.وخاطب سليم جمهوره، قائلا: «أنا لست مطربا، لكنني سأغني لصديقي الفنان عبدالله الرويشد واحدة من أروع أغنياته، أتمنى أن تنال استحسانكم، وهي «لا تصدق»، التي غناها الرويشد عام 1989، من كلمات ساهر، وألحان الراحل عمار الشريعي».عقب ذلك، عرج سليم على «بلاد الأرز»، لبنان، ليقدِّم من أرشيف الرحابنة بصوت الجميلة فيروز «نسم علينا الهوى»، ليؤكد أن إبداع الرحابنة مع فيروز لا يمكن نسيانه، ويفرض نفسه في أي حفل موسيقي.ومن المكتبة الغنائية الشبابية الحديثة انتقى سليم أغنية «سيدي وصالك» للفنانة أنغام، ليعود الفنان المصري للعزف المنفرد على البيانو لأغنية «لا تكذبي» للفنانة نجاة الصغيرة، قبل أن يرجع مجددا إلى روائع فيروز ويختار «سهر الليالي»، ومنها إلى أرشيف «كوكب الشرق»، أم كلثوم، اختار أغنية «انت عمري»، كلمات أحمد شفيق، وألحان الموسيقار محمد عبدالوهاب، حيث تفاعل معها الجمهور وشاركه الغناء بنجاح.واختار سليم أن يكون مسك الختام مع «ملك العود» الفنان فريد الأطرش، من خلال أغنية «قلبي ومفتاحه»، كلمات فتحية قورة.وبنهاية الحفل، الذي شهد تفاعلا جماهيريا كبيرا مع أنغام الموسيقار سليم، عبَّر الفنان المصري عن سعادته بحماس الحضور: «الجمهور الكويتي متذوِّق رائع للفن، فقد منحني الطاقة الإيجابية لتقديم أفضل ما لديَّ. صحيح أن هذه هي زيارتي الأولى للكويت منذ 38 عاماً، لكنني أتمنى ألا تكون الأخيرة»، وتوجه بالشكر لـ«لوياك» والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب والرعاة، وكل من ساهم في نجاح الأمسية الموسيقية.