«كتابيه»... مذكرات عمرو موسى (الأخيرة)

تحرير الكويت... أسعد لحظة «رسمية» في حياة مبارك

نشر في 30-10-2017
آخر تحديث 30-10-2017 | 00:05




اقرأ أيضا

في الحلقة السابقة عرضنا جانباً من مذكرات عمرو موسى إبان الغزو العراقي للكويت، وتابعنا كيف أن مصر رفضت عرضاً عراقياً قدمه نائب رئيس الوزراء العراقي وقتذاك سعدون حمادي، لوزير الخارجية المصري عصمت عبدالمجيد بتأييد الغزو العراقي مقابل حصول مصر على جزء كبير من موارد الكويت، إلى أن انتهى الحال بتحالف دولي، بقيادة أميركا وبريطانيا ومشاركة مهمة من مصر وسورية، نجح في إخراج العراق من الكويت في عملية عسكرية عرفت باسم «عاصفة الصحراء» في يناير 1991م، أعقبها فرض حصار اقتصادي على العراق أنهكه حتى الغزو الأميركي له سنة 2003م»... وفي السطور التالية نرصد أبرز ما جاء على لسان رجل الدبلوماسية المخضرم عمرو موسى في كتاب مذكراته «كتابيه» عن الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك.

كان حسني مبارك مختلفاً اختلافاً جذرياً عن سلفيه جمال عبدالناصر وأنور السادات، كان عبدالناصر قوياً لا يقبل المساس بشخصه ولا المعارضة السياسية، عنيفاً في رد فعله، وأحياناً لا يحسب حساب السلبيات وخطورتها، وأحداث خليج العقبة وحرب يونيو 1967م دليل على غياب الحسابات الدقيقة، فضلاً عن الاستناد إلى سوابق وأحداث لم يكن هناك ما يؤكد تكرارها مثل افتراض تدخل أميركا أو غيرها، لوقف العدائيات في وقت يمكنه من ادعاء الانتصار، باختصار لم يكن حسني مبارك مستعداً لأية مغامرات من هذا القبيل.

أنور السادات كان ثعلباً مدرباً، ولكنه كان أيضاً مغامراً، فمبادرات الحرب والسلام التي أطلقها – بقدر ما كان فيها من حسابات وطنية – كان فيها أيضاً كل عناصر المغامرة أو المقامرة، وآه لو كان قد فشل، وهنا أيضاً لم يكن حسني مبارك من تلك القماشة المعقدة التركيب في جزء كبير منها، ولكنه مع كل هذه الاختلافات كان مثلهما دكتاتوراً بكل السلبيات المرتبطة بهذه الصفة، فابتعد بالبلاد عن الديمقراطية، وتعامل مع مصر بقبضة قوية أدت إلى الكثير من الهنات والأخطاء في الحكم، مما أدى إلى غضب قطاعات واسعة من الشعب.

حسني مبارك كان متواضعاً في طموحاته، ليس مستعداً لأن يدخل في أية مغامرة عسكرية ضد إسرائيل، ولم يكن مستعداً للمزايدة على العرب، وبالذات المملكة العربية السعودية أو على الوسط الخليجي كله، ومنذ أول أيامه وهو يجنح للسلم، ومنطقه في ذلك يمكن فهمه، فالأرض قد استردت، وما بقي منها يمكن استكمال استرداده بالعلاقة الطيبة مع الغرب وكذلك إسرائيل.

كانت مشكلته داخلية، التنمية المتوقفة، والاقتصاد المعطل، وإفلاس الخزانة المصرية، كان يشعر بخطورة هذا الوضع على استقرار مصر وربما على نظام 23 يوليو الذي ورثه، كانت أسعد لحظات حياته الرسمية حين أخطره الرئيس الأميركي جورج بوش الأب بإلغاء جزء من ديون مصر العسكرية التي انخفضت بمقدار 7 بلايين (مليارات) دولار إثر دور مصر في تحرير الكويت سنة 1991م، كان الرئيس سعيداً وذكر لي – ولآخرين – أنه ظل يضع خطاب الإعفاء في جيبه لعدة أيام، يخرجه كل حين ليقرأه من جديد ليتأكد من أن هذه البلايين من الدولارات قد زالت عن كاهل مصر وعن كاهله.

والواقع أن حسني مبارك كان رجلاً وطنيا، ومصرياً "حدق"، ومنوفياً بكل معنى الكلمة، لم يكن من السهل خداعه، وبالطبع كان يعلم بحجم الفساد المستشري، وأعتقد أنه كان يحاول تحجيم هذا الفساد، خاصة على مستوى الوزراء وذويهم، وكم من مرة تحدث مع هذا الوزير أو ذاك عن فساد أولادهم (وكفاية كده) كما كان يقول لهم.

كان الرئيس يناقش الأمور ويستمع ليقرر بعد ذلك ما يرى بعد "وزن" الحجج والآراء المختلفة، ولكنه كان "منوفياً" حقيقياً، فكان يستمع لآراء خبراء "في الظل" في جلسات خاصة قبل أن يجتمع بفريقه في جلسات رسمية وإن كانت مغلقة، فيأتي عالماً بالعديد من أركان القضية المطروحة وبمختلف الآراء فيها، وقد اكتشفت ذلك في نقاشي السياسي معه، إلا أنني كنت أعلم أن أياً من مستشاريه في السياسة الخارجية لم يكونوا على اطلاع كامل على الأحداث الدولية والإقليمية وتطوراتها وما وراءها وما حولها من ظروف.

شعبية موسى

كان بالطبع هناك من قادة النظام حول مبارك من لم يرتح لشخصية وزير الخارجية ولا للشعبية التي حققها سواء داخلياً أو عربياً أو خارجياً، وهو ما كان يقلق البعض من هؤلاء، إلا أنني – وفي الواقع – لم أهتم "بخناجر" الظهر كما يقولون، وظل الأمر جيداً ثم مقبولاً إلى السنة الأخيرة أي العاشرة لي في الوزارة حين التقت إرادتا الرئيس ووزير الخارجية (من دون تنسيق بينهما) بأن الوقت حان لتغيير الوزير (وجهة نظر الرئيس)، وأن الوقت حان لوضع نهاية للسنوات التي قضيتها وزيراً للخارجية (من جانبي)، ولذلك عندما وصلت الرسالة بأن منصب أمين عام الجامعة العربية جاهز إذا وافقت، وافقت فوراً، إذ كان مخرجاً كريماً وهادئاً بل طبيعياً.

إن تفاصيل علاقتي بالرئيس مبارك موجودة في كل الفصول التي تتناول السنوات العشر التي قضيتها في منصب وزير الخارجية (1991 – 2001م)، وربما قبل ذلك بفترة، منذ أن استدعاني الرئيس بحضور الدكتور عاطف صدقي، رئيس الوزراء في عام 1989م في أثناء التحضير لخروج مصر من مجلس التعاون العربي، أو بعد ذلك من خلال متابعته لأدائي في القمة العربية التي انعقدت في بغداد في مايو 1990م، ثم دعوته لي لأكون أحد اثنين يشكلان مساعديه وهو رئيس لمؤتمر القمة العربية الطارئ في القاهرة يوم 10 أغسطس 1990م بعد غزو العراق للكويت، لأجلس خلفه مباشرة مع أسامة الباز، في حين جلس الدكتور عصمت عبدالمجيد وفريق وزارة الخارجية في مقعد مصر.

كانت هذه "تخريجة" من زكريا عزمي الذي كان يفهم مبارك فهماً شبه كامل، وكان يعلم أن الرئيس قرر تغيير عبدالمجيد، وهنا يبدأ بتقليل الصور التي يظهر فيها الوزير مع الرئيس، كانت هذه طريقته عندما يشرع في تغيير وزير أو مجموعة من الوزراء، فيقلل من ظهورهم بجانب الرئيس.

الموظف الكبير

أحب أن أتوقف قبل دخولي في عرض علاقتي بالرئيس مبارك ومواضع الاتفاق والاختلاف فيما يخص الموضوعات المرتبطة بالسياسة الخارجية لمصر طيلة فترة عملي معه، لأوجز بعبارة كاشفة جداً وحاكمة في هذا المضمار هي أنه "كان مثالاً للموظف المصري الكبير"، دخلت مرة مكتبه الداخلي الواقع في الدور الأرضي في خلفية منزله، فوجدت أكواماً من التقارير التي تصدر عن أجهزة الدولة وترسل إليه بوصفه رئيساً للجمهورية في شكل كتب أو ملفات صغيرة الحجم، وهذا ما يفسر قولي إنه كان "موظفاً كبيراً"، يقتنع بأنه يجب أن يحتفظ بهذه التقارير، التي ربما يحتاج أن يعود إليها في يوم ما، إذا ما استدعت الضرورة، وهو ما لا أعتقد أنه تم أبداً، أو كنت تشعر أنه ينظر إليها باعتبارها "عهدة"، لا يجب أن يتم التخلص منها إلا بإجراءات معينة!

شخصية حسني مبارك هي شخصية المواطن المصري ابن البلد، الذي يتسم بـ"الحداقة" بالتعبير المصري الدارج، ومعها ذكاء فطري، فهو عندما يتعامل مع شخص لأول مرة ينظر إليه ملياً، ويمعن النظر في عينيه ولغة جسده، وطريقة ملبسه ويستمع إليه، ويقارن بين ما يقوله هذا الشخص أمامه، وما سمعه منه قبل ذلك سواء مباشرة أو من خلال وسائل الإعلام، ويقارن ذلك بما ورد إليه عن ذلك الشخص في التقارير التي تأتيه من هنا أو هناك، وبناء على كل هذه المعطيات يأخذ قراره بتقريب هذا الشخص أو إبعاده، بمنحه ثقته أم لا، ولذلك كله كان القرار عنده يأخذ وقتاً طويلاً، وقد يغيره في آخر لحظة، ولذلك عندما استدعاني وقال لي: لقد قررت تعيينك وزيراً للخارجية عقب عودتي من ألمانيا، كنت أثق بأنه لم يحسم أمر تعييني بنسبة 100%، بل أعطى نفسه مساحة كبيرة من الوقت والتفكير والمقارنة بآخرين.

بعد هذه الإطلالة السريعة على بعض من جوانب شخصية مبارك أقول، إنه منذ اللحظة الأولى لتعييني وزيراً للخارجية أراد أن يمكنني من الوزارة، كان ينظر إليَّ باعتباري أول وزير من جيل جديد هو الذي اختاره، ودفع به لتولي مواقع القيادة، فالسنوات العشر الأولى من موقعه في رئاسة الجمهورية والتي سبقت وصولي لهذا المنصب (1981 – 1991م) كان يعتبر القائمين على وزارة الخارجية قبلي ينتمون إلى العصور السابقة، وأنهم لمعوا في عصر السادات.

حرصت على تعزيز ثقة الرئيس بشخصي من خلال الحرص الشديد على تنظيم العمل الديبلوماسي بأعلى درجات الانضباط والاحتراف، فلم يكن مسموحاً لديَّ أن يقرأ الرئيس خبراً في الصحف إلا وتكون وزارة الخارجية قد أرسلت له تقريراً شافياً عنه قبل أن يقرأه، ودائماً ما كانت هذه التقارير تحمل توقعات أو توصيات أو اقتراحات بمواقف معينة تتخذها مصر فيما يخص هذه القضية أو تلك.

«الزومبجية»

هذه الطريقة في العمل أشعرت مبارك – بالفعل كما قال الدكتور مصطفى الفقي – أنني وأنا أخدم على سياسة مصر الخارجية أخدم عليه شخصياً، فبات رأيه مطلوباً في كل قضية من قضايا الإقليم، فالجميع يريد أن يعرف رأي مصر في هذا التطور أو ذاك، وهو ما أشعره كم باتت مصر مؤثرة، ومن هنا أضحى تفاعله مع مؤسسة وزارة الخارجية كبيراً، وخلال هذا التفاعل كنت أشعره على الدوام بأنني لا أستقل بقرار على حسابه، وبالرغم من ذلك نجح "الزومبجية" (وهي أحد تعبيراته التهكمية) باستمرار "الزن" في أذنيه بأن "عمرو موسى يبني لنفسه إمبراطورية خاصة به على كورنيش النيل"، أقول نجحوا – بالتراكم – في إحداث اختراق في هذه العلاقة في السنة أو السنتين الأخيرتين.

يحلو للبعض أحياناً أن يشير في السياق الذي نتحدث فيه إلى ما روي عن رئيس وزراء لبنان الراحل رفيق الحريري، بأنه ذات مرة أشاد بي في اجتماع له مع مبارك، وقال له: "سيادة الرئيس أهنئك على الأداء الرائع لوزير خارجيتك عمرو موسى"، فما كان من مبارك إلا أن توتر ورد عليه بالقول: "إن كل ما يقوم به موسى هو مجرد تنفيذ لتعليماتي، فموسى بمثابة مساعد لي"، وهنا أود أن أقول إن هذه الواقعة إن صحت فقد أتت في المرحلة التي زاد فيها تألق الوزير ومعه زاد ضغط الوشاة، انتهت هذه المرحلة بأغنية شعبان عبدالرحيم "بحب عمرو موسى وبكره إسرائيل" التي ربما كانت القشة التي قصمت ظهر البعير.

لا يحب الزعامة

أستطيع أن أجزم بأن أحلام الزعامة التي راودت سابقيه كما راودت رؤساء عربا مثل صدام حسين والقذافي وغيرهما لم تراود مبارك، لأنه قماشة أخرى كان يعتبر "كل ده عك" بمعنى كلام لن ينتهي على خير، وفضل النأي بنفسه وبمصر عن ذلك، وكانت كلمته الأثيرة "نتفرج" على ما يحدث، فالقذافي أراد تزعم إفريقيا وأفسح له مبارك المجال، لم يكن مبارك مستعداً أن يتحدى سورية في لبنان، كان ذلك خارج حساباته تماماً، والأمور في فلسطين استقرت على تفاهمات على خطوط معينة مع ياسر عرفات وكان يعرف ما يريده الأميركيون، مبارك كان زعيماً مهادناً وربما انسحابياً في بعض المسائل، وهو غير ما كنت أراه، حيث إن المسألة لم تكن فقط "عكا" بل هناك شق سياسي يجب متابعته بل كان على مصر مواجهة هذا "العك" وضبط الأمور وهو ما نجحت فيه مصر كثيراً برغم ذلك.

ثلاث مراحل

أستطيع أن أقسم عهد الرئيس مبارك إلى ثلاث مراحل كانت الأخيرة أخطرها بسبب ما ظهر بشأن مسايرته لمشروع التوريث الذي كان قد تردد في قبوله منذ قيام حافظ الأسد بتوريث الحكم لنجله بشار في سورية، وفيما يلي بعض التفصيل للمراحل الثلاث:

• المرحلة الأولى كانت خلال السنوات العشر الأولى من حكمه "الثمانينيات" عندما كان لايزال يتحسس طريقه، والبلد يتفتح أمامه واتسم خلال هذه المرحلة بالتواضع في طموحه، وأعلن صراحة: "أنا لست أنور السادات ولست جمال عبدالناصر، أنا شخص مختلف"، البلد كان حينها مجروحاً ومتوتراً ومفلساً، وحاول مبارك التهدئة تماشياً مع توجه المزاج المصري نحو التهدئة، ومرت تلك الفترة الأولى بسلام.

• المرحلة الثانية خلال السنوات العشر التالية (التسعينيات) من حكمه كانت سنوات خطيرة للغاية عالمياً، إذ انتهت في بدايتها الحرب الباردة وتسيدت الولايات المتحدة الأميركية، وأصبح هناك توجه نحو نظام عالمي جديد، وربما يتيح الفرصة لتحريك القضية الفلسطينية، وجرى غزو الكويت وتحريرها مع دور سياسي وعسكري مهم لمصر ودور إقليمي رئيسي لها، في تلك الفترة بدأت بعض الإصلاحات الاقتصادية، وكان لمصر عدد من المواقف السياسية الكبيرة إزاء الملف النووي في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية والسلام والمفاوضات ومناورات سياسية حديثة في إطار البحر الأبيض والتعاون الأوروبي ونشاط في إفريقيا اقتصادي وسياسي.

• كانت المرحلة الثالثة والمتمثلة في السنوات العشر الأخيرة (2001 – 2011) كارثية لأسباب ثلاثة:

• أولاً، لأن مبارك بدأ خلالها يتقدم في السن ويفقد الاهتمام اليومي بإدارة البلاد.

• وثانيا، لأنه بدأ يؤثر السلامة في أي قرار على مستوى المنطقة أو على مستوى الوطن نفسه بحيث لا يؤدي إلى أي ارتباك أو رد فعل معاكس أو اضطراب، وبدأ الابتعاد عن اتخاذ أية قرارات تحتاج إلى جهد ومتابعة ومبادرات.

وثالثاً، لأن الحديث في موضوع التوريث بدأ يتصاعد.

شوبنغ مع الرئيس

كنت في أحيان كثيرة أحب مداعبة الرئيس مبارك بسبب عدم قدرته على الاستمتاع بحرية التنقل لدواعي الأمن، أذكر أننا في ذات مرة كنا في زيارة لفرنسا، وقلت له: "يا سيادة الرئيس: وهو فيه حد يحب يبقى رئيس محبوس؟ انظر إليًّ، الآن أنا أتمتع بحريتي، وسأخرج للتنزه وتناول العشاء في مطعم باريسي أحبه، وبعد ظهر غد بعد المباحثات سأخرج لشراء بعض الملابس والمستلزمات الشخصية"، دعوت الرئيس للعشاء في الخارج إلا أنه اعتذر بأن خروجه سيؤدي إلى "دربكة" كبيرة.

ثم قال لي: "لازم أشوف كل اللي هتشتريه"، بالفعل اشتريت مجموعة متنوعة من ربطات العنق وعدداً من القمصان والجوارب، وحذاء، فأعجب بكل ما اشتريته إلا الحذاء "كل حاجة شيك إلا الجزمة"، وعلى الفور استدعى مدير مكتبه جمال عبدالعزيز كي يذهب للمحل الذي اشتريت منه ليشتري له بعض الملابس، ولم ينس أن ينبهه بأنه يحب الجوارب متوسطة الطول، عكسي أنا، حيث أحب الجوارب الطويلة أي التي تصل إلى مستوى الركبة.

في مرة ثانية كنا في زيارة للولايات المتحدة، وفوجئت به يقول لي: "هتعمل إيه يوم الأحد".

• قلت له: هلف في المحلات من الصبح.

• قال: خلاص هطلع شوبنغ معاك.

• قلت له: حاضر، وحددنا موعداً للانطلاق إلى التسوق، طلبت تخفيف الموكب نسبياً لأننا سنذهب إلى منطقة تجارية، أول محل دخلناه كان اسمه "جيمز" في مول اسمه "تايسونس كورنر".

قلت له: يا سيادة الرئيس: هذا المحل فيه أحذية وجوارب وكرافتات وبدل ممتازة، فدخلنا ولم يسمح لأي من المرافقين والحراس بالدخول معنا، قلع جاكتته وحذاءه وبدأ يتجول في المحل مستمتعاً بتلك الحرية المؤقتة، وراح يقيس في الأحذية ويقلب في القمصان، لمحت في عينه فرحة كبيرة جداً مثل فرحة الطفل عندما يشتري ملابس جديدة، لأن الرجل كان محروماً من متعة التسوق بنفسه.

صاحب المحل كان "يشبِّه" على مبارك، وكأنه يقول: "شفت الراجل ده فين قبل كده؟"، أرحته من عناء التفكير، وقلت له: هذا هو الرئيس حسني مبارك، رئيس جمهورية مصر، ولابد أن تعمل خصماً لهذا الزائر الكبير لمحلك، وبالفعل أعطانا الرجل خصماً وصل إلى نحو 40%، اشترى بدلتين، وعدداً من القمصان والجوارب وربطات العنق وحذاءين، وأنا اشتريت مثلهم تقريباً، وبعد أن خرجنا عدنا إلى المحل للحصول على أربطة مجانية للأحذية طبقاً لاقتراحي.

مبارك كان يستمع لآراء خبراء «في الظل» قبل الاجتماع بفريقه في جلسات رسمية

«الزومبجية» أوهموا الرئيس الأسبق أن موسى يبني إمبراطورية خاصة على النيل

أغنية شعبان عبدالرحيم «بحب عمرو موسى»... القشة التي قصمت ظهر البعير

الحريري أشاد بموسى... ومبارك: «ينفذ تعليماتي»
back to top