مرزوق المقصود ليس مرزوق رئيس مجلس الأمة إنما هو مثل كويتي يصلح لوصف طيحة الحكومة التي طاحت بعد الاندفاع السريع والتداعي المفاجئ لطرح الثقة في وزير الدولة، ودون الدخول في تفاصيل الاستجواب لا بد من التطرق إلى بعض عوامل هذه الطيحة: • جزء كبير من اندفاع بعض النواب كانت آثار معركة الرئاسة تُذّكيه، وكأن طرح الثقة كان موجهاً لمرزرق الغانم وإلى دور الحكومة في معركة الرئاسة، وهدفه توجيه رسالة إلى السلطات العليا أن مرزوق لا يمكنه السيطرة على المجلس، ويُتوقع استمرار هذا التصعيد مادام مرزوق على المنصة.
• اتضح أن موضوع الجناسي كان محركا أساسيا في الاندفاع إلى طرح الثقة مع أنه لم يكن من صلاحيات الوزير المستجوب، وصرح بعض النواب أنهم سيطرحون الثقة قبل الاستجواب بيومين بسبب عدم عودة الجناسي، وسبق أن بينا في هذه الزاوية أن الصفقات لا يمكن أن تصلح عمل البرلمان، وكان على الحكومة أن تبين منذ البداية من يستحق السحب ومن يستحق الإعادة على أسس قانونية سليمة تعفيها من المساومات. • تبين أيضا أن المعاملات التي كان ينجزها الوزراء للنواب لم يكن لها أي تأثير على مواقف النواب أو على وقف اندفاعهم لطرح الثقة، مما يحتم على الحكومة أن توقف تماما الواسطات، وتُخضع الجميع للقواعد العامة المجردة في المعاملات الحكومية. • بعض الكتل لديها وزراء في الحكومة ومستشارون في دواوين عليا، ومع ذلك شاركت بقوة في طرح الثقة، ولم يكن للوزير أو المستشار أي دور في وقف هذا التداعي أو الاندفاع لطرح الثقة، وهناك خشية أن يستمر غياب روح الفريق عن الحكومة وتأثيرها المشروع والمطلوب على عمل المجلس؛ مما سيؤدي إلى مرور الاقتراحات الشعبوية التي وصفها تقرير الشال أمس بأنها: «مكملات للتعجيل بزمن اصطدام البلد بالحائط». • تسارعت الإعلانات عن الاستجوابات المقبلة، وينتظر أن يكون مآلها مثل مآل الاستجواب السابق، ومن شبه المؤكد أنها ستصل إلى رئيس الوزراء إذا استمرت الظروف والمعطيات نفسها، خصوصا في ظل الانقسامات في الأسرة التي أصبحت حديث الجميع. • لم يكن لكلمة صاحب السمو الأمير التي جاء فيها: «تصويب مسار العمل البرلماني» و«آن للممارسة النيابية أن تنضج» أي تأثير على النواب وكأنهم لم يسمعوها. • ومن المتوقع أيضا ألا يستوعب النواب ما جاء في باقي كلمة الأمير مثل: «استهجان طروحات ومشاريع لا تخدم جهود الإصلاح الاقتصادي» و«إساءة استخدام وسائل التواصل تحت ذريعة حرية الرأي»، وهذا يظهر واضحا في البيان الذي صدر بعد اجتماع حضره 12 نائبا في مكتب البابطين والذين أعلنوا فيه مشاريعهم الاستنزافية والشعبوية المقبلة وتقليص فترة الحبس الاحتياطي والعفو العام، وغيرها من الاقتراحات والمشاريع التي من شأنها أن تجعل الحديث عن استمرار المجلس أشبه بغير المنطقي. • ظهر بقوة تأثير وسائل الاتصال الاجتماعي على النواب وعلى الشارع في ظل غيبة شبه تامة لإعلام حصيف وجاد يرتكز على بيان الحقائق الخطيرة، خصوصا في موضوع الاقتصاد والبطالة مع شرح الأعمال الإيجابية وبيان القدوات الحسنة. • النقاط السابقة تثبت أن الحكومة لم تعمل كفريق، ولم تتصدَّ لملفات مهمة تشغل الشارع الكويتي، ولم تبادر إلى الإصلاح بقرارات جادة وملموسة، مما يحمل جميع الوزراء مسؤولية الأوضاع التي تمت إثارتها وكسب الشارع فيها ضد الحكومة. • أخيراً ثبت ما كررناه مرات عديدة أن المشاركة وعدم المقاطعة حتى من خلال الصوت الواحد من الممكن أن تحدث فرقا، وأنه ليس بصحيح أن الصوت الواحد (رغم اعتراضنا عليه) سينجب مجالس ليس لها أي قوة أو تأثير، وأن بالإمكان إذا وصلت قوى معينة أن تؤثر في مسيرة المجلس بدرجة كبيرة، ولكن المهم أن ينحو هذا التأثير ويتوجه نحو الإصلاح على أسس شرعية ونيابية سليمة.
مقالات
رياح وأوتاد: «طاح مرزوق»
30-10-2017