وجدت سلطات إقليم كتالونيا شمال إسبانيا نفسها في الزاوية وتحت الحصار، ولا تملك العديد من الخيارات للتعامل مع السياسة الحازمة التي اعتمدتها ضدها الحكومة المركزية المحافظة برئاسة ماريانو راخوي.

وإلى جانب الموقف الدولي المؤيد لمدريد، تتصاعد الخلافات داخل الصف الكتالوني بين الاستقلاليين والوحدويين، وسط توقعات بتراجع شعبية التيار المؤيد للانفصال على خلفية تداعيات تمسكه بإجراء الاستفتاء بداية الشهر الجاري.

Ad

ورغم ذلك، أكد نائب رئيس حكومة إقليم كتالونيا التي أقالتها مدريد، أوريول جونكيراس، أمس، أن زعيم الانفصاليين كارليس بوتشيمون "هو وسيبقى رئيس" الإقليم، متحديا إعلان الحكومة المركزية حل الحكم الذاتي وتفويض نائبة رئيس الحكومة المركزية صلاحيات رئيس كتالونيا.

وقال جونكيراس في مقالة نشرتها صحيفة "ال بونت-افوي": "لا يمكننا أن نعترف بأي من التدابير غير الديمقراطية التي اتخذها الحزب الشعبي (بزعامة رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي) في مدريد"، في إشارة الى تفعيل المادة 155 من الدستور وتعيين نائبة رئيس الحكومة على رأس إدارة المنطقة. ووقع جونكيراس المقالة بصفته "نائب رئيس حكومة كتالونيا".

وقال: "علينا اتخاذ قرارات لن يكون من السهل على الدوام فهمها خلال الأيام المقبلة"، ووصف علاقة "حكومته" بالحكومة الإسبانية بأنها "علاقة تبعية اعتباطية ومتقلبة وخنوع. لم يسعوا يوما الى إقناعنا، وأرادوا على الدوام أن يتغلبوا علينا".

استطلاع

وأظهر استطلاع نشرت نتائجه أمس أن الأحزاب المطالبة باستقلال كتالونيا من المتوقع أن تخسر أغلبيتها في البرلمان في الانتخابات، لكن تقارب أعداد الأصوات بين الجانبين ينذر بحملة صعبة في الانتخابات المقبلة.

وأظهرت نتائج الاستطلاع الذي شمل نحو 1000 مشارك، وأجرته مؤسسة "سيغما دوس" ونشرت نتائجه في صحيفة "الموندو" المناهضة لاستقلال كتالونيا أن الأحزاب الاستقلالية من المتوقع أن تحصل على 42.5 في المئة من الأصوات مقابل 43.4 بالمئة من الأصوات للأحزاب الوحدوية.

الى ذلك، قال السفير الإسباني في باريس، أمس، انه بإمكان بوتشيمون أن يترشح للانتخابات المحلية التي قررت الحكومة الإسبانية الدعوة إليها في 21 ديسمبر، طالما أن القضاء لم يقرر ما يخالف ذلك. وردا على سؤال بشأن الملاحقة القضائية بتهمة "العصيان" التي ستطلقها مدريد الأسبوع القادم ضد بوتشيمون، قال السفير: "القضاة هم من يقررون إن كان خارجا عن القانون أم لا. وحاليا يمكنه التقدم للانتخابات".

تظاهرات ضخمة

في غضون ذلك، نزل الكتالونيون المؤيدون للبقاء في إسبانيا الى شوارع برشلونة عاصمة إقليم كتالونيا، بينما تبدو المنطقة منقسمة جدا بعد يومين على إعلان استقلالها في حدث غير مسبوق خلال 40 عاما من الديمقراطية في هذا البلد.

وقالت الشرطة البلدية في برشلونة إن نحو 300 ألف شخص تظاهروا في المدينة من أجل وحدة مملكة إسبانيا. من جهتها، قدرت منظمة "المجتمع المدني الكاتالاني" التي نظمت التظاهرة تحت شعار "كلنا كتالونيا"، عدد المشاركين بنحو 1.1 مليون شخص.

وفي دليل على الانقسام العميق الذي تشهده المنطقة، تأتي هذه التظاهرة غداة تجمع لعشرات الآلاف من الكتالونيين مساء الجمعة للاحتفال بولادة "الجمهورية" في الحي القديم ببرشلونة.

بلجيكا واللجوء

في غضون ذلك، قال وزير الدولة البلجيكي لشؤون الهجرة واللجوء، تيو فرانكين، إنه من الممكن أن يحصل بوتشيمون على اللجوء السياسي في بلجيكا، متسائلا ما إذا كان سوف يتمكن من الحصول على "محاكمة عادلة" في إسبانيا. وقال فرانكين، الذي يتحدر من حزب فلمنكي انفصالي، إنه إذا طلب بوتشيمون اللجوء، "فسوف نكون أيضا في موقف دبلوماسي صعب مع الحكومة الإسبانية، هذا واضح".