رغم وجود خلافات كبيرة بين الطرفين، خصوصاً في جنوب سورية وملف إسرائيل، وترقية التعاون العسكري، وفي خطوة تهدف إلى تمتين "حلف الضرورة" بينهما، قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارة لإيران أمس، للتنسيق بعدة ملفات من بينها سورية والاتفاق النووي الإيراني الذي يتعرض لضغوط من قبل الولايات المتحدة، فضلا عن بحث تعزيز التعاون الاقتصادي.

وتوجه بوتين بعد وصوله إلى العاصمة الإيرانية طهران إلى قصر سعد آباد، حيث استقبله الرئيس حسن روحاني.

Ad

وأكد روحاني في مستهل اللقاء: "يسرني أن بلدينا إلى جانب تطوير علاقاتنا الثنائية يلعبان دورا مهما في ضمان الاستقرار والسلام في المنطقة".

وعقد بوتين، الذي يرافقه وفد كبير، لقاء مع روحاني قبل أن يستقبله المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي مساء أمس. وشكر الرئيس الروسي نظيره الإيراني على تنظيم اللقاء الذي يعد الأول في ولاية روحاني الثانية.

وقال الكرملين إن المحادثات الثنائية ستشمل خصوصا النزاع في سورية، والوضع الناجم عن التهديدات الأميركية إزاء الاتفاق النووي الموقع بين إيران والقوى العظمى في العام 2015.

وفي وقت تتهم إيران بزعزعة استقرار المنطقة ودعم الميليشيات متمردة كحركة "أنصار الله" الحوثية في اليمن، قال مسؤول إيراني لـ"رويترز" طالباً عدم ذكر اسمه تعليقاً على زيارة بوتين: "الزيارة مهمة جداً... وتظهر عزم طهران وموسكو على تعميق تحالفهما الاستراتيجي، الذي سيرسم صورة مستقبل الشرق الأوسط".

وأضاف: "تتعرض روسيا وإيران لضغط أميركي، وليس أمام طهران خيار آخر سوى الاعتماد على موسكو لتخفيف الضغط الأميركي".

وذكر مسؤول إيراني آخر أن سياسة ترامب العدوانية تجاه إيران وحدت مواقف القيادة الإيرانية المنقسمة على التحالف مع روسيا.

وقبل وصول بوتين عقد رئيس أركان الجيش الروسي اجتماعا مع نظيره الإيراني محمد باقري في طهران، بحث خلاله ملف "سورية ومكافحة الإرهاب"، حيث تدعم موسكو وطهران نظام الرئيس بشار الأسد.

عقوبات أميركية

وجاءت زيارة بوتين لطهران غداة إعلان وزارة الخزانة الأميركية توجيهات جديدة لتطبيق قانون أعلنه الرئيس دونالد ترامب في أغسطس الماضي "كاتسا"، ويفرض عقوبات جديدة على روسيا وإيران اللتين يشير إليهما نص القانون بـ"غريمتي أميركا".

وأضافت واشنطن 40 كيانا ومنظمة إيرانية من بينها المنظمة المسؤولة عن تطوير سلاح الجو التابع لـ"الحرس الثوري" لقائمة عقوباتها.

وتندد روسيا، التي تزود إيران بالأسلحة رغم معارضة واشنطن دائماً، بـ"الموقف الأحادي" للولايات المتحدة، ولجوئها إلى العقوبات الاقتصادية لتحقيق غاياته على صعيد السياسة الخارجية.

وشجبت موسكو التصريحات الأخيرة لترامب، والتي هدد فيها بخروج بلاده من الاتفاق الموقع بين إيران والقوى الست العظمى (الولايات المتحدة وروسيا والمانيا والصين وفرنسا وبريطانيا).

قمة ثلاثية

من جانب آخر، من المقرر أن يشارك بوتين في قمة ثلاثية مع نظيره الإيراني والأذربيجاني إلهام علييف، الذي يزور طهران حالياً.

وقبل اللقاء الثلاثي اجتمع روحاني وعلييف، واعتبر روحاني في تصريحات على هامش اللقاء، أن الوضع في سورية واليمن بلغ حداً "يجب معه أن نبذل الجهود السياسية من أجل إعادة الاستقرار إلى البلدين".

زيارة فرنسية

من جهة أخرى، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان-ايف لودريان، مساء أمس الأول، في نيويورك انه سيتوجه "في الأيام المقبلة" إلى طهران، للإعداد لزيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى إيران، لافتا إلى أنه سيكون في محادثاته مع المسؤولين الإيرانيين "حازما جدا ومتطلبا" في ما يتعلق بالملفين الإقليمي والصاروخي لطهران.

وجدد لودريان معارضة بلاده لأي طعن بالاتفاق النووي. وإذ أكد لودريان أن النقاش في "الكونغرس" حول دور إيران الإقليمي وبرنامجها البالستي "حاسم"، شدد على ضرورة "عدم تضييع البوصلة"، لأن "التحدي الأساس في العالم هو حظر الانتشار الكيميائي والنووي".

ولفت إلى أن المسألة النووية "يجب أن يتم التعامل معها بشكل منفصل"، موضحاً أن "الاتفاق يعوق إيران ويمنعها من الحصول على سلاح نووي. وهو اتفاق قوي، وفرنسا كانت أكثر تطلبا من الولايات المتحدة" عند صياغته.

وتابع لودريان "هذا لا يمنع من أن نكون حازمين ومتطلبين حول مواضيع أخرى"، مثل برنامج طهران البالستي وتأثيرها الإقليمي، مؤكداً أنه سيكون حازما ومتطلّبا أثناء زيارته طهران.

ولم يحدد وزير الخارجية الفرنسي تاريخ زيارة ماكرون، والتي ستكون أول زيارة لرئيس فرنسي لإيران منذ 1976.