عام 1994 ألّف أليساندرو باريكّو مونولوج «ألف وتسعمئة» الذي أخرجه للمسرح غابريلِّه فاشيس. وسرعان ما حصل المونولوج على ثناء الجمهور حتى صدر كتاباً مطبوعاً وتُرجم إلى لغات عدة. ثم صوره المخرج الإيطالي المعروف جوزيبِّه لتورناتوري للسينما بعنوان «أسطورة 1900- عازف البيانو في المحيط» وأدى دور البطولة الممثل البريطاني تيم روث.

نجح الفيلم نجاحاً هائلاً، وأصبح الكتاب أحد أكثر الكتب التي ترجمت إلى عدد هائل من اللغات. تتمحور القصة كما رواها صديق، عازف ترومبيت، على شكل مونولوج، حول دانّي بوودمان (ت.د. ليمون ألف وتسعمئة)، عازف بيانو على متن عابرة المحيطات فيرجينيان التي كانت تتنقل بين أميركا وأوروبا محملة بأصحاب المليارات وبالمهاجرين في الوقت نفسه. وعلى متنها كلّ مساء، عازف بيانو استثنائي، صاحب تقنيات هائلة في العزف، يعزف هناك، للأغنياء وللفقراء. يقولون إن قصته مجنونة جداً، وإنه ولد على متن الباخرة وإنه لم يطأ الأرض أبداً، ولا أحد يعرف لماذا!

Ad

أما الفيلم فهو من روائع الأفلام الإيطالية. تماماً كما القصة، بطله شخص يدعى 1900 (تيم روث)، ولد وعاش على متن سفينة ولم تطأ قدماه الأرض، يهتم بالموسيقى منذ صغره، ليشتهر في كبره كعازف بيانو، يتهافت متذوقو الفن الموسيقي للسفر عبر هذه السفينة للاستماع إلى عزف 1900، لكنه لا يلبث أن يتعرض لمنافسة حادة مع أشهر عازف بيانو أميركي.

تكمن روعة الفيلم، فضلاً عن القصة، بالموسيقى التي وضعها إنيو موريكوني سواء التصويرية منها أو عزف 1900. الفيلم مستوحى من مسرح مونولوجيا نوفيشنتو Theatre Monologue Novecento.

نال الفيلم خمس جوائز «ديفيد دوناتلو» الإيطالية من بينها أفضل مخرج لتورناتوري، وحصلت أغنية الفيلم على جائزة معهد الفيلم الأوروبي لأفضل أغنية، وجائزة الـ«غولدن غلوب» للموسيقي الإيطالي إينو موركينو، أحد أهم رموز الموسيقى التصويرية الإيطالية.

«البحر المحيط»

تروي «البحرُ المحيطُ» حكاية غرق فرقاطة تابعة للبحرية الفرنسية، منذ زمن بعيد، في أحد المحيطات. يحاولُ الرِّجالُ الذين كانوا على متنها النَّجاة على طَوْف صنعوهُ لذلك الغرض. البحرُ هو المكان التي تجتمعُ فيه مصائر شخصيَّات غرائبيَّة؛ مثل بارتلبوم الذي يحاولُ تحديدَ أين ينتهي البحر، أو الرَّسَّام بلاسُّون الذي يرسمُ بمياه البحر، وغيرهما من شخصيَّات يبحث كلّ منها عن ذاتِه، حيواتُها معلَّقة على حافَّة المحيط، وأقدارُها مدموغة بأحوالِ البحرِ. وعلى البحرِ كذلك يُطلُّ «نُزلُ آلماير» حيث تلتقي قصص عدة وتنصهرُ في بعضِها. هكذا، من خلال البحر، بما هوَ استعارة وجوديَّة ورمز وجوديّ، يروي لنا باريكُّو قصص شخصياته السريالية، متنقِّلاً بين أشكال أسلوبيَّة، سردية وشعرية.

ألساندرو باريكو

يعتبر ألِساندرو باريكو الكاتب الأكثر شعبية في إيطاليا، هو أيضاً مخرج ومؤدِّ. تُرجمت رواياته إلى لغات عالمية، من بينها: «أراضي الزجاج، وحرير، والبحر المحيط، ومدينة، وبلا دماء».

صدرت روايته «حرير» في ترجمة إلى العربية عن «منشورات الجمل» (2007)، وتتمحور حول هيرفيه غونكور، الذي رغم أن والده تنبأ له بمستقبل لامع في الجيش، فإن الأمر انتهى به بأن يكسب قوته، بشراء دود القز وبيعه.