تناولت وسائل التواصل الاجتماعي ورقة، تحمل شعار الدولة الرسمي، مذيلة باسم أحد أفراد أسرة الحكم، تقترح «إنشاء مجلس شيوخ القبائل في دولة الكويت» على ضوء الملتقى السنوي الثاني لشيوخ وأعيان القبائل في الكويت بتاريخ 31/10/2017، ولما مر هذا الحدث المهم مرور الكرام دون أي تصريح رسمي أو من صاحب الشأن أو الملتقى المشار إليه، نجد من الأهمية بمكان التعليق عليه.جاءت صياغة البيان بأسلوب سطحي ومتواضع، لكنه يتعارض مع أبسط القواعد الدستورية والنصوص القانونية ومبادئ المصلحة الوطنية، وفي حال صحة هذه الوثيقة فإن ذلك يعد تدخلاً سافراً لأحد أبناء الأسرة في شؤون شريحة مهمة من مكونات الشعب الكويتي، وكأنه توجيه مباشر، الأمر الذي يخدش مكانة القبائل وفرض الوصاية عليها.
من الأهداف الواردة في الورقة إقحام مقام سمو الأمير من خلال تقديم الدعم له، رغم مكانة سمو الأمير وسلطاته المستمدة من الدستور وذاته المصونة والولاء له عبر البيعة الشعبية.حملت الورقة أيضاً أهدافاً غير لائقة قانوناً، بل تصل إلى حد الإهانة للقبائل مثل التصدي للمشاكل والأخطار التي تواجههم وتطوير الخدمات المقدمة لأبناء القبائل، وإنشاء صندوق مالي من كل القبائل لدعم أبنائها، وهذا يعني بكل وضوح ضرب مقومات المجتمع المدني، وانتهاك مظلة القانون الكفيل بحفظ حقوق المواطنين جميعاً دون تمييز بما في ذلك الحماية الأمنية.هذه الدعوة تتضمن بكل جرأة تكريس الفئوية والتفكيك المجتمعي والإعلان عن مأسسة القبلية على حساب الانسلاخ من الهوية الوطنية وتهميش مفهوم المواطنة، وكأن في ظل الكثير من المشاكل والاختلالات والاصطفافات «هذا اللي كان ناقصنا» لتكتل دائرة المآسي في هذا البلد!نعم عانينا ومنذ العهد الدستوري محاولات تغليب الانتماءات الضيقة بكل أشكالها على حساب الهوية الكويتية وتعزيز المواطنة ببعديها القانوني والمدني، وكان القصور واضحاً في غرس مقومات الدولة الوطنية، ولولا جهود المخلصين من أبناء الكويت بمختلف مشاربهم في الصمود كصف وطني لتلاشت أوصال المجتمع منذ أمد بعيد، لكن أن تأتي بعض المحاولات الجديدة لإعادة تفتيت النسيج المجتمعي فهو أمر يستحق أن نقف جميعاً في مواجهته ومحاسبة المتسببين فيه.أبناء القبائل الكريمة حالهم حال العديد من الكويتيين الآخرين بخست حقوقهم وشملهم التمييز السياسي والتهميش من أجل ترضيات وصفقات خاصة، كما يعاني أبناء القبائل سوء الخدمات العامة أسوة بكل المواطنين بسبب الفساد الإداري والتخبط الحكومي، ولكن ذلك لا يعني أبداً البدء بدق إسفين الفرقة والفتنة بينهم وبين إخوانهم المواطنين.الكثير من شباب القبائل ضربوا أجمل الصور في الانحياز نحو المطالب الوطنية العامة والمكاسب الدستورية والإصلاحات السياسية العامة، وكانت لهم كلمة عالية خلال الحراك الشعبي، حيث وقفوا ضد بعض التقاليد مثل الانتخابات الفرعية وكانت فزعتهم للكويت وأهلها.لذا لا يستغرب أن تكون مثل هذه المساعي محاولة يائسة تحمل في واجهتها العاطفة والنخوة من أجل إعادة احتواء شباب القبائل وعزلهم عن المجتمع ومحاصرتهم في عقلية وحدود القبيلة، الأمر الذي يعد أكبر ضرر لهم وللمجتمع الكويتي ككل، وأملنا كبير في هذه الشريحة قبل غيرهم أن يكونوا السد المنيع لمؤامرة إعادة تفتيت مجتمعنا الصغير، فهم جزء لا يتجرأ من المكون الكويتي في السراء والضراء، وفي تحقيق المكاسب الدستورية للوطن والمواطن!
مقالات - اضافات
«هذا اللي كان ناقصنا!»
03-11-2017