الرئيس الانفصالي في المنفى.. يُربك الكاتالونيين ويثير الخلاف بينهم
يقول كارليس بوتشيمون المُقال من قبل مدريد والمطلوب للعدالة الاسبانية، أنه رئيس كاتالونيا «الشرعي» المنفي في بروكسل، إلا أن موقفه يُربك الكاتالونيين ويقسم صفوفهم على قدر انقسامهم حيال مسألة الاستقلال.هل يتصرف بشكل مرتجل أم أنه عدّل استراتيجيته؟ هل يتسبب بالإرباك إلى الكاتالونيين لأنه نفسه مُربك أم لانه أنه ذكي جداً؟في برشلونة، يقر المحللون السياسيون من بينهم جوان بوتيلا أنهم في حيرة ويستنتج بوتيلا أن «بوتشيمون فاجأ الجميع بهروبه إلى بروكسل وسلوكه الذي لا يمكن التنبؤ به».
في أسبوع واحد، شهدت كاتالونيا إعلان استقلال لا يزال دون تأثير ووضعتها الحكومة الأسبانية برئاسة ماريانو راخوي تحت وصايتها الفورية بالإضافة إلى رحيل رئيسها المُقال المفاجئ ثمّ توقيف نصف وزراء حكومتها المُقالة احترازياً.وتوجه بوتشيمون، الصحافي السابق البالغ 54 عاماً، إلى كاتالونيا في فيديو نُشر مساء الخميس، مؤكداً أن موجة «قمع طويلة وشرسة» تنتظرها ويجب أن تقاوم «من دون عنف».وبعد أن أصدر القضاء الأسباني مذكرة توقيف أوروبية بحقه، يواجه بوتشيمون احتمال توقيفه احترازياً بتهمة «العصيان والتمرد والاختلاس»، ويتهمه المدعي العام بـ«تشجيع حركة عصيان في صفوف الشعب الكاتالوني في مواجهة سلطة مؤسسات الدولة الشرعية لتحقيق هدف الانفصال».لكن بوتشيمون يعتمد على «وجوده في عاصمة أوروبا» للاعتراض على الاحتجاز «السياسي» فيما يعتبره حزب راخوي «جباناً» وأنه يقوم بكل ذلك في بروكسل للفت الانتباه.وأصبح الرجل ذو الشعر البني الكثيف، الوجه الأشهر للحركة الانفصالية الكاتالونية المتنوعة من اليسار المتطرف إلى اليمين الوسطي بعد أن حصل على 47.7% من الأصوات في الانتخابات الإقليمية عام 2015.في يونيو 2016 عندما كان رئيس بلدية جيرونا التي تعدّ 98 ألف نسمة ونائباً في البرلمان الكاتالوني، عُين قائد تحالف الأحزاب التي كانت مصمّمة على إيصال 7.5 مليون كاتالوني إلى الاستقلال.ونصحه الأكثر اعتدالاً في معسكره بإبطاء عملية الاستقلال.في 26 أكتوبر، أعتقد كثيرون أن بوتشيمون سيدعو إلى انتخابات إقليمية لكن وبعد ساعات من المماطلة، تخلى عنها عازياً السبب إلى أنه لم يحصل على ضمانات من مدريد لعدم اخضاع المنطقة لإدارتها. ومذاك، وافق على مشاركة حزبه في الانتخابات الإقليمية في 21 ديسمبر التي دعا إليها راخوي.ورأى المحلل انريك جوليانا في حديث لصحيفة «لا فانغارديا» أن بوتشيمون «سيشعر دائماً بالندم لأنه لم يدعُ لاجراء الانتخابات بنفسه»، مؤكداً أنه لم يتحمل أن «يُسمى خائناً على تويتر».وفي الأثناء، كان يخضع لكل أنواع الضغوط من قبل أكثريته الهشة، دافعة إياه لإعلان الاستقلال فوراً.وبعد إعلان «الجمهورية الكاتالونية»، بقيت المنطقة في حالة صدمة غامضة لعدم تغير أي شيء، وكأن الانفصاليين لم يكن لديهم أي خطة.لكن الرئيس الانفصالي المُقال أكد أنه اختار «استراتيجية عدم المواجهة» لـ «تجنب العنف» بما أن مدريد تسلمت إدارة الإقليم.ويبدو أنه أصبح رمزاً للانقسام في كاتالونيا، إذ أن قسماً من الكاتالونيين يتهمونه بتجاهل نصف السكان الذي لم يرغب يوماً بالانفصال وبتعريض اقتصاد الإقليم جدياً إلى الخطر.وقال سانتياغو برونخاليس المعارض للانفصال، وهو موظف في مصنع يبلغ 39 عاماً، «بوتشيمون رحل من دون دفع الفاتورة، ليس منطقياً أن يعلن أمراً ما وأن يختفي بعدها خوفاً من التداعيات»، أما زميله في العمل فيوجه سيلاً من الشتائم إلى بوتشيمون أقلها «مهرّج».ولا يزال قسم آخر من الكاتالونيين يعتبرونه «الرئيس الكاتالوني الشرعي» أو على الأقل صادقاً ووفياً لأفكاره.وأثار توقيف ثمانية من أعضاء حكومته المُقالة غضب كثيرين، حتى من خارج معسكره.وقال أدريا اربوا (59 عاماً)، الطبيب المتخصص بالأمراض العصبية والمؤيد للانفصال أن بوتشيمون «تصرف جيداً عندما غادر لأنهم كانوا سيوقفونه، كما أنه بهذه الطريقة جعل مشكلتنا تنتقل إلى المستوى الدولي».ورأى «أنهم (الانفصاليون) أعلنوا الاستقلال لاجبار مدريد على التفاوض لكنهم غير قادرين على الدفاع عن الجمهورية في وقت هناك ستة آلاف عنصر من الحرس المدني على مرفأ برشلونة مستعدين للتدخل».وفي سيرة لبوتشيمون نُشرت عام 2016، كتب صديقه الصحافي كارليس بورتا «لديه هذه الصفة (أو هذا العيب): إنه عنيد».