أوقفت لجنة مكافحة الفساد العليا في السعودية، التي شكلت مساء أمس الأول، بأمر ملكي صادر عن الملك سلمان بن عبدالعزيز، والتي يرأسها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، عددا من الأمراء والوزراء السابقين، كما أعادت فتح ملف سيول جدة، والتحقيق في قضية وباء كورونا.

وأفادت مصادر قناة "العربية" الفضائية السعودية بإيقاف 11 أميرا، وعشرات الوزراء السابقين، و4 وزراء حاليين.

Ad

الموقوفون

وقال مسؤول سعودي كبير، طلب عدم نشر اسمه، لـ"رويترز"، إن الأسماء التالية من بين الموقوفين: الأمير الوليد بن طلال رئيس شركة المملكة القابضة، الأمير متعب بن عبدالله وزير الحرس الوطني، الذي أعفي من منصبه في وقت سابق، والأمير تركي بن عبدالله الأمير السابق لمنطقة الرياض، وخالد التويجري الرئيس السابق للديوان الملكي، وعادل فقيه وزير الاقتصاد والتخطيط، وإبراهيم العساف وزير المالية السابق، وعبدالله السلطان قائد القوات البحرية، وبكر بن لادن رئيس مجموعة بن لادن، ومحمد الطبيشي الرئيس السابق للمراسم الملكية في الديوان الملكي، وعمرو الدباغ المحافظ السابق للهيئة العامة للاستثمار، ووليد آل إبراهيم مالك شبكة "إم بي سي" التلفزيونية، وخالد الملحم المدير العام السابق لشركة الخطوط الجوية العربية السعودية، وسعود الدويش الرئيس التنفيذي السابق لشركة الاتصالات السعودية، والأمير تركي بن ناصر الرئيس العام السابق للأرصاد وحماية البيئة، والأمير فهد بن عبدالله بن محمد آل سعود النائب السابق لوزير الدفاع، وصالح كامل رجل الأعمال، ومحمد العمودي رجل الأعمال.

وقالت وكالة الأنباء الالمانية، نقلا عن مصادر سعودية، إن عدد الموقوفين ارتفع أمس إلى 49 شخصية، ولم يستبعد المصدر أن تشمل قائمة الموقوفين أسماء أخرى، "في ظل إصرار الملك سلمان وولي عهده على اجتثاث جذور الفساد في البلاد".

ووفقا لوسائل إعلام سعودية، فإن الأمير متعب بن عبدالله، نجل الملك الراحل عبدالله، أوقف بتهمة الفساد في صفقات سلاح، وأخاه الأمير تركي بتهمة الفساد في مشروع "قطار الرياض".

وأن الأمير والملياردير المعروف الوليد بن طلال أوقف بتهمة غسل الأموال، والأمير فهد بن عبدالله بن محمد، نائب قائد القوات الجوية الأسبق، والمفاوض الرئيسي في صفقة اليمامة لمصلحة القوات الجوية السعودية مع بريطانيا، أوقف بعدة تهم تتعلق بالفساد.

وكان‏ خادم الحرمين الشريفين أصدر، مساء أمس الأول، أمرا ملكيا بإعفاء وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله، وتعيين الأمير خالد بن عياف وزيرا للحرس الوطني، وإعفاء الوزير عادل فقيه، وتعيين محمد التويجري وزيرا للاقتصاد والتخطيط، كما صدر أمر بإنهاء خدمة الفريق عبدالله السلطان قائد القوات البحرية، وتعيين الفريق فهد الغفيلي خلفا له.

وصدر أمر ملكي بتشكيل لجنة عليا برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وعضوية رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ورئيس ديوان المراقبة العامة، والنائب العام، ورئيس أمن الدولة، من أجل متابعة قضايا المال العام ومكافحة الفساد.

وبحسب الأمر الملكي، فإن تشكيل اللجنة تم بسبب وجود "استغلال من قبل بعض ضعاف النفوس الذين غلبوا مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة، واعتدوا على المال العام دون وازع من دين أو ضمير أو أخلاق أو وطنية، مستغلين نفوذهم والسلطة التي اؤتمنوا عليها في التطاول على المال العام وإساءة استخدامه واختلاسه متخذين طرائق شتى لإخفاء أعمالهم المشينة".

وعزا الأمر الملكي أعمال الفساد هذه إلى "تقصير البعض ممن عملوا في الأجهزة المعنية، وحالوا دون قيامها بمهامها على الوجه الأكمل لكشف هؤلاء، مما حال دون إطلاع ولاة الأمر على حقيقة هذه الجرائم والأفعال المشينة".

مسؤوليات واسعة

وتضمنت مسؤوليات اللجنة "المخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة في قضايا الفساد العام"، وتم منحها سلطات "التحقيق، وإصدار أوامر القبض، والمنع من السفر، وكشف الحسابات والمحافظ وتجميدها، وتتبع الأموال والأصول ومنع نقلها أو تحويلها من قبل الأشخاص والكيانات أيا كانت صفتها، ولها الحق في اتخاذ أي إجراءات احترازية تراها حتى تتم إحالتها إلى جهات التحقيق أو الجهات القضائية بحسب الأحوال".

كما كلفت بـ "اتخاذ ما يلزم مع المتورطين في قضايا الفساد العام، واتخاذ ما تراه بحق الأشخاص والكيانات والأموال والأصول الثابتة والمنقولة في الداخل والخارج، وإعادة الأموال للخزينة العامة للدولة وتسجيل الممتلكات والأصول باسم عقارات الدولة، ولها تقرير ما تراه محققا للمصلحة العامة خاصة مع الذين أبدوا تجاوبهم معها".

هيئة كبار العلماء

في سياق متصل، اعتبرت هيئة كبار العلماء في السعودية أن مكافحة الفساد لا تقل أهمية عن مكافحة الإرهاب، وقالت في تغريدة في حسابها على "تويتر"، "إن محاربة الفساد تأمر به الشريعة الإسلامية، وتقضي به المصلحة الوطنية، ومحاربته لا تقل أهمية عن محاربة الإرهاب".

العساكر

من ناحيته، قال مدير المكتب الخاص لولي العهد بدر العساكر، في تغريدة عبر حسابه في "تويتر"، "إن المملكة شهدت ليلة تاريخية وسوداء على المفسدين تُسرّع من وتيرة الإصلاح التي تشهدها البلاد".

الجدعان والعواد

وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن القرارات الحازمة ستحافظ على البيئة الاستثمارية في المملكة، مشددا على أن القرارات التي اتخذت ستعزز الثقة بتطبيق النظام.

وأكد وزير الثقافة والإعلام السعودي عواد العواد أن الأمر الذي أصدره العاهل السعودي حول الفساد هو "نهج الدولة لتعزيز النزاهة والمضي في الإصلاحات وحماية المال العام".

ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية على لسان العواد قوله: "هذا القرار سيكون له أثر إيجابي كبير على أبناء المملكة بإعادة الأموال المنهوبة من دون وجه حق للاستفادة منها في مشاريع التنمية، وإعادة عشرات الملايين من أمتار الأراضي المستولى عليها بغير وجه حق للاستفادة منها في حل مشاكل الإسكان، وهذا القرار يمثل انطلاقة قوية لردع من تسول له نفسه استغلال المال العام والإثراء والتكسب غير المشروع".

وتابع: "هذا القرار يمثل نقلة في الشفافية والمحاسبة والحوكمة ما ينتج بيئة صحية جاذبة للاستثمار، والارتقاء بمعايير الاتقان والجودة. مكافحة الفساد مطلب رسمي وشعبي لتحقيق العدالة الاجتماعية وتوطيد قيم النزاهة والعدل والمساواة في المجتمع، وتسريع وتيرة الإصلاح والتطور لنهضة بلادنا في شتى المجالات".

واردف: "ويشكل هذا الأمر خطوة مهمة في تنفيذ سياسة المملكة الرامية للمحافظة على المال العام ومحاسبة المفسدين وكل من عمل على استغلال منصبه للإثراء والتكسب، معلنا انطلاق مرحلة جديدة تؤسس لأسلوب إدارة الدولة القائم على أسس النزاهة والأمانة والإخلاص".