كل الأحداث المتسارعة في المنطقة تتجه إلى طريق الحرب المسلحة، فقد تصاعدت العبارات وتحولت إلى صاروخ حتى كتابة هذا المقال، فنسأل الله أن يكون تصعيدا عابرا ويزول، ولكن القراءات تشير إلى عكس ذلك، وإن كنا لا نتمنى الحروب أبدا في أي بقعة في العالم إلا أنها أمر واقع طالما هناك أمم تقتات عليها ولا تعيش بدونها.عموماً، لست بضليع في الشؤون الخارجية أو العلاقات الدولية أو الاستراتيجيات العسكرية، ولن أتطرق لكل تلك الأمور، فما يعنيني اليوم هو وضع بلادي في ظل هذه الظروف والمعطيات المستجدة.
وأنا أتحدث هنا عن الاستعدادات المادية وكذلك السلوكية للكويت، فعلى الجانب المادي هل نحن مستعدون لحروب لا نتمنى حدوثها ولكن احتماليتها عالية وإن لم نرغب فيها؟ وهل تملك الكويت ما يكفيها من الموارد الغذائية والصحية والكهربائية وهي أسس ومقومات للحياة؟ وهل باشرت الدولة استعداداتها لتحقيق هذا الأمن؟ وهل هناك ما يكفي من ملاجئ في حال وقوع الكوارث لا سمح الله؟ وهل استعدت الدولة عسكريا ودفاعيا؟ هي أسئلة لا بد منها، وهو تفكير لا مفر منه في مثل هذه الظروف، وتجاهله وتجاوزه بعبارات "الأمور طيبة وماكو إلا العافية"، وإبقاء الأوضاع كما هي عليه كل ذلك لا يجدي أبدا، وحتى إن كانت التكهنات بوقوع الحرب على خطأ، وإن شاء الله تكون على خطأ، إلا أن هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال عدم الاستعداد للأسوأ، فإن لم يحدث فالحمدلله وإن حدث فنحن مستعدون.إن تزامن الأحداث مع تشكيل الحكومة الجديدة يعيدني إلى ما تمنيته في مقال الأسبوع الماضي من الحكومة، وهو تحديد هدف واضح يبنى عليه التشكيل الحكومي، ولا أعتقد أن هناك اليوم هدفاً أوضح من تشكيل حكومة قادرة فعلا على مواجهة الظروف التي تعيشها المنطقة، فهو يجب أن يكون أول أهداف التشكيل، لا تهم الأسماء ولا الترضيات ولا أي اعتبارات، كل ما يهم هو المحافظة على الكويت في أفضل طريقة ممكنة إلى أن تزول هذه الظروف الكريهة المحيطة بنا، فنحن بكل تأكيد لا نريد لجان تقصي حقائق ما بعد الكوارث، بل المعالجة المسبقة والقراءة الجيدة للأحداث والتعامل على أساسها.أما الجانب السلوكي، وهو جانب خطر جدا ولا بد من مراعاته، فهو يقبع في النفوس، فالمفروض وأكرر أن المفروض أن يقف الكويتيون مع الكويت وسلامتها بغض النظر عن أي أمر آخر أو أي عاطفة تجاه بلدان المنطقة، فالمسألة ليست مسألة تشجيع لفريق دون الآخر، بل هي مسألة وجود وبقاء وأمن، فإن ظل في النفوس كرهنا وتشكيكنا في بعضنا على حسب أصولنا أو انتماءاتنا الدينية فإن العاقبة ستكون أكبر والأخطار ستكون أكثر.هما أمران لا بد من معالجتهما اليوم لا غدا قبل حدوث ما لا نتمنى حدوثه، ولكن المؤشرات تدل عليه، نسأل الله أن يحفظ الجميع ويقينا شر الحروب وويلاتها.
مقالات
قُرِعت
08-11-2017