كيف نترجم رسالة سمو الأمير!
الحالة الراهنة ومخاطرها يجب ألا تكون مجرد شماعة للحكومة للاستمرار في نهجها السابق الذي لم يجلب لنا سوى الكوارث وانتشار الفساد وتبخر المليارات من أموال الدولة برداً وسلاماً ودونما محاسبة أو رقابة، فالحكومة الجديدة هي الأجدر أن تترجم رسالة سمو الأمير في برنامجها وأدائها وشخصياتها كرجال دولة في مرحلة حساسة.
رسالة سمو الأمير إلى أعضاء مجلس الأمة يجب أن توضع في أعلى درجات الاحترام وروح المسؤولية، فمن جهة كلام سموه يعد تشخيصاً دقيقاً لحقيقة تطور الأحداث وتدحرجها في محيطنا الخليجي والإقليمي، وهي بلا أدنى شك تطورات خطيرة وإن كانت في دائرة الاحتواء إلى الآن، ولكن يبقى هذا الملف المنتفخ قابلا للانفجار في أي وقت وربما دون مقدمات.من جهة أخرى ساهم سمو الأمير مشكوراً وبشكل شخصي ومباشر في طرق باب الحوار ودعوة الأشقاء في الخليج إلى التفاهم الأخوي والصريح والشفاف، الأمر الذي يعني اطلاعه على التفاصيل الدقيقة لحجم المشكلة وأبعادها والنتائج المترتبة على استمرارها وتفاقمها.
من هذا المنطلق فإن الدعوة المباشرة لتماسك الجبهة الداخلية والابتعاد عن كل ما شأنه أن يخدش النسيج المجتمعي أو يتسبب في أي شرخ أو تعريض أمن البلد للتهديد واجبة النفاذ مع كونها شرطاً أساسياً لمفهوم الوحدة الوطنية حتى في ظل الأمن والاسترخاء، فما بالك في ظل التوتر والاستقطابات الحادة، ويسري هذا على العلاقات بين مكونات الشعب الكويتي التي باتت تتخاطب وتنقل مشاكلها واختلافاتها وحتى لغتها التصعيدية ضد بعضها البعض على وسائل التواصل الاجتماعي وأمام الرأي العام بشكل مكشوف وعلني، ولا يمكن أن ننكر حجم الجراحات ومستوى الاحتقان الذي تركته ماكينة التغريدات والسنابات والمقالات ومقاطع الفيديو لعدة سنوات بين الكويتيين، ومعظمها مجرد انعكاسات أو ارتدادات من الخارج.النموذج الآخر لتعزيز الجبهة الداخلية هي العلاقة بين السلطتين، وهي علاقة لا تستند إطلاقاً إلى معايير سياسية واضحة، بل تتلاعب فيها حالات المد والجزر، وتتخللها مجموعة معقدة من المصالح والمنافع الشخصية، وتملك الحكومة الكثير من أدوات احتواء وتطويع غالبية أعضاء مجلس الأمة، ولكن تظل الاستجوابات البرلمانية تربكها وتتذرع بها الحكومة في الكثير من المناسبات لاختلاق الأزمات عبر تقديمها الاستقالة الجماعية، كما حدث مع الاستجواب الأخير، أو الإقدام على حل البرلمان، وبعيداً عن تشخيص هذه العلاقة وأسبابها وتحمل المسؤولية تبقى حقيقة أن التوتر بين الحكومة والمجلس ليس في المصلحة العامة على الأقل في ظل الظروف الحالية.لكن يجب التنبيه بل التحذير بأن الحالة الراهنة ومخاطرها يجب ألا تكون مجرد شماعة للحكومة للاستمرار في نهجها السابق الذي لم يجلب لنا سوى الكوارث وانتشار الفساد وتبخر المليارات من أموال الدولة برداً وسلاماً ودونما محاسبة أو رقابة، فالحكومة الجديدة وهي رهن التشكيل هي الأجدر أن تترجم رسالة سمو الأمير في برنامجها وأدائها وشخصياتها كرجال دولة في مرحلة حساسة، وطريقة عمل الحكومة قد تكون الأهم في الحفاظ على الوحدة الوطنية والحفاظ على أمن البلد، وتحصينها من المساءلة لا يعني بأي حال من الأحوال الضوء الأخضر للمسار الأعوج، وتكفينا تجربة الغزو العراقي وكل تبعاتها، فقد كانت الحكومة منفردة في السلطة دون حسيب ولا رقيب ولا مجلس ولا صحافة ولا "تويتر" ولا سناب تشات، ولكن في حين كان صدام حسين يحتلنا كان بعض كبار المسؤولين يسرقون أموالنا ونحن تحت الاحتلال!