في سان هوزيه بولاية كاليفورنيا، حيث يتوقع أن يزيد عدد السكان بنسبة 40 في المئة، أي بحوالي نصف مليون نسمة بحلول عام 2040، قد يوفر التوسع في الاعتماد على السيارات الذاتية القيادة مخرجا لأولئك الذي يواجهون أزمة سكن. اذا ما نجحت المدينة في اقامة نظام مكوك وسيارات أجرة ذاتية القيادة –على سبيل المثال– سيحتاج عدد أقل من السكان الى امتلاك سيارة، وهو ما يعني أن مواقف السيارات الحالية وحتى البعض من الطرقات يمكن أن تخصص كمساحات لبناء مساكن جديدة. وفي الواقع فإن هذه المدينة تفكر في ذلك، وهي تجري سلسلة من الاختبارات من أجل معرفة ما اذا كان هذا ممكناً.وهذا هو النوع من الأفكار الذي قد ترغب الحكومات المحلية الأخرى في تطبيقه– هو مثل على العشرات من التجارب الراديكالية المتعددة التي تحدث حول العالم في الوقت الراهن. وتكمن المشكلة في أن المدن لا تعرف حقاً من يقوم بهذا الابتكار أيضاً. وبغية تسريع التعلم في هذا المسار وضمان أن لدى الأفكار الرائعة فرصة الانتشار أنتجت "بلومبرغ فيلانثروبيز" ومعهد أسبن أطلسا عالميا للمركبات الذاتية القيادة في المدن، وهو يشكل خريطة تفاعلية حول المبادرات الجارية في مختلف وسائل النقلذاتية القيادة حول العالم، والشركاء المعنيين ومدى سرعة تقدم العمل.
توسع الجهود
وعمد أطلس السيارات ذاتية القيادة حتى الآن الى رصد جهود مبكرة في 53 مدينة منها 35 تعمل في مشاريع رائدة فيما تعمل الـ18 المتبقية في مراحل التخطيط والتنظيم والتشريعات اللازمة من أجل المضي قدماً على هذا الطريق. وهناك جهد دولي مشترك بين باريس وهلسنكي وبيونس أيروس وساو باولو للاستفادة من دروس هذه العملية. ويقول جيمس أندرسون، وهو رئيس برنامج الحكومة لدى برنامج الابتكار الحكومي في بلومبرغ "أردنا خلق منصة وطريقة للمدن كي تبدأ بتوضيح رؤيتها الخاصة للمستقبل والشروع في التعبير أو التحدث بعضها مع البعض الآخر حول المشاكل والفرص، لأن المدن عندما تقوم بذلك فإنها تعمل ببراعة أكثر وترفع من طموحاتها". كما أن ذلك الأسلوب من الربط بين رؤساء البلديات بطريقة تسمح لكل طرف بالاستفادة من من أفكار الآخرين هو سمة بلومبرغ فيلانثروبيز الكلاسيكية. ومجموعة الابتكار الحكومية التي نشرت بشكل جيد كلمة "فكرة بلومبرغ" في دوائر التنمية الحضرية من خلال جهودها الرامية الى تشجيع رؤساء البلديات على وضع خطط تقدمية من أجل التفكير بحل قضايا المدن الكبرى ثم ضخ مئات الملايين من الدولارات من أجل تحويل الأفكار الى حقيقة واقعة. والى جانب سلسلة من المبادرات المدفوعة بالمعلومات التي تسمح لقادة المدن بمتابعة التقدم الاجتماعي والاقتصادي في هذا الحقل ساعد ذلك العمل فيلانثروبي على التأكيد بأن تغير العالم يمكن أن يبدأ على مستوى المدينة. وأن ما ينجح في أحد الأمكنة يمكن أن ينتقل الى مكان آخر في العالم. الحقيقة المهمة الأخرىوعلى أي حال فإن مشروع وضع الخرائط هذا ينبع من حقيقة مهمة اخرى. تقرير مرافق للخارطة يشير إلى أن "تخطيط المدن المستهدف للسيارات ذاتية القيادة حديث العهد. وقد غدت بلومبرغ فيلانثروبيز عازمة على حل هذه القضية في عام 2016 عندما شكلت مع معهد أسبن فريقاً عالمياً من رؤساء البلديات للشروع في التفكير في كيفية توجيه هذه الثورة نحو خدمة أفضل للمواطنين. ومنذ ذلك الوقت قامت المجموعة بمسح 38 مدينة تنشط اليوم في العمل في المنطقة. ووجدت أن نحو 25 في المئة بدأت خلال السنة الماضية. وبشكل اجمالي كان لدى 75 في المئة مبادرات تعود الى أقل من 36 شهراً. وعلى أي حال كان يوجد بين من تم استطلاع آرائهم أحلام كبيرة: توقع معظمهم استخدام السيارات ذاتية القيادة على شكل رابط من أجل "نقل الميل الأخير" أو ربط أنظمة النقل الحالية مع الأشخاص الذين يمكن أن يستفيدوا منها ولكن ليست لديهم لبلوغها أو من أقرب نقطة بداية. وتشمل الرؤى الأخرى إيجاد نوع جديد من سيارات الأجرة والنقل العام ومكوك الشحن. كانت تلك مجرد بداية. وربما تتمكن خطط من النوع الذي تنظر فيه مدينة سان هوزيه من علاج البعض من المشكلات والتداعيات التي تسببها الطريقة الحالية في استخدام السيارات –والفوضى وقصر النظر والتخطيط الرجعي الحضري الذي يرافق النقل بالسيارات. وقال أندرسون "لقد تعلمنا الكثير من أول ثورة للسيارات حدثت في مدننا ونحن في حاجة الى ثورة ثانية في عالم السيارات لخدمة المواطنين، وأن تساعد هذه التقنية في معالجة البعض من المشاكل الصعبة والعنيدة التي تواجه المدن".سيارات الروبو
ومن أجل تحقيق تلك الغاية يمكن للمدن أن تضمن أن سيارات الأجرة الروبو تشكل جزءاً من برنامج يهدف الى توفير الفرص الى المحرومين مثل الوظائف أو السكن في مناطق لم يكن في وسعهم بغير ذلك الوصول اليها. وقد سمع أندرسون رؤساء البلديات يتحدثون عن استخدام السيارات ذاتية القيادة من أجل اختصار المدة اللازمة للتعامل مع الحالات الطارئة أومعالجة العزلة الاجتماعية بين كبار السن. وتطرح بعض المقترحات في الأطلس طموحات على هذا النحو وتعرض اغراءات واضحة لمجموعات الصناعة لفهم السوق الناشىء والشركاء المحتملين.وأضاف أندرسون "كان اعتقادنا هو أن قدرة المركبات ذاتية القيادة على علاج مشكلات المدن تزداد عندما يتواصل منتجو المركبات مع المدن. ولهذا السبب سعت "بلومبرغ فيلانثروبيز" للتركيز على تلك التحديات والفرص من منظور المدن، ومن ثم عرض النتائج على الصناعة بحيث تستطيع القيام بما تتقنه عبر الابتكار ومساعدة المدن على مواجهة الصعوبات".وأضاف "في حقل سريع التطور تنطوي قدرة المدن على التواصل وفهم ما يحدث في المدن الأخرى على أهمية بالغة، وقد كان ذلك مستحيلاً فعلياً قبل ظهور هذا الأطلس".