النار تحت الرماد
لم تشهد منطقتنا أحداثاً ساخنة من قبل مثلما نراه الآن من تطورات متلاحقة وتداعيات سياسية واقتصادية وأمنية بالغة الخطورة، ولم تكن متوقعة، ولعل هذا ما دفع سمو أمير البلاد مراراً وتكراراً إلى التأكيد على ضرورة الحفاظ على نعمة الأمن والأمان في الكويت، وأن يدرك الجميع النيران المشتعلة حولنا، والمخاطر التي تهدد مسيرتنا، ويعمل من أجل حماية وطننا من مخاطر الفتنة، وصون وحدتنا الوطنية.ولكن الغريب في الأمر أن بعض السياسيين لا يستوعبون هذا الكلام، ويتكسبون سياسياً، ويعملون من أجل مصالحهم الخاصة والضيقة التي تضر بالوطن، وتجعله دائماً في حالة تأزيم، وتتوقف فيه عجلة التنمية، ويتعرض أمنه واستقراره للخطر، وهؤلاء يروجون بأنهم يدافعون عن حقوق المواطنين ومكتسباتهم رغم أن دوافعهم يعرفها الجميع، وما يفعلونه يأتي بنتائج عكسية، ولا يعيرون التحذيرات من إثارة الخلافات السياسية في الوقت الراهن أهمية.
في المقابل فإن الحكومات المتعاقبة خلال السنوات الأخيرة أثبتت فشلها الذريع في إدارة ملف التنمية ومحاربة الفساد وتحقيق العدل والمساواة بين المواطنين، وأصبح الطريق القصير هو الاستقالة لأي حكومة تتعرض للضغوط السياسية أو كشف مظاهر الفساد المنتشرة في بعض مؤسساتها ووزاراتها، والتي عادة تعطل مصالح البلاد والعباد إلى أن يتم تشكيل حكومة جديدة بالأسلوب نفسه مع تغيير بعض الأشخاص أو تدوير بعض الوزراء؛ لتظل النار تحت الرماد ويظل التأزيم قائماً بين السلطتين.إن الكويت تستحق منا أن نحافظ على استقرارها، وأن تكون جبهتنا الداخلية متماسكة، ونبتعد عن الاصطفافات الطائفية أو القبلية أو الفئوية، ولا نسمح بأي خطاب سياسي يثير الكراهية والبغضاء، وأن يكون نواب الأمة ووزراء حكومتها في مقدمة الصف وقدوة للشعب، ويتحلوا بأخلاق رجال الدولة القادرين على تحمل المسؤولية، وأن يكون هناك تعاون بنّاء وحقيقي وملموس بين السلطتين، وأن تشاع أجواء التهدئة والتفاهمات وتصويب الممارسات الخاطئة وعدم الجنوح إلى التصعيد السياسي غير المبرر في هذه الأوقات العصيبة والاستثنائية.وحفظ الله الكويت من كل مكروه.