موجة عزوف كبيرة عن الاستثمار في العقارات الخارجية
تقلب العملات وضبابية المشهدين السياسي والاقتصادي وانخفاض أعداد المعارض أبرز الأسباب
ذكر عدد من العقاريين أن القطاع العقاري المحلي لا يخدم رؤوس الأموال الصغيرة لأن ارتفاع أسعار العقارات وعدم وجود تنوع في المساحات يجعلان صغار المستثمرين يبحثون عن استثمارات خارجية.
يرتبط الاستثمار في القطاع العقاري، وخاصة الخارجي، بعلاقة وطيدة مع المستثمر المحلي، فمنذ قديم الزمن سارع المستثمرون الكويتيون إلى الاستثمار وتملك العقارات الخارجية في العديد من بلدان العالم، حيث يستغل بعضهم العقار في قضاء فترة الصيف والعطلات السنوية، فيما يسعى البعض الآخر للاستفادة من العوائد الإيجارية، وزيادة رأس المال.فثقافة الاستثمار في العقارات الخارجية راسخة في عقول وأذهان الكويتيين، كما أن ارتفاع أسعار العقارات المحلية، ووصولها إلى أرقام قياسية، مقارنة بما قبل عام 2009 تقريبا، شجع العديد من المواطنين على الاستثمار في العقارات الخارجية، حيث أصبح من الصعب على صغار المستثمرين التملك في العقار المحلي، وهذا ما جعل السوق المحلي من أهم الأسواق بالنسبة لمسوقي العقارات الدولية، إذ كان عدد المعارض العقارية التي تقام سنويا يصل إلى 10 معارض، وهذا العدد كبير جدا مقارنة بالأعداد التي تقام في دول المنطقة.لكن خلال الفترة الماضية، وتحديدا منذ بداية العام الحالي، بدا واضحا انخفاض إقبال المستثمرين المحليين على الاستثمار في العقارات الخارجية، وذكرت تقارير عدة أن هذا التراجع تقدر نسبته بـ80 في المئة تقريبا، مقارنة بالسنوات الماضية.
أسباب العزوف
«الجريدة» رصدت أهم الأسباب التي أدت إلى عزوف المواطنين عن الاستثمار في العقارات الدولية، والتي يمكن حصرها في 5 عوامل، يأتي على رأسها ضبابية المشهدين السياسي والاقتصادي، حيث تعاني المنطقة مشاحنات سياسية حادة بين العديد من الدول، والتي انعكست سلبا على المشهد الاقتصادي، ما أثر في قرار الاستثمار بالعقارات الدولية لدى العديد من المواطنين.ويأتي تقلب العملات كثاني الأسباب التي أدت إلى تراجع الطلب على العقارات الخارجية، حيث خسرت عدد من العملات نسبا كبيرة من قيمتها، وصلت إلى 50 في المئة، ما يعني تراجع الأرباح والعوائد التي تدرها تلك العقارات. وقد يمحو تقلب العملات جميع الأرباح المحققة طيلة السنوات الماضية، أي أن فكرة الاستثمار في العقارات الدولية ليست ذات جدوى استثمارية في الوقت الحالي.أما السبب الثالث، فيكمن في انخفاض المعارض العقارية، حيث انخفضت أعداد المعارض المقامة خلال العام الحالي بشكل ملحوظ جدا، مقارنة بالسنوات الثلاث الماضية. وأصدرت وزارة التجارة والصناعة أخيرا قرارا وزاريا ينظم عمل المعارض العقارية، ووضعت العديد من الشروط والمتطلبات، ما ساهم أيضا بتراجع الاستثمارات المحلية بالعقارات الخارجية، لأن المعارض العقارية تعد من أهم وسائل التسويق للعقار الدولي.فيما يتمثل العامل الرابع في تشبُّع السوق المحلي من العقارات الخارجية، حيث شهدت السنوات الماضية رغبة كبيرة لدى المواطنين للتملك في العقار الدولي، وأصبح هناك نوع من النضوج لدى المستثمر المحلي، والبحث عن فرص بديلة غير الاستثمار في العقارات الخارجية.فيما آخر الأسباب يكمن في عمليات النصب والاحتيال التي تعرَّض لها العديد من المواطنين، والسمعة السيئة التي انتشرت عن شركات تسويق العقار الدولي، والتي كان لها أثر سلبي على نفسيات المستثمرين، ما أدى إلى تراجع الطلب على العقار الخارجي.إعادة المستثمر المحلي
من جانب آخر، يوضح عدد من العقاريين أن الجهات المسؤولة يجب أن تعمل على إعادة المستثمر المحلي، والاستفادة من رؤوس الأموال، حيث يعاني القطاع العقاري عدم وجود بيئة استثمارية صحية.وذكروا أن القطاع العقاري المحلي لا يخدم صغار رؤوس الأموال، حيث إنه مع ارتفاع أسعار العقارات وعدم وجود تنوع في المساحات يجعل صغار المستثمرين يبحثون عن استثمارات خارجية.وشهدت السنوات الماضية هجرة عدد كبير جدا من روؤس الأموال للخارج، وخاصة مع وجود كثير من المغريات التي تعمل على جذب المستثمر المحلي، وأيضا أعلنت العديد من البلدان مزايا وتسهيلات للمستثمر الكويتي، ووضعت لهم بيئة استثمارية صحية.وشهد قطاع تسويق العقار الدولي نموا بشكل كبير، وعلى سبيل المثال تركيا، حيث هناك إقبال الكبير من الأجانب على شراء الشقق السكنية، بعد قرار جمهوري قضى بالسماح لمواطني 130 دولة بالتملك بتسهيلات غير مسبوقة، وكانت التسهيلات التي قدمتها الحكومة التركية للراغبين في شراء العقارات مشجعة وجاذبة للمستثمرين.وتتوقع تقارير عديدة أنه في حال تحسن المشهدين السياسي والاقتصادي واستقرار العملات، فسوف تكون هناك موجة هجرة للمزيد من أموال صغار المستثمرين للخارج، في ظل وجود تسهيلات وإعفاءات تقدمها بعض الدول الأوروبية والعربية للكويتيين للتملك والاستثمار في العقارات.وتعمل في السوق المحلي عشرات الشركات المطورة للعقارات، وتحتدم المنافسة بينها، ورغم ذلك، فإنه لا يوجد تنوع في القطاعات العقارية، بسبب القوانين الحكومية، التي حدت من قدرة تلك الشركات على العمل في بعض القطاعات.صغار المستثمرين
ويقول عدد من العقاريين إن السوق المحلي توجد به العديد من الفرص الاستثمارية العقارية، لكنها لا تتناسب من ميزانية صغار المستثمرين، كما لا توجد بيئة استثمارية صحية بالكويت، في ظل افتقاد العديد من القوانين التي من شأنها تعزيز الاستثمارات في بعض القطاعات العقارية.ويذكر عدد من المختصين، أن صغار المستثمرين يتملكون الشقق في الخارج، ورغم أن العوائد في السوق المحلي تعد أكبر من بعض الأسواق، لكن قطاع الشقق غير جاذب للمستثمرين، لعدم وجود إلزامية في إنشاء اتحاد مُلاك الشقق. ويؤكد عقاريون أن من أهم عوامل جذب المستثمرين هو قانون اتحاد المُلاك، الذي يعمل على حفظ الحقوق في العقار الواحد.ويؤكد مختصون أن هناك رغبة كبيرة للاستثمار في السوق المحلي، لكن القوانين غير مشجعة، وخاصة أنه لا توجد ضرائب أو رسوم على مالكي العقارات، ما يرفع العوائد الإيجارية من قيمة العقار نفسه.
السنوات الماضية شهدت هجرة عدد كبير جدا من رؤوس الأموال للخارج