إقليم مُلتهِب وإصلاح داخلي... مرة أُخرى
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
وفي هذا السياق لا بأس من أن نُذكر من جديد في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها منطقتنا، والتطورات السياسية المتسارعة، بأن الشعوب وحدها هي التي تحمي الأوطان وتحافظ على الأنظمة، فالاستعدادات العسكرية والأمنية، تفقد أهميتها إن لم تكن الجبهة الداخلية متماسكة وقوية بحيث يتوحد المواطنون جميعاً، بصرف النظر عن هوياتهم الثانوية وخلافاتهم السياسية، في الدفاع عن أرض الوطن الغالي، وعن الشرعية السياسية وذلك مثلما حصل، على سبيل المثال لا الحصر، أثناء الغزو العراقي الغاشم لوطننا عندما تناسى الجميع خلافاتهم السياسية، واتحدوا دفاعاً عن الوطن الغالي، وعن الشرعية الدستورية، حيث تم التأكيد على ذلك أمام أنظار العالم أجمع في مؤتمر جدة الذي عُقد في أكتوبر 1990. ولذلك فإن مشاركة الشعوب مشاركة حقيقية لا شكلية في سلطة صنع السياسات واتخاذ القرارات العامة هي مسألة في منتهى الأهمية، لا تحتمل التأجيل من أجل تماسك الجبهة الداخلية وتقوية الجبهة الخارجية، فالشعوب على أتم الاستعداد، متى ما كانت مشاركة في السُلطة والثروة، لتحمل مسؤولياتها الوطنية في الدفاع عن أوطانها وأنظمتها الديمقراطية. هذا ناهيك عن ضرورة حظر الجماعات والقنوات الفضائية الطائفية والفئوية والعنصرية التي تروُج خطاب الكراهية وتدعو للتمييز والبغض الاجتماعيين، ثم إلغاء السياسات الاقتصادية النيوليبرالية التي تخلق البطالة، والفقر، واتساع الفوارق الطبقية، والبؤس الاجتماعي. وعندئذ يمكننا الحديث فعلياً عن وجود قواعد وطنية صلبة لتماسك الجبهة الداخلية لا يمكن أن تهزها إشاعات مُغرضة وإعلام فاسد، أو تتجاذبها اصطفافات رجعية مُدمرة، أما الخلافات السياسية الداخلية فينبغي أن تبقى ضمن حدودها الدستورية باعتبارها خلافات من أجل الوطن لا حوله.