خرق رئيس الحكومة سعد الحريري، أمس الأول، "جدار الصمت" الثقيل الذي اعتصم به أسبوعاً كاملاً ليضع "بعض" النقاط على حروف استقالته.

وقالت مصادر متابعة، إن الحريري في إطلالته التلفزيونية (على تلفزيون المستقبل مع بولا يعقوبيان) "انتقل إلى المرحلة الجديدة من خطّته لتصويب المسار داخلياً، فطرح خطوات عمليّة للخروج من الأزمة الحاصلة، واضعاً النأي بالنفس عن صراعات المنطقة، وبالتالي انسحاب حزب الله من أزماتها، شرطاً أول لإحياء التسوية السياسية" التي جاءت به رئيساً للحكومة وبالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية.

Ad

وأضافت المصادر لـ "الجريدة" أن "الحريري سيجري عند عودته إلى لبنان مفاوضات مكثّفة مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ومع حلفائه السياسيين، للتوصل إلى تسوية جديدة، بشروط جديدة هذه المرة، يكون في صلبها التزام كل الأطراف اللبنانية بسياسة النأي بالنفس".

وتابعت: "سيتعين على الرئيس عون لعب دور محوري ومصيري. فحزب الله حليف أساسي له واذا لم يُقنعه بالانسحاب من سورية واليمن والكويت والبحرين، لن يتمكّن بعد اليوم- وفي ضوء المواقف السعودية التصعيدية- من تشكيل أي حكومة جديدة".

عون يرحب

وعلق الرئيس عون​ في تصريح له عبر ​وسائل التواصل الاجتماعي​، أمس، على إعلان ​الرئيس الحريري​ عن قرب عودته الى ​لبنان​، قائلاً: "سررت بإعلان الحريري عن قرب عودته إلى لبنان، وعندها سنطّلع منه على كافة الظروف والمواضيع والهواجس التي تحتاج الى معالجة".

ونقلت وكالة "رويترز" عن عون تأكيده أمام زواره، أمس، أن "تلميح رئيس الحكومة سعد الحريري باحتمال عدوله عن الاستقالة أمر إيجابي"، مشيراً إلى أن "تصريحات الحريري تظهر أن التسوية السياسية التي تدعم الحكومة الائتلافية لا تزال قائمة".

وأكد عون أن "الحملة لعودة الحريري من السعودية أتت بنتائج إيجابية". من ناحيته، صرح الرئيس بري، أمس، قائلاً: "العدول عن الاستقالة فيه عدالة".

واعتبر عضو كتلة "المستقبل" النائب ​عقاب صقر​، أمس، أن "استقالة الحريري​ نهائية إلا في حال بدَّل ​حزب الله​ استراتيجيته في المنطقة التي جرت الويلات على ​لبنان​ وأوقف تدخله في اليمن وسورية والبحرين والكويت"، لافتاً إلى أن "الأهم هو وقف مفاعيل تدخل حزب الله في الخارج ومفاعيل سلاحه في الداخل، الذي لم يعد مقبولاً وأدى إلى اصطدام لبنان مع الخارج".

جعجع

كما لفت رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع عبر حسابه على "تويتر"، أمس، إلى أنه "ما زال من الممكن إنقاذ التسوية السياسية إذا التزمت الحكومة فعلياً وعملياً بسياسة النأي بالنفس، خصوصاً لجهة سحب حزب الله من سورية ومن أزمات المنطقة".

وكان الحريري استقبل أمس، في دارته في الرياض، رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في المملكة العربية السعودية ميكيلي سيرفون دورسو والسفير الألماني في المملكة ديتر والتر هالر، والسفير البريطاني في الرياض سايمون كولينز.

في موازاة ذلك، غادر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، مطار رفيق الحريري الدولي - بيروت، أمس، متوجهاً إلى المملكة العربية السعودية في زيارة تاريخية.

واعتبر الراعي أن "اطلالة الحريري كانت مطمئنة وفتحت آفاقاً جديدة". وقال: "أعتقد أن زيارتي إلى السعودية أخذت صفة التاريخية والمهمة نسبة للحدث الذي نعيشه في لبنان والأعين اللبنانية تتأمل الخير لاسيما وأنه من المملكة لم يأتنا إلا الخير". وأضاف: "ويسرني أن أكون أول بطريرك ماروني يزور المملكة".

كما أعلن القائم باعمال سفارة المملكة العربية السعودية وليد بخاري، خلال وداعه الراعي في مطار رفيق الحريري الدولي، أنه أخبر الرئيس عون بإمكانية إيفاد وزير الخارجية جبران باسيل إلى المملكة للاطلاع على الأوضاع كافة"، معتبراً أن "الزيارة التاريخية اليوم للبطريرك الراعي ستكون خيراً للجميع". وأكد بخاري أن "الجالية اللبنانية في السعودية في بلدها الثاني وتحظى بكل الاحترام".

باريس

اعتبرت وزارة الخارجية الفرنسية، أمس، أن "عدم تدخل إيران في شؤون لبنان شرط مهم لاستقرار المنطقة".

وقالت المتحدثة باسم الوزارة آنيس روماتيه إسباني: "نتمنى من كل الأطراف، التي لها نفوذ في لبنان أن تترك المجال لكافة اللاعبين السياسيين في هذا البلد كي يمارسوا مسؤولياتهم بالكامل".

وتابعت: "السيد سعد الحريري دعا إيران إلى عدم التدخل في شؤون لبنان وجيرانه. نعتقد أن هذا شرط مهم لاستقرار المنطقة". وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان قال أمس، إن "من الضروري أن يحظى كل الساسة في لبنان بحرية التنقل والسفر حتى يتسنى حل الأزمة السياسية في البلاد".

طهران

كما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ​بهرام قاسمي، أمس، إن "​استقالة​ الحريري​ كانت فجائية جداً ومشبوهة"، موكداً أن "إيران لا تتدخل في الشؤون اللبنانية"، متمنياً أن "يعود إلى بلده لبنان في أقرب وقت".

بغداد والدوحة

إلى ذلك، كشفت وزارة الخارجية العراقية، أمس، أن "بغداد تتواصل مع السعودية ولبنان لحل الأزمة الناجمة عن استقالة الحريري". وأضاف المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد محجوب، أن "العراق فاعل في التواصل من خلال علاقاته مع لبنان والسعودية لمعالجة الأزمة".

ورأى ​وزير الخارجية القطري​ ​محمد بن عبدالرحمن​ آل ثاني، أمس، أن "المسألة اللبنانية ذات حساسية خاصية لتعدد أطيافه ويجب عدم التدخل في شؤونه الداخلية".