خسارة التنوع البيولوجي ونواقيس الخطر
إذا كان لنا أن ننجح في التصدي للعواقب الكاملة المترتبة على تغير المناخ في حياتنا، فيتعين علينا أن ندرك أن الأنشطة البشرية تتسبب في ما هو أكثر من مجرد إضافة بضع درجات حرارة إلى التنبؤات السنوية.
![بروجيكت سنديكيت](https://www.aljarida.com/uploads/authors/176_1682431716.jpg)
يأتي هذا الافتقار إلى القدر الكافي من الاهتمام على الرغم من التعهدات الدولية بحماية التنوع البيولوجي، ففي شهر أكتوبر من عام 2010 التقى زعماء العالمي في إيتشي في اليابان، حيث أنتجوا الخطة الاستراتيجية للتنوع البيولوجي 2011-2020، والتي تضمنت عشرين هدفا طموحا- مثل خفض خسارة الموائل الطبيعية العالمية إلى النصف، وإنهاء الصيد الجائر- اتفق الموقعون على تلبيتها بحلول عام 2020، كما تأتي حماية التنوع البيولوجي على وجه التحديد ضمن أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، ومن المرجح رغم ذلك أن يكون التقدم نحو تحقيق أهداف التنوع البيولوجي العالمي قاصرا بدرجة خطيرة عن المطلوب لضمان مستقبل مقبول للجميع.يتفق صناع السياسات إلى حد كبير على أهمية منع ارتفاع درجة الحرارة العالمية عن تجاوز درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة- وهو هدف اتفاق باريس للمناخ، غير أن قِلة من زعماء العالَم أبدوا أي إحساس بإلحاج الحاجة إلى وقف خسارة التنوع البيولوجي، ويعتمد المستقبل المستدام الذي نريده على إنهاء هذه الحالة من عدم الاكتراث. لتحقيق هذه الغاية يعتزم المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات بشأن التنوع البيولوجي وخدمات النظم الأيكولوجية، الذي أتولى رئاسته، إطلاق سلسلة من التقارير التاريخية في مارس المقبل حول العواقب المترتبة على تدهور التنوع البيولوجي، وستغطي هذه التقييمات التي أعدها على مدار ثلاث سنوات أكثر من 550 خبيرا من نحو 100 دولة أربع مناطق عالمية: الأميركيتين، وآسيا ومنطقة المحيط الهادئ، وإفريقيا، وأوروبا وآسيا الوسطى. وسيتناول تقرير خامس تدهور الأراضي وإعادتها إلى حالتها الأصلية على المستويين الإقليمي والعالمي.وستسلط التقارير الضوء على الاتجاهات واحتمالات المستقبل الممكنة، مع تحديد الخطوط العريضة لأفضل الخيارات بين السياسات المتاحة لإبطاء تدهور النظم الأيكولوجية، من الشعاب المرجانية إلى الغابات المطيرة، وستمثل هذه التقييمات في مجموعها الرأي الذي يُجمِع عليه المجتمع العلمي حول حالة التنوع البيولوجي وخدمات النظم الأيكولوجية. وستسلط التقارير الضوء فضلا عن ذلك على الروابط الوثيقة بين خسارة التنوع البيولوجي وتغير المناخ، والتي ينبغي معالجتها في الوقت نفسه، ولن يتمكن العالَم من تلبية أهداف اتفاق باريس للمناخ- أو العديد من أهداف التنمية المستدامة- ما لم يضع في الاعتبار حالة التنوع البيولوجي وخدمات النظم الأيكولوجية. اليوم تفصل أغلب الحكومات سلطاتها البيئية عن تلك التي تركز على الطاقة والزراعة والتخطيط، وهذا يجعل من الصعب معالجة تغير المناخ أو خسارة التنوع البيولوجي بطريقة شاملة، ونحن في احتياج إلى أنماط جديدة من هياكل الإدارة المبدعة للتقريب بين هذه الصوامع السياسية.بعد إطلاق التقارير الإقليمية الصادرة عن المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات بشأن التنوع البيولوجي وخدمات النظم الأيكولوجية العام القادم، سيُنشَر تقييم عالمي مبني على هذه التقارير في عام 2019، وستكون هذه أول نظرة عالمية شاملة للتنوع البيولوجي وخدمات النظم الأيكولوجية منذ تقييم الألفية الرسمي للنظم الأيكولوجية الصادر عام 2005، وسيتناول هذا التقييم صحة النظم الأيكولوجية البرية، والمياه العذبة، والنظم البحرية، فضلا عن تأثير بعض العوامل مثل التحمض، وارتفاع درجات حرارة سطح البحر، والتجارة، والأنواع الغازية، والصيد الجائر، والتلوث، وتغيرات استخدام الأراضي.وسيتطلب نجاح الجهود الرامية إلى عكس اتجاه الاستخدامات غير المستدامة للأصول الطبيعية في العالَم أن يعيد صانعو السياسات النظر في قيمة التنوع البيولوجي للشعوب، والبيئات، والاقتصادات، ولكن الخطوة الأولى تتلخص في ضمان الحصول على أفضل المعارف المتاحة لمراجعة الأقران لاتخاذ القرارات السليمة؛ وما إذا كانت التقييمات المرتقبة ستدفعنا في ذلك الاتجاه.إذا كان لنا أن ننجح في التصدي للعواقب الكاملة المترتبة على تغير المناخ في حياتنا، فيتعين علينا أن ندرك أن الأنشطة البشرية تتسبب في ما هو أكثر من مجرد إضافة بضع درجات حرارة إلى التنبؤات السنوية، وبحلول أوائل العام المقبل ستتجمع لدينا البيانات الكافية حول التنوع البيولوجي وخدمات النظم الأيكولوجية لإثبات هذه الحقيقة، وبالتالي الخيارات المتاحة لتغيير المسار.* روبرت واتسون* المدير الاستراتيجي لمركز تيندال لبحوث تغير المناخ في جامعة إيست أنجليا، وهو رئيس المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات بشأن التنوع البيولوجي وخدمات النظم الأيكولوجية.«بروجيكت سنديكيت، 2017» بالاتفاق مع «الجريدة»