گلنار
قبل ثلاثة أيام هز زلزال مدمر المنطقة وتحديدا عند الحدود العراقية، شعرنا به ولم يتضرر أحد منه في الكويت، بحمد الله، إلا أن گلنار ذهبت ضحية هذا الزلزال تاركة والديها في بحر من الأحزان لن يجف أبدا.
"گلنار" فتاة إيرانية تبلغ من العمر 11 عاما، تعيش في كنف أسرة فقيرة، تتنقل بين المدن والقرى الإيرانية بحثا عن الرزق والعيش الكريم.أبصرت گلنار نور الدنيا بعد سنوات انتظار طويلة قضاها والداها في التنقل ما بين الأطباء وشيوخ الدين إلى أن رزقهما الله بها، لتصبح جنتهما في الدنيا ومصدر سعادتهما، وباتا يضاعفان العمل والجهد ليوفرا لها عيشة كريمة وتعليما مميزا حرمتهما الحروب وتقلبات الحياة من أن يحظيا به لنفسهما.لقد أصبحت گلنار بمثابة عجلة الحياة لوالديها والمحرك والمتحكم الرئيس فيهما، فمتى ما شحت الأعمال في مدينة انتقلوا إلى مكان آخر بحثا عن رزق أكبر وحياة أفضل، وصارت ابتسامتها وضحكتها بلسما لمشقتهم وعنائهم.
آخر محطات هذه الأسرة السعيدة كان في مدينة صغيرة متاخمة للحدود العراقية، انتقلوا لها أملا في مردود مادي أكبر يوفر لهما ولگلنار حياة أفضل، وقد تحقق لهم ذلك بالفعل. قبل ثلاثة أيام هز زلزال مدمر المنطقة وتحديدا عند الحدود العراقية، شعرنا به في الكويت ولم يتضرر أحد منه في الكويت، بحمد الله، إلا أن گلنار ذهبت ضحية هذا الزلزال تاركة والديها في بحر من الأحزان لن يجف أبدا.رغم هذا الانزعاج الذي تشعرون به من هذه القصة فإن هناك أناسا يعيشون بيننا شعروا بالسعادة لمجرد أن جنسية گلنار إيرانية، وأنا هنا لا أفترض ذلك بل ما عليكم سوى قراءة تعليقات القراء على خبر ضحايا الزلزال في إيران لتعرفوا ما أقصد.والأمر غير مرتبط بإيران فحسب، بل صارت مشاعر الكثيرين منا مرتبطة بجنسية الضحايا في سورية أو اليمن أو إيران أو العراق أو ليبيا أو مصر، فأصبحت شياطيننا تسعد بأخبار الموت دون مبرر، وكأن موت الشعوب والملل الأخرى انتصار لنا.كم گلنار فرح البعض برحيلها لأن دولتها تخالفنا الرأي أو التوجه أو المعتقد الذي نعتقده؟ وهل يستحق هؤلاء أن يوصفوا بأنهم بشر؟هذا واقع نعيشه اليوم ولا تنفع أي عبارات زائفة لتصوير غير ذلك، فأزمتنا أخلاقية لا تحميها عبارات وردية.