«البنتاغون» تعارض حرباً غير مدروسة على إيران
ماتيس يربط ضرب «أدوات طهران» ببلورة «حل متكامل» لِلَجْمها
تجزم أوساط سياسية مطلعة بأن إدارة البيت الأبيض ليست متفقة تماماً على الوجهة التي ستعتمدها في معالجة ملف التمدد الإيراني بالمنطقة، في ظل وجهات نظر متباينة فيما بينها، رغم اتفاقها المبدئي على ضرورة إنهاء هذا التمدد، وهو ما ظهر بالأسابيع والأيام الأخيرة في موقف كبار مسؤولي تلك الإدارة مما جرى في لبنان والسعودية وسورية والعراق واليمن. وتقول الأوساط إن الأمر لم يعد سراً في وجود اختلافات بين شاغلي «الجناح الغربي» من البيت الأبيض أنفسهم، ومع وزيري الخارجية والدفاع ريكس تيلرسون وجيم ماتيس. جاريد كوشنير، صهر الرئيس دونالد ترامب، يحمل وجهة نظر تصعيدية، حاول تطبيقها في لبنان والسعودية واليمن، مقابل مستشار الأمن القومي هيربرت ماكماستر، وكبير موظفي البيت الأبيض جون كيلي، اللذين يعملان على توفير ظروف أكثر ملاءمة ونضجاً للقيام بعمل متكامل تجاه طهران.
ماتيس، الذي يتفق مع ماكماستر، صعّد موقفه المتعارض مع موسكو في كيفية رؤية مستقبل سورية، لإرساء معالجة طويلة الأمد لملفها بالنظر إلى النجاحات التي حققتها القوات التي تدعمها واشنطن في سورية، وعمله على تثبيت وجهة نظر وزارة الدفاع «البنتاغون» لناحية قطع الطريق جدياً على خطط طهران لإقامة خط استراتيجي يربطها ببغداد ودمشق وبيروت.وبحسب الأوساط، فإن وزير الدفاع قطع الطريق على محاولات استعجال فتح مواجهة فورية مع إيران، بعدما ظهر أن عملاً عسكرياً كان يجري تحضيره لتوجيه ضربة عسكرية موضعية في أعقاب إطلاق الصاروخ الحوثي على الرياض، وإعلان سعد الحريري استقالته من رئاسة وزراء لبنان. ماتيس خالف كذلك توجهات كوشنير الذي بدا كأنه «مهندس حالة الاستنفار» التي سادت في الأيام الأخيرة، لاقتناعه بأن فتح الجبهة الآن ضد إيران أو أي من أدواتها، والمقصود به «حزب الله» اللبناني، من شأنه أن يؤدي إلى تعقيدات في غنى عنها الآن. هكذا فسرت الأوساط قوله بأن قوات التحالف الذي تقوده بلاده باقية في العراق وسورية مادام أن الحل السياسي، بعد القضاء على «داعش»، لم تنضج ظروفه بعد.إقفال الحدود العراقية ــ السورية في وجه إيران يحتاج إلى معالجات لا تقتصر على الجانب العسكري فحسب، بل تتعداه إلى عمل سياسي طويل المدى، وخصوصاً في العراق، في وقت لم يجر ترسيم مناطق وجود القوات الإيرانية وميليشياتها في الحدود الجنوبية لسورية مع إسرائيل، وهو ما تدور حوله التصريحات والمواقف المتناقضة بين واشنطن وموسكو، ويناقشه الوفد الأميركي الرفيع المستوى، الذي يزور تل أبيب الآن لبلورتها.وتضيف الأوساط أن ما جرى في مدينة البوكمال قد يكون قراراً روسياً غير معلن في حجب الغطاء الجوي عن الميليشيات الإيرانية التي دخلتها، نتيجة ضغوط أميركية بمنع سيطرة تلك القوات عليها، في حين تقترب القوات المدعومة من واشنطن حثيثاً من تلك المدينة لتضمها إلى المناطق التي تسيطر عليها من عفرين والرقة وصولاً إلى التنف في أقصى جنوب شرق سورية.وتلفت إلى حدة موقف «البنتاغون» من اتهامات موسكو لواشنطن بأنها تنسق مع «داعش»، إذ نفي المتحدث باسمها المايجور ادريان غالاوي هذه الادعاءات، مؤكداً أن التصريحات الروسية هي محض «بروباغندا»، وما يقوم به الروس في العلن عكس ما يقولونه سراً للقوات الأميركية.وتعتقد الأوساط أخيراً بأن الأزمة التي نشأت عن استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في طريقها للتبريد، مع غلبة موقف «البنتاغون» الذي عبر عنه قائد القوات الجوية في القيادة الأميركية الوسطى، حين دعا لتجنب الحرب في لبنان خلال هذه المرحلة، ليلتحق به موقف وزير الخارجية ريكس تيلرسون بعد ساعات، ثم موقف البيت الأبيض في اليوم التالي، في الدعوة إلى الحفاظ على «الستاتيكو» القائم فيه بانتظار نضوج ظروف مؤاتية لا تعرقل المساعي التي تطمح واشنطن من خلالها إلى تطبيق استراتيجيتها في مواجهة أنشطة إيران بالمنطقة.