باتفاق فرنسي - سعودي، يصل زعيم تيار المستقبل اللبناني سعد الحريري غدا الى العاصمة الفرنسية باريس مع عائلته، ليرتاح أياما قليلة معدودة، قبل أن يعود الى بيروت ليقدم الى رئيس الجمهورية ميشال عون استقالته رسميا من منصب رئيس الحكومة، التي أعلنها قبل أسبوعين بطريقة مفاجئة.الى ذلك، نفى وزير الخارجية السعودي عادل الجبير احتجاز المملكة العربية السعودية للحريري، قائلا إن "ادعاءات واتهامات الرئيس اللبناني (ميشال عون) بشأن احتجاز الحريري باطلة وغير صحيحة، وهو يستطيع أن يغادر متى يشاء، وهو مواطن سعودي كما هو مواطن لبناني"، مشددا على أن "الحريري في السعودية بإرادته وعودته للبنان تعود له ولتقييم الأوضاع الأمنية". وأتى كلام الجبير مع إعلان الرئيس عون، أمس، أن "الرئيس الحريري سيصل يوم السبت الى باريس مع عائلته، ليرتاح في فرنسا أياما قليلة معدودة، قبل أن يعود الى بيروت، وعندها يقرر في مسألة الاستقالة".واعتبر الجبير بعد لقائه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن "الأزمة في لبنان أساسها حزب الله الذي اختطف النظام اللبناني، وهو أداة في يد الحرس الثوري الإيراني"، مشيرا إلى أن "هناك شبه إجماع في العالم على أن حزب الله منظمة إرهابية، ويجب عليها احترام الطائف ونزع سلاحها، كما يجب إيجاد وسائل للتعامل مع حزب الله، وهناك خطوات فعلية بهذا الصدد".
ولفت الجبير إلى أن "اللقاء مع لودريان بحث في تدخلات إيران والوضع في المنطقة بشكل عام، والاجتماعات كانت إيجابية ومثمرة، وتعكس العلاقة التاريخية مع فرنسا"، مضيفا: "نقدر موقف باريس الرافض لاستهداف الرياض بصاروخ إيراني، وبحثنا تدخلات طهران والوضع في المنطقة بشكل عام". وأوضح أن "مؤتمر المعارضة السورية هدفه توحيد الرؤية للحل السياسي، وتم تحديد اجتماع المعارضة السورية يوم الأربعاء المقبل".
لودريان
من جهته، أعلن لودريان أن زيارته الى السعودية تندرج تحت إطار الشراكة التاريخية لفرنسا مع المملكة، وكشف أنه "تم البحث في الملف اللبناني، وأجمعنا على استقرار لبنان".ولفت لودريان الى أنه "نريد أن ننسق فيما بيننا لإعادة الوضع الطبيعي في لبنان بعد استقالة الحريري ونسعى إلى تنسيق المواقف بشأن سورية والعراق".وعن الملف السوري، أمل لودريان "بوقف المعارك في سورية، وهناك مبادرات مهمة لخفض التصعيد"، مشدداً على أن "على أي حل سياسي في سورية احترام وحدة البلاد وتنوعها". وتابع: "ربحنا الحرب على داعش، ويجب كسب معركة السلام أيضاً".وأعرب لودريان عن قلق فرنسا "من تدخلات إيران ومن نزعات الهيمنة التي تبديها، ومن خطر البرامج الصاروخية الباليستية الإيرانية"، مؤيدا "الاصلاحات السعودية وعلى رأسها رؤية 2030"، وقال: "التحالف بقيادة السعودية اتخذ خطوات مهمة في تسهيل العمل الإغاثي باليمن".وكان لودريان التقى أمس في الرياض الرئيس الحريري، الذي قال ردا على أسئلة للصحافيين حول موعد ذهابه الى فرنسا: "أفضّل ألا أجيب الآن"، مضيفا: "سأعلن لكم ذلك في وقت لاحق".في السياق، أمل رئيس الجمهورية ميشال عون أن "تكون الأزمة انتهت، وفُتح باب الحل بقبول الرئيس سعد الدعوة إلى زيارة فرنسا"، وأضاف: "أنتظر عودة الرئيس الحريري من باريس، لنقرر الخطوة التالية بموضوع الحكومة". وأكد عون أمام مجلسي نقابتي الصحافة والمحررين، أمس، أن "كرامة لبنان وسيادته واستقلاله تتقدم على كل المصالح، ويجب أن يشعر كل لبناني أن فوقه مظلة تحميه من أي اعتداء أياً يكن مصدره"، مشددا على أن "همّنا خلال معالجة الأزمة كان تمتين الوحدة الوطنية وحماية الاستقرار الأمني والمالي والاقتصادي". وأوضح الرئيس أن "لا خوف من شلل حكومي طالما أن الدستور ينص على اجتماعات استثنائية لمجلس الوزراء".وأشار عون إلى أن "التسوية هي تسوية داخلية لا دور لأحد من الخارج فيها، وانتخاب رئيس الجمهورية، أتى نتيجة تقاطع لبناني وحلا لمشكلة استمرت سنتين ونصف السنة"، مضيفا: "نحن مع كل حوار وتواصل يؤدي الى نتائج، والحل هو بتعاطينا مع الأزمة من الزاوية الوطنية، ونحن نتمسك بسياسة النأي بالنفس". أما عن زيارة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي إلى السعودية، قال عون: "لم أطلع على تفاصيل زيارة البطريرك إلى السعودية، وإذا أراد أن يطلعنا عليها فأبواب بعبدا مفتوحة".
باسيل
في موازاة ذلك، واصل وزير الخارجية جبران باسيل جولته الأوروبية، أمس، حيث التقى وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل، الذي أكد ترحيب بلاده بدعوة فرنسا للرئيس الحريري لزيارتها، آملا عودته إلى بيروت. ويزور باسيل اليوم موسكو للقاء نظيره الروسي سيرغي لافروف.