رفقا بـ«الرقي»
![تهاني الرفاعي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/201_1683223496.jpg)
هم لا حول لهم ولا قوة، لكنهم لا يعرفون طريقا للابتكار عدا السؤال أو الاستعطاف، أما بائع الرقي أو الحبْحبْ بالسعودي (البطيخ بالعربي) فلم يجد أمامه سوى أن يبيع بكرامة فاكهة تُعد أكثر الفواكه طلبا في الخليج، خصوصا في فصل الصيف. فلم يلجأ إلى سُبل الشحاذة (المُزعجة) تلك التي ذكرناها، بل اشترى بإمكاناته المتواضعة ما يُحبه الشارع الخليجي كفاكهة موسمية مطلوبة، ولم يقتحم أماكن خاصة أو سكنية لعرض بضاعته، ولم يتجول بين المحال التجارية لفرض بطيخته على كل من حوله، ولم يستهدف مواقف السيارات للإلحاح عليك بشراء بطيخة أو نصف بطيخة! هو يبيع ما قد تودُ أنت شراءه بـ"كرامة" و"عزة نفس"، عارضا إياها بسيارته البسيطة التي تفي بالمطلوب، ككثيرين ممن يبيعون فواكههم الموسمية في شوارع الدول الأجنبية، مع فارق المعطيات المحيطة. ما عساهم أن يفعلوا الآن بعد حظر بيع "الرقي"؟ وكيف سيتصرف من لا رزق له عدا "بيع البطيخ"؟ كان الأجدى بمن أزعجه منظر الرقي أن يخصص مكانا معينا لهم، مع توفير أكشاك ريفية جميلة ليعرضوا ما يشاؤون من فواكه تسرُ المارة والناظرين، بدلا من تهديدهم بالغرامة وقطع أرزاقهم! في النهاية الموضوع فاكهة جميلة لا تستدعي كل ذلك الوعيد، ورفقا بمن لم يُعطه القدر حظا وافرا، ورفقا بمن لا يكاد يُغطي أرجله بـلحاف كرامته، ورفقا ببائع البطيخ وكل من له رزق بسيط جدا يسترزق منه لعائلته وأسرته، نعم رفقا بهم يا دولة الإنسانية.