أميركا على وشك الهيمنة على عرش النفط والغاز

قفزة إنتاجها المرتقبة تقزم دور السعودية وروسيا في حقبة ما بعد الحرب

نشر في 17-11-2017
آخر تحديث 17-11-2017 | 18:30
فاتح بيرول أول رئيس تنفيذي تركي لوكالة الطاقة الدولية
فاتح بيرول أول رئيس تنفيذي تركي لوكالة الطاقة الدولية
تستعد الولايات المتحدة للتمتع بأكبر زيادة في إنتاج النفط والغاز شهدها العالم على الإطلاق في غضون السنوات القليلة المقبلة، بحسب تقرير جديد صدر في الأسبوع المنقضي للتو. التقرير الذي صدر عن وكالة الطاقة الدولية التي تتخذ من باريس مقراً لها أكد مرونة قطاع الزيت الصخري التي مكنته من الاستمرار، في ظل محاولة استمرت على مدى عامين من جانب السعودية ودول أخرى لتهميشه.

ويظهر ذلك جلياً من خلال توقعات الحكومة الأميركية التي تقول إن انتاج الخام الأميركي سيرتفع من معدل متوسط هو 9.2 ملايين برميل في اليوم في هذه السنة الى 9.9 ملايين برميل يومياً في عام 2018، وهذا أعلى ارتفاع جديد على الاطلاق يتخطى الرقم القياسي الذي تحقق في سنة 1970.

وقالت وكالة الطاقة الدولية إن الولايات المتحدة ستشكل 80 في المئة من الزيادة في امدادات النفط العالمية بين اليوم وسنة 2025 مع اكتشاف منتجي الزيت الصخري المزيد من الطرق لضخ النفط بصورة مربحة حتى مع تدني الأسعار. وبحلول أواخر حقبة 2020 ستصبح الولايات المتحدة المصدر الصافي للنفط للمرة الأولى منذ خمسينيات القرن الماضي.

وينسحب الأمر ذاته على الغاز الطبيعي ولكن بوتيرة أسرع. وبحلول منتصف حقبة 2020 تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تصبح الولايات المتحدة أكبر دولة في العالم مصدرة للغاز الطبيعي المسال الذي ينتظر أن يرتفع الطلب عليه بقوة نتيجة ابتعاد دول مثل الصين والهند وجنوب شرق آسيا عن الفحم الى مصادر طاقة أكثر نظافة.

ويسهم في هذه المعادلة أيضاً التوقع في أن الطلب على النفط في الولايات المتحدة مهيأ للهبوط بأكثر من 4 ملايين برميل في اليوم بحلول عام 2040، نتيجة لانتشار السيارات الكهربائية وتحسن كفاءة الوقود في تلك المركبات التي لاتزال تستخدم محركات الاحتراق.

وقال فاتح بيرول، وهو الرئيس التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية في مؤتمر صحافي في لندن، إن "الولايات المتحدة ستصبح القائد العالمي لانتاج النفط والغاز لعقود مقبلة".

وأضاف أن الزيادة بحجمها المطلق ستقزم حتى ما انتجته السعودية وروسيا في فترة ما بعد الحرب. وما بين 2005 و2030 سيتضاعف اجمالي انتاج النفط الأميركي من أقل من 15 مليون برميل يومياً الى أكثر من 31 مليوناً.

ومن شأن هذا التحول أن يعطي الدبلوماسية الأميركية درجة أكبر من النفوذ وتقليص الاعتماد على نفط الشرق الأوسط، وجعل الولايات المتحدة مصدراً لسد احتياجات بعض الدول النامية الأكثر الحاحاً.

وقال بيرول إن "وزير الخارجية الأميركي سيجلس مرتاحاً في مقعده بقدر يفوق ما يشعر به وزير خارجية دولة مصدرة للطاقة اليوم".

وتتداخل تنبؤات وكالة الطاقة الدولية بقدر كبير مع سعي ادارة ترامب الى تحقيق ما تدعوه "هيمنة الطاقة"، وتدخل هذه الهيمنة ضمن استراتيجية التخلي التام عن سياسات عهد أوباما كما تفعل الإدارة الحالية هذه السنة وكما فعلت عبر قرارها الانسحاب من اتفاق باريس حول المناخ وعبر التوسع الكبير في النشاط الفدرالي المحتمل للنفط والغاز.

ولكن حتى مثل هذه "الهيمنة" لن تحرر الولايات االمتحدة تماماً من الاعتماد على مصادر غير موثوقة من الطاقة الأجنبية. والمصافي الأميركية مجهزة الى حد كبير لمعالجة الخليط الأجنبي الأثقل، الذي ينطوي على محتوى أعلى من الكبريت، فيما معظم "النفط الضيق" الذي تستخدمه شركات الزيت الصخري والنفط من خليج المكسيك وألاسكا هو أنقى(أقل كربونا) وأحلى (أقل كبريتا). وذلك يعني أن الولايات المتحدة ستستمر في الاستيراد من مناطق مثل فنزويلا والسعودية بينما يتم تصدير الخام الأميركي بكميات أكبر – بحسب الوكالة الدولية للطاقة. وبالنتيجة فإن ذلك لا يعني أن الشرق الأوسط سيفقد دوره الرئيسي في أسواق الطاقة العالمية.

وقال بيرول "على الرغم من أن الولايات المتحدة ستصبح المنتج الأكبر فإن الشرق الأوسط سيستمر في كونه الإقليم الأكثر أهمية بالنسبة الى التصدير خصوصا الى آسيا"، مشيراً الى أن الصين والهند وجنوب شرق آسيا ستستمر في طلب كميات كبيرة من النفط والغاز في المستقبل، وحتى السماح بازدهار الطاقة المتجددة في تلك الدول. وقالت الوكالة الدولية للطاقة إن "فكرة الاستقلال في الطاقة مهمة، ولكن على صعيد عملي ليست هناك دولة مثل جزيرة في عالم الطاقة المتداخل".

وكانت الهيمنة الناشئة للولايات المتحدة واحدة من أربعة اتجاهات كبيرة في أسواق الطاقة العالمية التي أبرزتها وكالة الطاقة الدولية في تقريرها. وتمثلت البقية في النمو الكبير في مصادر الطاقة المتجددة خصوصا الطاقة الشمسية، وزيادة تفضيل الصين للطاقة النظيفة والارتفاع الكبير في الطلب على الكهرباء في الأجل الطويل الذي يعكس مستويات حياة أعلى في العالم النامي – خصوصا عبر الطلب على مكيفات الهواء.

وقالت وكالة الطاقة الدولية إن الطلب على التبريد سيضيف المزيد من الطلب العالمي على الكهرباء، بقدر يفوق انتشار السيارات الكهربائية.

● جيفري سميث - مجلة فورتشن

back to top