درس من الزلزال!

12/11/2017 كان يوماً غير عادي، في هذا التاريخ كنت أتأهب للنوم، مستلقياً على الأرض، كعادتي بتفادي الفراش الذي يشعرني بالذوبان في عالم الترف، وفجأة سحبتني الأرض يمينا وشمالاً... وكررتها خمس مرات على التوالي، ولكن برفق. رجحت أن تكون هزة أرضية جراء زلزال حقيقي إما بعبدان أو غيرها من مناطق إيران، لأن الفرق بين الهزة والزلزال هو في كيفية تحرك أي جسم على الأرض، ولحسن الحظ، فإن كل كتلتي كانت على الأرض لأحصل على أحسن مقياس. فلو كان ما أصاب الكويت زلزالاً لكانت الأشياء بالغرفة ارتجت ارتجاجاً عنيفاً، لأن الزلازل ترجع إلى تغيرات طبقية لصفائح الأرض التكتونية، وبمعنى آخر، كان سيحدث "خضٌ ورجٌ" في طبقات الأرض ليتشكل ترتيب طبقي جديد، وعلى حسب الباحثين، فإن احتمال وقوعه في الكويت بعيد باستثناء تصريح عام ٢٠٠٩ لباحثة كويتية لم يثبت له تأكيد. كما صرح العجيري بأن الكويت لا تقع ضمن الحزام الزلزالي. فعلاً الكويت جنة، ومن حسن حظنا أن أقصى مشاكل طبيعتنا هي الطوز والهبوب!

في ذاك اليوم تزلزلت أرض في شمال شرق العراق، يقطنها الأكراد اسمها السليمانية التي شمل زلزالها مناطق أخرى كردية في إيران، وبالتحديد في شمال غربها، بمنطقة كرمانشاه، ذات النسبة السكانية السنية (شافعيين) إلى جانب نسبة أعراق كردية وبهائية ويارسانية وأرمنية. ومن قوة الزلزال تعرضت مناطق مجاورة لهزات أرضية موجية استشعرها سكان دول قريبة مثل الكويت، فالطبيعة لا تحتاج فيزا.

وقد أخرجت تلك "الهزة" بعض ما في صدورنا بعدما "غربلت" أخلاقنا؟ ففي هذا التاريخ ذقنا جزءا من مرارة العيش في دول يعتريها الإرهاب والأمراض والطائفية... فما الذي خرج من قلوبنا بعدما اهتزت أرضنا؟

كما قال الحكماء "اللسان مغرفة القلب". شَرفني كمسلم عربي، موقف الأغلبية الذي دعا للمتضررين من ذلك الزلزال بسلامة الجميع، بغض النظر عما حدث لنا جراء الغزو العراقي الغاشم، أو الاحقاد المنحوتة بين العرب والفرس؛ ففي المحن تعود البشرية إلى أصفى أحوالها وهي أوضاع ما قبل الدول وما قبل المذاهب، أوضاع الآدمية؛ فالله أمرنا بالاستنان بسنة رسول بُعِث رحمة للعالمين، "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ"، وكما هو معروف في السيرة النبوية الشريفة فإن من آذوا رسولنا لم يدعُ عليهم، صلى الله عليه وسلم، بالعذاب، فحينما أتاه الملك من الله ليُطبق على المشركين الجبلين، قال "بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئًا"، فالحمد لله أن سلِمنا من أسقف تهوي على رؤوسنا وتقتل من نحب، ومن شوارع تتشقق لتبتلعنا، والحمد لله أن هذه الأزمة أظهرت المعدن العربي النبيل فينا.