بعد فشله في الإبقاء على أسس «دولة الخلافة» أكثر من ثلاث سنوات، وخسارة «عاصمتيه» ومعقليه في العراق وسورية، واستسلام وفرار المئات من مقاتليه، يحمل تنظيم «داعش» نعش حلم إقامة «أرض التمكين» لكن فلوله لا تزال باقية، وفق ما يقول محللون.

ويقول المحلل الأمني والخبير في الحركات الجهادية هشام الهاشمي، إن أحداً من التنظيمات المتطرفة «لن يفكر بالعودة مرة أخرى إلى ما يسمى بأرض التمكين أو أرض الخلافة».

Ad

في عام 2014، نصب أبوبكر البغدادي نفسه «خليفة» على سبعة ملايين شخص في أراض تتخطى مساحتها مساحة إيطاليا، وتشمل أجزاء واسعة من سورية ونحو ثلث أراضي العراق.

واجتذب «دار الإسلام» هذا آلاف الجهاديين الذين أتوا مع نسائهم وأطفالهم من كل أنحاء العالم.

حينها، أصحبت مدينة الرقة السورية «عاصمة الخلافة»، وشهدت مدينة الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، الظهور العلني والوحيد لأبي بكر البغدادي من جامع النوري الذي فجره التنظيم نفسه فيما بعد.

في كل المدن، التي كانت تحت سيطرته، رفع تنظيم داعش رايته السوداء فوق مباني الإدارة الجديدة، التي عاد واستقى أسماءها من أولى سنوات عصر الإسلام.

فمن ديوان العدل والمحاسبة إلى ديوان الصحة، أصدر التنظيم شهادات ميلاد وزواج وأحكاماً وأوامر أخرى على أوراق مدموغة أيضاً بشعاره الأسود اللون.

وبعد أقل من أربع سنوات، وفي أعقاب معارك طويلة هي الأعنف منذ الحرب العالمية الثانية، لم يعد التنظيم يسيطر حالياً سوى على أقل من خمسة في المئة من الأراضي التي استولى عليها عام 2014، كما وعائدات الحقول النفطية التي كانت في مناطق حكمه.

بعد تلك الخسائر الكبيرة، فإن «داعش حتى إذا كتب له البقاء، لن يفكر بالعودة مرة أخرى» إلى فكرة السيطرة العسكرية أو الإدارية على الأراضي، وفق ما يؤكد الهاشمي.

ويشير الخبير في شؤون الشرق الأوسط لدى معهد «إيريس» للشؤون الدولية والإستراتيجية في باريس كريم بيطار إلى أن «مشروع الخلافة سقط أمام الواقع الجيوسياسي».

ويؤكد بيطار لهذا، فإن «من المحتمل أن تعود الشبكة الجهادية العالمية إلى استراتيجيتها الأولى بعدم الارتباط بالوجود المكاني، وتفضيل توجيه الضربات مجدداً إلى العدو البعيد من خلال استهداف الغرب أو روسيا لإظهار أنه يجب دائماً أخذها في الحسبان».

ويقول الهاشمي تلك «الشبكة» باتت الآن بقيادة جديدة تلوح في الأفق. فكما نشأ تنظيم «داعش» من أطلال «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق» وما تبقى من تنظيم القاعدة قبله، بدأت تظهر الآن نواة تنظيم جديد يتأسس على فلول آخر الجهاديين.

ويقول الخبير في التنظيمات الجهادية أن «أنصار الفرقان هو التنظيم الجديد القادم، ويضم معظم فلول تنظيم داعش وبقايا تنظيمي أنصار الإسلام والقاعدة في العراق الذين بدأوا ينجذبون إلى هذا التنظيم».

ويضيف أن «هذه نواة صلبة من العقائديين والمنهجيين، أسست في شهر سبتمبر السابق في سورية، ونعتقد أنهم في جبال إدلب».

والمفارقة أن رأس هذا التنظيم الجديد هو حمزة أسامة بن لادن، نجل الزعيم التاريخي لتنظيم القاعدة الذي قتل في عملية خاصة أميركية في باكستان عام 2011.