التاريخ السياسي للتشكيل الحكومي 5
أزمة تشكيل الحكومة مازالت قائمة، ولذا كان الاستمرار في "تصريف العاجل من الأمور" لأطول مدة ممكنة، والأرجح أنه إضافة إلى الخلل المزمن في المنهجية، هناك مصاعب حقيقية وعملية تواجه التشكيل، وعلينا ألا نتوقع غير المتوقع.كانت أزمة المادة 131 من الدستور، التي بدأت في ديسمبر 1964 ، قد أوضحت هشاشة وضعف البناء الديمقراطي تحت وطأة فعل الفواعل، لذا كانت دراسة تلك الأزمة مهمة، حيث احتوت تفاصيل للكثير من العلل التي يعانيها نظامنا السياسي. فمن دون الفهم الموضوعي لنقاط الضعف والقوة لا يمكن لنا أن نطور الحالة الجامدة التي نعانيها.شهدت جلسة 15 ديسمبر 1964 جدلاً حاداً حول تشكيل الحكومة الجديد الذي تقدم به سمو رئيس الوزراء (الأمير لاحقاً) الشيخ صباح السالم، رحمه الله، بسبب استقالات بعض وزراء حكومة الدستور الأولى لأسباب مختلفة.
حاول رئيس المجلس عبدالعزيز الصقر، رحمه الله، بكل ما يملكه من قوة أن تسير الجلسة بأداء الوزراء الجدد في الحكومة الجديدة اليمين الدستورية، إلا أنه اصطدم بعدد من النواب الرافضين للسماح بذلك، بحجة أن المادة 131 تمنع الجمع بين منصب الوزير والعمل التجاري. ولكي نقترب أكثر من فهم الحقيقة نعرض التشكيلين الوزاريين، الأول الذي لم يتمكن الوزراء من أداء اليمين الدستورية، بسبب انسحاب نواب وفقدان الجلسة نصابها، كان على النحو التالي (مع حفظ الألقاب والرحمة للمتوفين، وحسب الترتيب الذي جاء بالتشكيل): جابر الأحمد (المالية والصناعة)، جابر العلي (الإرشاد والإنباء)، حمود يوسف النصف (الصحة)، خليفة خالد الغنيم (التجارة)، خالد أحمد الجسار (الأوقاف)، خالد المسعود الفهيد (التربية والتعليم)، سعد العبدالله (الداخلية والدفاع)، صباح الأحمد (الخارجية)، عبدالله المشاري الروضان (الشؤون الاجتماعية والعمل)، عبداللطيف ثنيان (الأشغال العامة)، عبدالعزيز حسين (شؤون مجلس الوزراء)، عبدالعزيز محمد الشايع (الكهرباء والماء)، محمد أحمد الغانم (العدل)، يوسف السيد هاشم الرفاعي (البريد والبرق والهاتف).أما التشكيل الذي تمت الموافقة عليه في جلسة 5 يناير 1965 فقد كان على النحو التالي:جابر الأحمد (المالية والتجارة)، جابر العلي (الإرشاد والإنباء)، خالد أحمد الجسار (العدل)، خالد المسعود - كان من ضمن المنسحبين ومع ذلك عاد في الحكومة الجديدة - (التربية والتعليم)، خالد العيسى الصالح (الأشغال العامة)، سعد العبدالله (الداخلية والدفاع)، صباح الأحمد (الخارجية)، صالح عبدالملك الصالح (البريد والبرق والهاتف)، عبدالله السميط (الكهرباء والماء)، عبدالعزيز الفليج (الصحة)، يوسف السيد هاشم الرفاعي (شؤون مجلس الوزراء)، عبدالعزيز الصرعاوي (الشؤون الاجتماعية والعمل).وتعقيباً على ذلك، أبدى النائب جاسم القطامي، رحمه الله، حينها اعتراضه على الأزمة التي "عرضت البلد لهزة من عدم الاستقرار، وبلبلة في الرأي العام اعتراضاً على تفسير المادة 131من الدستور، وهنا أتساءل: هل نحن حافظنا على المادة المذكورة، وهل الوزارة الجديدة لا تنطبق عليها المادة 131 ؟"، مؤكداً أن الهدف لم يكن الحفاظ على الدستور. وللحديث بقية.