مسيرة ميركل السياسية على المحك
محاولة أخيرة لتشكيل ائتلاف أو انتخابات مبكرة
تقوم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس، بمحاولة أخيرة لتشكيل حكومة في البلاد، وتجنيب بلادها وأوروبا مرحلة اضطراب قد تعني بالنسبة إليها نهاية حياتها السياسية أيضاً.وكانت ميركل، التي تحكم ألمانيا منذ 12 عاما، ومعسكرها المحافظ، فازا في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية سبتمبر الماضي.لكن نتيجة الاقتراع كانت الأسوأ التي يسجلها المحافظون منذ 1949، بسبب تقدم اليمين المتطرف الممثل بحزب "البديل من أجل المانيا"، الذي يستفيد من استياء جزء من الرأي العام من وصول أكثر من مليون طالب لجوء.
ولهذا السبب، تواجه ميركل صعوبة في التوصل إلى أغلبية في البرلمان، حيث قرر الاشتراكيون الديمقراطيون (يسار الوسط) ألا يواصلوا الحكم معها بعد هزيمتهم في الانتخابات.وتجري ميركل منذ أكثر من شهر مفاوضات شاقة جداً، بهدف تشكيل تحالف مع الحزب "الليبرالي الديمقراطي" (وسطي) ودعاة حماية البيئة (الخضر)، وهو تحالف لم يختبر في ألمانيا من قبل.ويبدأ اجتماع الفرصة الأخيرة أمس، مع إمكانية تمديده. وكانت مهلة أولى انتهت مساء الخميس الماضي، بدون التوصل الى أي نتيجة. والقضايا الخلافية كثيرة من سياسة الهجرة الى البيئة والأولويات الضريبية وأوروبا.وفي حال لم يتم التوصل الى نتيجة، يفترض أن تعود المانيا الى صناديق الاقتراع مطلع 2018، وفي هذه الحالة، ستجرى الانتخابات بدون أن تكون ميركل على رأس الاتحاد الديمقراطي المسيحي، لذلك يبدو مصيرها مرتبطا بنجاح المشاورات التي تجريها حاليا. وضعفت ميركل الى حد كبير داخل معسكرها المحافظ منذ أدائها السيئ في الانتخابات التشريعية الأخيرة.وبموقفها الوسطي وقرارها فتح حدود البلاد في 2015 امام مئات الآلاف من المهاجرين، مازالت تثير جدلا داخل حزبها وحليفه البافاري "الاتحاد الاجتماعي المسيحي"، الذي يطالب بالتحول الى اليمين.وكتبت صحيفة "بيلد" الأوسع انتشارا في المانيا أن "تحالف المستشارة على المحك في نهاية هذا الأسبوع"، مشيرة الى أنه "في حال اخفقت يمكن أن تدخل في مرحلة اضطراب بسرعة".وكشف استطلاع للرأي نشرت صحيفة "دي فيلت" نتائجه أمس، أن 61.4 في المئة من الألمان يعتقدون أنها لا تستطيع أن تبقى في منصبها في حال اخفقت في مفاوضاتها لتشكيل ائتلاف حكومي. وتشكل سياسة الهجرة في ألمانيا العقبة الرئيسية منذ وصول عدد هائل من اللاجئين الى البلاد.ويريد المدافعون عن البيئة استئناف لم شمل العائلات للاجئين الذين لا يتمتعون إلا بتصاريح مؤقتة للإقامة، وهو إجراء متوقف حاليا.لكن الاتحاد الاجتماعي المسيحي يرفض ذلك بشدة.ويرى "الخضر" أن جهود مكافحة التلوث الناجم عن السيارات والفحم غير كافية، بينما يطالب الليبراليون بخفض اكبر في الضرائب. ويبدو معظم المسؤولين أقل تفاؤلا مع تقدم الوقت.وفي حال الفشل ستبدأ مرحلة شكوك سياسية كبيرة في ألمانيا واوروبا، حيث ينتظر شركاء برلين لمعرفة من سيعمل معهم على مشاريع إنعاش الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو الذي يناقش منذ أسابيع.