الممثلات الشابات و«جرأة» أدوار الأمومة
اتسمت ممثلات شابات في الفترة الأخيرة بقدر من الجرأة في اختياراتهن الفنية، تحديداً ما يتعلق بأدوار الأمهات، رغم صغر أعمارهن في الحقيقة.
«الجريدة» تبحث في أسباب تلك الخطوة الجريئة، وتأثيرها في عمر الممثلات الفني، تزامناً مع عرض مسلسل «عائلة زيزو» حيث ظهرت الشابة نسرين أمين أماً لمراهقين في الثانوية العامة.
«الجريدة» تبحث في أسباب تلك الخطوة الجريئة، وتأثيرها في عمر الممثلات الفني، تزامناً مع عرض مسلسل «عائلة زيزو» حيث ظهرت الشابة نسرين أمين أماً لمراهقين في الثانوية العامة.
تتطرّق الممثلة دنيا ماهر إلى تجربتها في «واحة الغروب» الذي عرض رمضان الماضي، وتجسيدها شخصية خديجة أم مليكة، قائلة: «دارت الأحداث في عصر مختلف عن عصرنا الراهن، حينما كانت الفتاة تتزوج بمجرد وصولها إلى مرحلة البلوغ، بمعنى أن خديجة إن أنجبت مليكة في عمر 16 عاماً، تصبح أماً لابنتها العروس في عمر 32 عاماً، وهو أقل من عمري الحقيقي».وتتساءل ماهر عن مصطلح «الممثلة الشابة»، وكيفية تحديده، مضيفة: «أعمل في التمثيل منذ أكثر من 15 عاماً، وأتعجب عندما يقال إني شابة، فماذا نقول إذاً عن عمر الشابات اللاتي هن في أوائل العشرينيات؟».وتعتبر ماهر أن الممثلات الجادات لا يمكن أن يرفضن دوراً جيداً كي يظهرن أقل في العمر، مستشهدة بالراقصة الراحلة تحية كاريوكا في فيلم «أنا وأمي» حيث جسدت شخصية أم رشدي أباظة رغم أنها كانت طليقته في الحقيقة، كذلك قدّمت غادة عادل دور أم لفتاة في الجامعة، وهي في الحقيقة أيضاً أم لشاب في مثل عمر الممثلة.
وتؤكد ماهر أن الممثلات أصبحن أكثر تحرراً وتقبلاً لمختلف مراحلهن العمرية، قائلة: «ليس من المعقول أن نقوم بأدوار فتيات الجامعة إلى الأبد، والممثلة غير المتصالحة مع الزمن مصيرها إما الاعتزال، أو ستكون محل سخرية».تعلق ماهر على متابعتها «عائلة زيزو» الذي يعرض راهناً: «أصدّق نسرين أمين جداً في المسلسل، وأستمتع بأدائها دور الأم المصرية العاملة، العصرية وقوية الشخصية، وهي تُعد نموذجاً أراه كثيراً حولي، وسط صديقاتي، إذ أصبح عادياً أن تكون امرأة في الثلاثينيات أماً لمراهقين أو شباب في الجامعة».من جانبه يرى، المخرج الكبير محمد فاضل أن إسناد الشخصية إلى الممثل يرجع إلى المخرج ورؤيته، فضلاً عن قدرة الممثل على إقناع الجمهور، مستشهداً بالفنانين عزيزة حلمي وعبد الوارث عسر اللذين قدما أدوار الجدة والجد رغم صغر سنهما آنذاك.ويتابع المخرج: «الأهم من سن الفنانة كيفية تقديمها الدور. مثلاً، فاتن حمامة تقبلها المشاهد في دور البنت الصغيرة لبراءة وجهها ورقة قامتها»، معتبراً أن «التابو القديم» في الفن المصري المتعلق بأن يؤدي النجوم أدوار البطولة الشبابية سنوات طويلة لم يعد موجوداً الآن.
إتقان الشخصية
توافقه الرأي الناقدة الفنية ماجة خيرالله في ما يتعلق بحاجة العمل، وقدرة الممثل على إتقان الشخصية، ومدى إقناع الجمهور بها، قائلة: «بإمكان الممثلة الذكية إتقان أي دور، والماكياج «يخدّم» الموضوع أفضل من السابق».وتدلل الناقدة على قولها بدور أنوشكا في المواسم الرمضانية الأخيرة، قائلة: «كانت مقنعة في دور الأم، إذ جسدت شخصية سيدة ليست عجوزاً، تهتم بنفسها وبأناقتها، ومتلائمة مع طبيعة الطبقة الاجتماعية الارستقراطية في «غراند أوتيل»، أو الطبقة المتوسطة المتعلمة في «حلاوة الدنيا».وتشير إلى أن التطور في عالم الماكياج والتجميل غيّب الفرق بين الأم والابنة سواء في الشكل العام او الملابس التي تواكب الموضة، محذرة الفنانات من رفض دور جيد بسبب المرحلة العمرية.كذلك توضح الناقدة أن رفض العمل يجب أن يكون بسبب ضعفه، فأحياناً تظهر البطلة في عمر الشباب، ويكون الدور «تافهاً»، وأحياناً أخرى يتجاوز الدور عمرها الحقيقي، ويكون جيداً ويشكِّل علامة في تاريخها، مشيرة إلى أن اختيار الشخصية يتحدّد من خلال الإخراج والنص والفريق.وتؤكد خيرالله أن الجمهور أصبح يعي هذا الأمر جيداً، لافتة إلى أن الفتيات في الصعيد والأرياف يتزوجن وينجبن في أعمار صغيرة، ويكون الفرق بينهن وبين أولادهن قليلاً.رأي النقد
يرى الناقد عصام زكريا أن حصر النجومية في عمر معين ميراث قديم منذ 35 عاماً وأكثر، جعل فاتن حمامة دائماً عذراء الشاشة، بينما أصبح الجمهور الآن أنضج من ذلك ومتفهماً لأعمار الفنانين وتغيرات الزمن. يتابع: «كانت ثيمة غالبية الأفلام قديماً البطلة التي تقدم دور الحبيبة الملتحقة بالجامعة وغير متزوجة».ويضيف: «لم يعد الجمهور يصدق الفنانة التي تخطى عمرها 40 عاماً وتظهر في دور الفتاة أو الحبيبة، بينما أصبح عادياً أن تقوم ممثلة شابة بدور أم مثلاً في عمل ما، وتعود في مسلسل يليه بدور فتاة ناضجة. فليس شرطاً أن تكون فتاة جامعية في العشرينيات، لأنها بذلك ستفقد المصداقية».ويؤكد زكريا أن دور الأم سيفقد الفنانة مساحة أدوار أخرى، ولكنه سيعطيها في المقابل فرصاً ذهبية في الانتقال إلى مرحلة عمرية جديدة كتقديم الشابة الناضجة في أوائل الثلاثينيات، الذي أصبح موجوداً وبكثرة سواء في الدراما أو الأفلام.