التشكيل الحكومي المرتقب لم يعد له صدى أو اهتمام كما كانت الحال في السابق، ولعل قضايا مثل أزمة البصل ومسرحية حزام الأمان صارت أكثر تأثيراً على الرأي العام من شكل ومضمون الحكومة القادمة!هذه هي الكوميديا السوداء أو حالة اليأس والغضب التي صار الناس يتعاملون معها بروح النكتة والتندر، فمهما طالت مدة انتظار الإعلان عن الحكومة الجديدة فإنها لن تتعدى بعض التغييرات الطفيفة في الأسماء، أو ربما تدوير بعض الحقائب للتهرب من الاستجوابات القادمة، في حين يبقى النهج السطحي وعدم القدرة على طرح منظور وطني والعجز عن إعداد خطط كفيلة بحل المشاكل الأزلية والتصدي للإدارة المشلولة والفساد المستشري سيد الموقف.
الحكومة عندنا ومع الأسف الشديد اعتادت أسلوب المكابرة والعناد في الاستماع إلى النصيحة والمشورة والنقد الهادف، وهنا لا أتحدث عما يطرحه بعض الرموز السياسيين واعتبارهم في نظر الحكومة معارضة أو شخصيات تهدف إلى مصالحها الخاصة، ولكن أقصد نبض الشارع الكويتي بسواده الأعظم من البشر بتلقائيتهم وهمومهم اليومية وطموحهم في بلد يملك كل مقومات النجاح والمال والثروة والإرث الحافل بالتجارب والمبادرات التي جعلت من الكويت اسماً لامعاً في مختلف الصعد محلياً وإقليمياً ودولياً.عندما تعذّرت الحكومة بالظروف الإقليمية وتطوراتها لحل مجلس الأمة قبل سنة قللنا من جدوى ومصداقية هذا التبرير، لتزداد هذه القناعة الآن حيث الظروف الإقليمية أصعب وأخطر بكثير من أي وقت سابق، ومع ذلك يدار البلد بحكومة تصريف العاجل من الأمور!الحكومة المستقيلة أثبتت بكل جدارة فشلها في الأمور الصغيرة قبل الكبيرة، فهي الحكومة التي ادعت أنها وضعت المجلس الجديد في الجيب ولكنها سقطت في أول اختبار جدي مع البرلمان، والحكومة نفسها أخفقت بامتياز في عودة الرياضة الكويتية إلى المحافل الدولية، ولم تستطع أن تفك لغز ارتفاع سعر البصل بعد أيام فقط من إعلانها أنها الأولى عربياً في استراتيجية الأمن الغذائي!الحكومة نفسها وقعت في تناقضات شديدة في تبني سياسة جديدة لقانون المرور، وكانت أسيرة للصوت العالي في التراجع عن قراراتها ثم العودة إليها بين ليلة وضحاها! والحكومة نفسها كانت تتشدق بالحزم المالي وتبني سياسة شد الحزام على ظهر المواطن، وفجأة وجدنا خسائر بعشرات المليارات في الاستثمارات الخارجية رغم استقرار أسواق المال والأعمال في العالم!لذا فإن وجود حكومة أو عدم وجودها أصبح غير ذي تأثير على الوضع العام ناهيك عن مستقبل البلد، خصوصاً في ظل الوتيرة المتصاعدة للأحداث، وما عادت المطالبات والمناشدات والنصائح في شكل الحكومة وشخصياتها تغير من الواقع المأساوي كونها حكومة تكنوقراط أو حكومة سياسية أو حكومة إنقاذ وما شابه، لكن نتمنى أن تملك الحكومة التي تؤمن بالديمقراطية وتصدح بأنها حكومة للكويتيين الشجاعة في استبيان علمي وموضوعي مستقل فور تشكيلها لمعرفة مدى ثقة المواطنين بها، وإن كان الكويتي يرى أنها تمثله أم أنها حكومة ديرة بطيخ!
مقالات
حكومة ديرة بطيخ!
21-11-2017