حوكمة إدارة الفتوى والتشريع
تستحق إدارة الفتوى والتشريع أن نوليها اهتماماً مضاعفاً، إنها الذراع القانونية للدولة وممثلة المؤسسات الحكومية أمام القضاء، وصاحبة الرأي الاستشاري الأبرز لدى مجلس الوزراء والجهات التابعة له، وإن جهازاً بهذه الأهمية يجب أن يتلقى أكبر رعاية وأفضل دعم وأقوى رقابة.قبل سنوات وقعت "الفتوى والتشريع" ضحية للمكاسب الانتخابية عندما جيّرت التعيينات فيها لمصالح ضيقة، وتم ظلم فئات من المتقدمين من المواطنين بسبب عناوينهم في البطاقة المدنية وقيودهم في السجلات الانتخابية، ثم تابعنا جميعاً مسيرة التظلمات في المحاكم الإدارية، والتي أعادت الحقوق لأصحابها من الجهة التي يفترض بها تمثيل القانون في البلد. تترافع "الفتوى والتشريع" في آلاف القضايا سنوياً، وتقدم مثلها من الفتاوى والاستشارات، وتضم في جنباتها عدداً كبيراً من المستشارين الكرام ومحامي الدولة المجتهدين في الدفاع عن حقوق الدولة ومرافقها، ومع هذا ما زلنا كمواطنين ومراقبين نجهل حقيقة عمل هذه الإدارة وطبيعة إنجازاتها، ومعدل نجاحها ومقدار خسائرها، ونوعية قضاياها وموقفها من خصومها، ومدى ثبات آرائها في القضايا المتشابهة إذا اختلفت الأطراف، وماذا حققت من مكاسب قانونية نوعية، وكم تكلفت خزينة الدولة من خسائر مالية بسببها، إنها معلومات فائقة الأهمية وجب على إدارة الفتوى مكاشفة المجتمع بشفافية والإعلان بشكل دوري عن أعمالها إسوة بكل الجهات الرسمية التي تصدر سنوياً إحصاءاتها ونتائجها وتقارير موسعة بأعمالها. لقد قدمت شخصياً لبعض الإخوة أعضاء مجلس الأمة مقترحاً بهذا الشأن، وتفضل النائب عمر الطبطبائي مشكوراً بتبني اقتراحي المتضمن بأن "تقدم إدارة الفتوى والتشريع تقريراً تفصيليا بأعمالها الفنية والاستشارية التي قدمتها للمؤسسات الحكومية وغيرها، والقضايا التي تترافع عليها في المحاكم المختلفة، وذلك بشكل فصلي كل أربعة شهور لمجلس الوزراء، مبيناً فيه الحالة القائمة للقضايا وتطوراتها والأحكام النهائية الصادرة فيها، وما تم بشأن تنفيذها بالصورة الصحيحة، على أن يتم ذكر القضايا التي ربحتها الإدارة في بيان منفصل، والقضايا التي خسرتها الإدارة في بيان منفصل، ويتم إيداع نسخة من هذا التقرير التفصيلي لدى الأمانة العامة لمجلس الأمة فور صدوره كل مرة".
إن الغرض من هذا الاقتراح العمل الجاد على "حوكمة إدارة الفتوى والتشريع" والارتقاء بأدائها، وإتاحة الفرصة لتقويم نشاطها القانوني، ودعمها لتحقيق أفضل النتائج للمصلحة العامة، ونعتقد أن هذه هي البداية. وللحديث بقية... والله الموفق.