دخلت ألمانيا أزمة سياسية غير مسبوقة منذ 70 عاماً، بعد فشل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي تحكم البلاد منذ 12 عاماً، في تشكيل ائتلاف حكومي عقب انتخاباتٍ هيمنت عليها أزمة اللاجئين وصعود التيار اليميني المتطرف. وأعلن الحزب «الديمقراطي الحر» (وسطي ليبرالي) انسحابه من المفاوضات مع «التحالف المسيحي» المشكَّل من الحزب «المسيحي الديمقراطي» (محافظ) بزعامة ميركل وشريكه الأصغر الحزب «المسيحي الاجتماعي البافاري»، وقال إنه لم يستطع التوصل إلى اتفاق بشأن العديد من النقاط الخلافية، وفي مقدمتها تأخير حق «لمّ الشمل» لأسر اللاجئين.
وفي كلمة مهمة، أعلنت ميركل استعدادها للترشح مجدداً عند إجراء انتخابات تشريعية، وأبدت «شكوكاً كبيرة» إزاء تشكيل حكومة أقلية، وهو الخيار الثاني المتاح لها للبقاء في السلطة، معتبرة أن تنظيم انتخابات مبكرة يشكل «خياراً أفضل»، وهو ما جاء عكس خطاب الرئيس فرانك فالتر شتاينماير، المنتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار الوسط)، والذي استبعد الدعوة إلى انتخابات مبكرة. ووسط ضغوط على الحزب الاشتراكي، الذي يرفض بشكل قاطع العودة إلى الائتلاف مع ميركل رغم تجربة الشراكة الناجحة بينهما في سنوات خلت، لم يبدُ مستقبل ميركل منذ توليها السلطة قبل 12 عاماً غامضاً إلى هذا الحد؛ ففي حال توصلت إلى تشكيل فريق فستكون في وضع هش، أما إذا نظمت انتخابات مبكرة فمن غير المرجح أن تحصل على تجديد الثقة، ذلك لأن موقفها الوسطي وقرارها بفتح الحدود أمام أكثر من مليون لاجئ عام 2015 يواجهان اعتراضات متزايدة في الداخل. ورحب المسؤولان في حزب «البديل لألمانيا» ألكسندر غولاند وأليس فيدل بـ«إجراء انتخابات جديدة محتملة»، وسط توقعات بأن يستفيد الحزب من فشل ميركل.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يعد أكبر الخاسرين في حال دخلت برلين «شللاً سياسياً»: «من أجل ألمانيا ومن أجل أوروبا... نريد أن يكون شريكنا الرئيسي مستقراً وقوياً للمضي قدماً معاً»، معتبراً أن «هذا يؤكد بوضوح حاجة فرنسا إلى طرح مقترحات، وأخذ المبادرة، والعمل على مشروع أوروبي طموح سنطبقه مع شريكتنا ألمانيا».وسعى ديدييه ريندرز، وزير خارجية بلجيكا، التي أمضت 18 شهراً دون حكومة بعد الانتخابات، إلى تهوين الأمر، بينما أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن أمله التوصل إلى حل سريع.وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما الروسي إن «الأزمة في مفاوضات تشكيل ائتلاف حاكم، في دولةٍ تعد قاطرة الاتحاد الأوروبي، تشير بوضوح إلى اتجاه محموم في أوروبا كلها»، مضيفاً أن ألمانيا في طريق مسدود الآن.