قال تقرير صادر عن «ساكسو بنك»، إن المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل أخفقت في تشكيل حكومة جديدة بعد انهيار محادثات الائتلاف الألماني يوم الأحد، واتخذ الحزب الديمقراطي الحر قراره بمغادرة المحادثات، فيما تركت ورقة الاستراتيجية المطروحة للمناقشة أعضاءها في ضيق إزاء القضايا، التي تتدرج بين مشاكل اللاجئين والبيئة والطاقة.

وحسب التقرير، أسهمت هذه التطورات في دفع زوج العملات يورو/دولار أميركي من أكثر من 1.18 إلى أقل من 1.1750 قبل أن يقرع الجرس الأوروبي اليوم (وقد ارتفع منذ ذلك الحين إلى حوالي 1.1790) ونتوقع انتقال حالة عدم اليقين الأوسع نطاقاً إلى الأسواق مع توقف الإيمان بميركل – والقيادة الألمانية عموماً.

Ad

وفي التفاصيل، تشير الكثير من التكهّنات إلى أن ميركل ستتقدم باستقالتها (ارتفعت الاحتمالات إلى 25 في المئة)، لكن النتيجة الأكثر احتمالاً هي إجراء انتخابات ألمانية جديدة في غضون الأيام الـ 60 المقبلة. وكما الحال مع جون هاردي، رئيس استراتيجيات الفوركس لدى «ساكسو بنك»، فإنني أرى تحيّزاً إيجابياً سليماً لزوج العملات يورو/دولار أميركي طالما لم يتخط الفارق عتبة 1.1675. وفي ضوء ما سبق، تقف ميركل أمام ثلاثة خيارات هذا الأسبوع ...

تشكيل ائتلاف كبير (نسبة الاحتمال 20 في المئة): قد يعني ذلك تكراراً لمشهد تقاسم السلطة في الانتخابات الأخيرة بين الحزب الديمقراطي الاجتماعي وحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي/ حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي.

ويبدو ذلك شبه مستحيل في ضوء انتقال مارتن شولتز زعيم الحزب الديمقراطي الاجتماعي إلى «صفوف المعارضة». وبناء على ذلك، قد تظهر تحركات نحو هذه الاحتمالية إذا:

* تنحّت ميركل عن السلطة ... أشار الحزب الديمقراطي الاجتماعي على لسان توماس أوبرمان، نائب رئيس البرلمان الألماني «بوندستاغ»، إلى أن تقدّم ميركل باستقالتها يعني وضعاً جديداً).

* صحّت التوقعات بأن يطبق الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير ضغوطات على حزبه الخاص، باعتبار أن الشكل الحقيقي الوحيد للأغلبية يتحقق من خلال التوصل إلى ائتلاف كبير.

* في النهاية، من المعروف أن وزير الخارجية الألماني (والرئيس السابق للحزب الديمقراطي الاجتماعي) سيغمار غابرييل حريص على البقاء في وزارة الخارجية.

حكومة الأقلية (نسبة الاحتمال 20 في المئة): وستكون مع حزب الخضر الألماني أو الحزب الديمقراطي الحرّ. ولم يسجل التاريخ في ألمانيا، منذ الحرب العالمية الثانية، إقامة حكومة أقلية على الإطلاق، وعادة ما يتجه السياسيون الألمان في الأوقات العصيبة إلى تجنب البرلمان، إذ يكون التصويت على الثقة قاب قوسين أو أدنى.

والجزء الوحيد الجذاب في حكومة الأقلية هو الانتقال إلى الحل البديل وإقامة انتخابات جديدة. إقامة انتخابات جديدة (نسبة الاحتمال 60 في المئة): ويعتبر هذا الاحتمال الآن النتيجة الأكثر ترجيحاً. بيد أن هناك بعض المسائل الإجرائية التي ينبغي إزالتها. أولاً، ينبغي حل البرلمان الجديد، ويمكن أن يحصل ذلك من خلال تصويت بسيط على الثقة. ولجأ إلى هذا الحل المستشارون السابقون برانت، وكول وشرودر، لكن ميركل تمنع هذا الإجراء لأنها ليست أكثر من «مستشارة مؤقتة».

ووفقاً للمادة 63 من الدستور الألماني، يحق للرئيس شتاينماير اقتراح أن تشغل ميركل مجدداً منصب المستشار في إجراء من شأنه الانتقال إلى التصويت. وفي حال تم قبول الاقتراح، يكون الرئيس أمام خيارين .. إما تعيين ميركل في منصب المستشار، أو حل البرلمان. وأمامه سبعة أيام فقط لاتخاذ هذا القرار، وستجرى الانتخابات الجديدة في غضون 60 يوماً.

الفشل بالحركة البطيئة

خيّمت مشاعر الصدمة على السياسيين الألمان هذا الصباح. وعلى سبيل المثال، نشرت صحيفة «دي تسايت» خبراً بعنوان «الفشل بالحركة البطيئة» أشارت فيه إلى حالة الصدمة، التي هيمنت على مشاعر أعضاء الحزب الديمقراطي المسيحي وحزب الخضر بعد خروج الحزب الديمقراطي الحرّ من محادثات الائتلاف.

وبالنسبة لي، يجسد ذلك مثالاً آخر على عدم فاعلية استمرار «النهج ذاته» بالنسبة للسياسيين على الصعيد العالمي، حيث يثور الناخبون ضد فكرة «الأيدي الأمينة».

وبعد الانتخابات الألمانية في سبتمبر الماضي، شعر الناخبون بخيبة أمل كبيرة جراء التغاضي عن مناقشة القضية الحقيقية للهجرة. وبالرغم من أنهم فقدوا الثقة بالسياسيين، لايزال الناخبون يبحثون عن التوجهات بخصوص الهجرة، فضلاً عن مسائل البيئة والطاقة.

واكتشفت ميركل عدم فاعلية «مجرد التغاضي عن التطرّق للمسألة». وستكون الأسابيع القليلة المقبلة في السياسة الألمانية بمنزلة دعوة لليقظة: ويمكن أن تتنحى ميركل في حال لم تجر انتخابات جديدة، أو قد تشهد ألمانيا حملة انتخابية جديدة إذ سيكون الاختباء من القضايا الثلاث أعلاه مكلفاً بالنسبة لمراكز التصويت مع تعزيز مكانة الأحزاب اليمينية واليسارية المتطرفة في الصدارة – إذ تقدم هذه الأحزاب رسائل واضحة ولكن بدائية.

وتولت ألمانيا وميركل قيادة أوروبا خلال الأوقات الصعبة لفترة مطلع القرن الحادي والعشرين وما بعد عام 2010، وتم ذلك بالاعتماد على عرضهما المستمر من التوجهات الدفاعية والبطيئة.

ومع ذلك، فإن ألمانيا الآن بحاجة للعثور على مسار جديد... والوقت يمرّ.