رغم استمرار المعارك في العراق وسورية، وانخراط «تحالف دولي» بقيادة الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب بهذين البلدين، سارعت إيران إلى إعلان نهاية تنظيم «داعش»، مستبقة إعلان النصر في بغداد أو دمشق، في محاولة لاستغلال الأمر من جهة، ومن الجهة الأخرى في إشارة إلى أن طهران باتت مستعدة للانسحاب من المنطقة مع تصاعد الضغوط الدولية عليها.وقال مصدر إيراني، لـ«الجريدة»، إن «أحد الأمور المطروحة اليوم هو انسحاب الحرس الثوري من العراق وسورية، والأمر ممكن أن يحصل بعد تثبيت وضعية القوات الموالية لإيران».
وأوضح أن «إيران تسعى إلى ادخال القوات الموالية لها في المؤسسات العسكرية والأمنية في الدول التي ينسحب منها الحرس الثوري، وإعطائها مناصب سياسية». وأشار المصدر إلى أن «بين هذه القوى، الحشد الشعبي في العراق وقوى علوية وضباطا في الجيش السوري موالين لإيران».
اتهام وهجوم
وأعلن الرئيس حسن روحاني، في كلمة نقلها التلفزيون الرسمي على الهواء مباشرة، أمس، نهاية تنظيم «داعش»، مضيفا: «أشكر جميع المدافعين عن الإسلام ودبلوماسيي البلاد والحكومة والأمة والقوات المسلحة وكذلك شعوب إيران والعراق وسورية ولبنان لأنها وضعت حدا للتنظيم الذي لم يحمل إلا الشر والشدائد وقتل الناس والأضرار والبربرية».وعدّ روحاني نبأ اجتثاث جماعة «داعش» من سورية بأنه «مدعاة للبهجة والسرور»، مؤكداً أن «الانجاز الرئيسي يعود إلى الشعب والجيش في كل من سورية والعراق ولبنان»، وأن «إيران بادرت إلى مساندة هذه الدول انطلاقا من مبادئها الدينية».واعتبر أن «داعش مجموعة إرهابية تم استقطابها وتسليحها من قبل القوى الكبرى وبعض الدول الرجعية في المنطقة»، مهنئا المرشد الأعلى علي خامنئي والقوات المسلحة وقائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني المنخرط في الصراع بسورية والعراق بـ«الانجاز العظيم».من جانب آخر، لفت رئيس الجمهورية إلى أن رؤساء إيران وتركيا وروسيا سيجتمعون اليوم في روسيا من أجل التشاور حول مستقبل سورية والمنطقة.وشن روحاني هجوما لاذعا على الجامعة العربية، ووصفها بـ«مؤسسة متعفنة وبالية وعديمة التأثير»، ووجه انتقاده لاجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير الذي رفض تدخلات طهران بالمنقطة، ودان إطلاق الميليشيات الحوثية المدعومة من طهران صاروخا باتجاه العاصمة السعودية الرياض.وكرر الرئيس الإيراني دفاعه عن إطلاق الصاروخ الحوثي باتجاه المملكة، معتبرا أنه جاء «دفاعا عن النفس». واتهم التكتل العربي بالغياب عن مساندة شعوب لبنان وسورية والعراق ضد الإرهاب ومساندة الشعب الفلسطيني.وحذر الدول العربية من «الوقوع في فخ إسرائيل»، وقال إن «حزب الله» اللبناني، الذي تم وصفه بـ»الإرهابي» في اجتماع وزراء الخارجية، «جزء من الشعب اللبناني وسلاحه دفاعي».من جهة ثانية، سعى روحاني إلى تبرئة بلاده المتهمة بزعزعة الاستقرار في المنطقة، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون، قائلا إن «طهران لا تسعى إلى الهيمنة على الشرق الأوسط، وتقوم بالمساعدة من أجل إحلال الأمن والسلام والحيلولة دون تفتيت البلدان».وأضاف أن «وجودنا في العراق وفي سورية جاء تلبية لدعوة الحكومتين من أجل مكافحة الارهاب»، لافتا إلى أنه يمكن لفرنسا لعب دور بناء باتباع «نهج عقلاني وحيادي»، وذلك بعد أيام على ابداء فرنسا قلقا ازاء «محاولات الهيمنة الإيرانية وسعيها لتطوير برنامج تسلحها الصاروخي».«فتنة الربيع»
وفي مؤشر على إمكانية تراجع الانخراط الإيراني بالاضطرابات التي تشهدها المنطقة، في ظل تزايد الضغوط الدولية والإقليمية عليها، وجه قائد «فيلق القدس»، رسالة إلى المرشد الإيراني، يعلمه فيها بـ«اجتثاث داعش» بعد السيطرة على مدينة البوكمال السورية.وقال سليماني، في الرسالة التي بعثها لخامنئي، إن «المنطقة شهدت منذ ست سنوات فتنة شبيهة بالفتن في عصر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. سلبت المسلمين فرصة وحلاوة فهم الإسلام المحمدي الأصيل»، على حد تعبيره، في إشارة مفترضة إلى بدء «الربيع العربي» عام 2011، باعتبار أن الظهور الأول لـ«داعش» يعود إلى عام 2013.وذكر سليماني أن من وصفهم بـ«أعداء الإسلام» افتعلوا «الفتنة الخطيرة والمسمومة لجرّ المسلمين إلى المواجهة». وتحدث سليماني في رسالته عن «جرائم مفجعة» نفذها التنظيم، بينها قطع رؤوس وإحراق الناس أحياء وأسر النساء وتهجير الملايين.وأضاف: «ما أجهض هذه المؤامرة السوداء والخطيرة وهزمها.. هي القيادة النبيهة والتوجيه الحكيم للمرجع الديني آية الله العظمى السيد السيستاني»، في إشارة إلى فتواه التي أتاحت تشكيل الحشد الشعبي الذي وصفه بـ«المقدس» إلى جانب أدوار حكومتي العراق وسورية و«باقي الشباب المسلم لبقيّة الدول، الى جانب الوجود القوي والمحوري لحزب الله».وتابع قائلا لخامنئي: «بصفتي جنديّاً مكلّفاً من جانب سماحتكم في هذا الميدان ومع إنجاز عمليات تحرير البوكمال آخر قلاع داعش أعلن اجتثاث هذه الشجرة الخبيثة الملعونة».