بعد 24 ساعة من هجوم غير مسبوق، أطلقه وزير خارجية السودان إبراهيم غندور على مصر، على شاشة قناة "روسيا اليوم"، الاثنين الماضي، معيداً التوتر بين القاهرة والخرطوم إلى الواجهة، أبدى وزير الخارجية المصري سامح شكري، أمس، اندهاشه من تصريحات نظيره السوداني، مؤكداً أنها شابها عدم الدقة، ملمحا إلى غضب بلاده من إثارة الخرطوم أزمة تقاسم مياه نهر النيل مع القاهرة، في الوقت الذي تشهد مفاوضات "سد النهضة" الإثيوبي تعثّراً مزمناً، بسبب تجاهل أديس أبابا حقوق مصر التاريخية في مياه النهر والمقدرة بنحو 55.5 مليار متر مكعب من المياه.

ورد وزير الخارجية المصري على هذه الاتهامات، مشددا على أن السودان يستخدم كامل حصته من مياه النيل، المقدرة بـ 18.5 مليار متر مكعب سنوياً، منذ فترة طويلة، وأضاف في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية: "في سنوات سابقة كانت القدرة الاستيعابية للسودان لتلك الحصة غير مكتملة، وبالتالي كان يفيض منها جزء يذهب إلى مجرى النهر بمصر بغير إرادتها وبموافقة السودان".

Ad

وأشار شكري إلى أن هذه النسبة المسربة كانت تشكل "عبئاً وخطراً على السد العالي، نتيجة الزيادة غير المتوقعة في السعة التخزينية له، خاصة في وقت الفيضان المرتفع، الأمر الذي كان يدفع مصر إلى تصريف تلك الكميات الزائدة في مجرى النهر، أو في مفيض توشكى خلف السد من دون جدوى".

وأبدى الوزير المصري استغرابه طرح الأمور على هذا النحو، بل والحديث عن دائن ومدين في العلاقات المائية بين البلدين، وهو الأمر غير الوارد اتصالا بالموارد الطبيعية، ومن غير المفهوم تداول هذا الموضوع في التوقيت الحالي، وسط خضم إعاقة الدراسات الخاصة بتأثير سد النهضة على استخدامات الدولتين من مياه النيل، وعدم موافقة السودان وإثيوبيا على التقرير الاستهلالي المقدم من المكتب الاستشاري الفني المتخصص والمحايد"، متسائلا عن أسباب ودوافع إطلاق مثل هذه التصريحات غير الدقيقة في هذا التوقيت.

وبما يشبه الرد العملي على ادعاءات الخرطوم بأحقية سيادتها على مثلث حلايب وشلاتين، أعلن محافظ البحر الأحمر، اللواء أحمد عبدالله، أمس الأول، خطة مصرية للانتهاء من أعمال تطوير العشوائيات والمشروعات البديلة للمساكن العشوائية بمدينتي حلايب وشلاتين جنوب المحافظة المصرية، وقال إنه تم توفير 172 مليون جنيه (نحو 10 ملايين دولار)، لاستكمال تلك المشروعات، وراجع المحافظ التصور النهائي للوحدات التي سيتم إنشاؤها لأهالي حلايب وشلاتين، بحيث تنقسم إلى مساحات مختلفة تتراوح بين 300 و600 متر.

في السياق، قال مصدر دبلوماسي مصري لـ "الجريدة"، إن مصر وجهت خطابا إلى السودان، طالبته فيه بوقف التصريحات العدائية ضد القاهرة، كاشفا عن إعداد السلطات المصرية ملفا كاملا عن مثلث حلايب وشلاتين، بما يثبت ملكية مصر لهذه المنطقة، لتقديمه إلى الأمم المتحدة، حيث يتم حاليا مراجعة أوجه التعاون مع السودان، تمهيدا لتجميدها إذا استمرت الخرطوم في نهج السياسة العدائية.

قضية تخابر

إلى ذلك، أمر النائب العام، المستشار نبيل صادق، أمس، بحبس 29 متهما لمدة 15 يوما احتياطيا على ذمة التحقيقات التي تجرى معهم بمعرفة نيابة أمن الدولة العليا، لاتهامهم وآخرين هاربين داخل البلاد وخارجها، بالتخابر مع دولة تركيا، بقصد الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، والانضمام إلى جماعة إرهابية، وتمرير المكالمات الدولية بغير ترخيص، وغسل الأموال المتحصلة من تلك الجريمة، والاتجار في العملة بغير ترخيص.

وباشرت نيابة أمن الدولة العليا تحقيقاتها بشأن اتفاق عناصر تابعة لأجهزة الأمن والاستخبارات التركية مع عناصر من تنظيم "الإخوان" الدولي، على وضع مخطط يهدف إلى استيلاء جماعة "الإخوان" الإرهابية على السلطة في مصر، عبر إرباك الأنظمة القائمة في مؤسسات الدولة.

وكشفت التحقيقات والتحريات أن المتآمرين اتخذوا في سبيل تحقيق أغراضهم محورين، الأول بتمرير المكالمات الدولية عبر شبكة المعلومات الدولية، باستخدام خوادم في دولة تركيا لرصد الأوضاع داخل البلاد، بالاستعانة بالعديد من أعضاء التنظيم الإخواني وآخرين، وتبين من التحقيقات أن المحور الثاني تمثل في محور إعلامي يقوم على إنشاء كيانات ومنابر إعلامية تبث من الخارج تعمد إلى توظيف ما يصل إليها من معلومات لاصطناع أخبار كاذبة.

وأيدت محكمة جنايات القاهرة، أمس، قرار النائب العام منع 16 متهما من التصرف في أموالهم وممتلكاتهم والتحفظ عليها، في قضية التخابر مع تركيا، في حين رفضت المحكمة التحفظ على أموال 5 متهمين آخرين.

وفيما يعكس دفء العلاقات المصرية - الإسرائيلية، ألقى السفير المصري في تل أبيب، حازم خيرت، كلمة أمس الأول، أمام الكنيست بمناسبة مرور 40 عاما على زيارة الرئيس المصري الأسبق، أنور السادات، لإسرائيل عام 1977، وإلقاء كلمته التاريخية أمام الكنيست، والتي قادت إلى توقيع سلام منفرد بين مصر وإسرائيل عام 1979.

وأكد خيرت في كلمته التي ألقاها باللغة العربية، أسوة بخطاب السادات، موقف القيادة المصرية الحالية تجاه السلام في المنطقة، مشيرا إلى ما أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسي من أن التجربة المصرية في السلام قابلة للتطبيق مرة أخرى عبر حل القضية الفلسطينية، وإقامة دولتهم إلى جانب إسرائيل، ومشددا على ثوابت الموقف المصري بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، التزاما من جانب القاهرة بطي صفحة هذا النزاع إلى الأبد.