لا أحد يزايد على عامة الناس في حرصهم على السلامة المرورية وأمن الطريق واتقاء شر الحوادث، وما نشاهده خلال السنوات الماضية من تسيب وانفلات في الشوارع مرده بشكل أساسي تقاعس وزارة الداخلية عن القيام بدورها المروري بشكل صحيح ومدروس، وهذا أمر يجب أن تساءل عنه الوزارة، وتبحث عن حلوله الصحيحة والدائمة بدلاً من عنتريات السحب والقلص."الداخلية"، وهي الجهة المعنية باستقرار المجتمع، اضطربت في تسويق قراراتها الأخيرة المتعلقة بسحب السيارات المخالفة، فهي في البداية فاجأت الناس بزيادة شرائح المخالفات المستهدفة بسحب السيارات، ثم هاجمت من يشتكي من الناس من قلة المواقف وندرتها، ثم عادت وأعلنت تأجيل قرار السحب بعد ٢٤ ساعة من تطبيقه لحين عودة الوزير، ثم أطلت علينا بمؤتمرها الصحافي لتعلن استحداث مسمى "الحالات الإنسانية"، والكل فهم أن "الحالات الإنسانية" كلمة السر للواسطات التي يعرفها أهل "الداخلية" جيداً.
هناك قانون للمرور، وهناك رجل مرور يشرف على تطبيقه، إذا طبق رجال المرور كبارهم وصغارهم القانون بعدالة وجدية واحترام فسوف ينعكس هذا على أخلاقيات قادة المركبات في الشوارع، والتزامهم وحرصهم على سلامة الآخرين، وإذا تسيب رجال المرور في تطبيق القانون أو طبقوه بمزاجية وعشوائية كما هو حاصل الفترة الماضية، فمن الطبيعي أن تجد الفوضى هي شعار الطريق، ولذلك فقد كان الأولى بـ"الداخلية" بدلاً من قراراتها الأخيرة أن تسعى إلى ضبط وربط أفراد المرور وإنزالهم بالميدان وتفعيل نشاط دورياتها المختلفة وتنشيط أداء العاملين في هذا القطاع.الغريب أن "الداخلية" في قرارها فرقت بين الجنسين بالمخالفة، والغريب أيضاً أن "الداخلية" لم تعتبر أكل قائد المركبة وشربه أثناء القيادة مخالفة جسيمة، أما الأغرب فهو إرجاع "الداخلية" السيارة المسحوبة بعد يومين إذا ثبت أن المخالف غير مالك لها، وهي معلومة يمكن لشرطة المرور التأكد منها فور تحرير المخالفة، لكن أبت "الداخلية" إلا أن تطبق المثل: "وين ليسنك يا جحا؟".ليس هذا فحسب، بل زد على ذلك الفوضى التي كشفت عنها مواقع حجز المركبات من تراكم السيارات بلا تنظيم وصعوبة إيجاد المركبات بالإضافة إلى بيروقراطية استلامها البليدة، ثم تأتي "الداخلية" لتتملص من الأضرار التي تقع على السيارات أثناء النقل والسحب والحجز!! كلنا مع تطبيق القانون والحزم فيه وضبط المخالفين، لكننا نطالب بالعقلانية والتدرج والنزاهة في هذا الشأن، وهي أهم واجبات وزارة الداخلية. والله الموفق.
مقالات
«وين ليسنك يا جحا»؟
23-11-2017