فاجأ رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الوسط السياسي بإعلانه، أمس، تجاوبه مع تمني رئيس الجمهورية ميشال عون عليه التريث في تقديم استقالته، والاحتفاظ بها لمزيد من التشاور، فاتحاً بموقفه النقاش في بيروت عن مستقبل الأزمة المستجدة.وقالت مصادر سياسية، لـ«الجريدة»، أمس، إن «الترجمة الفعلية لمعنى التريث هي فتح الباب أمام الحوار، وعندها يُبنى على الشيء مقتضاه»، مستبعدة «اللجوء إلى طاولة الحوار في بعبدا، بسبب فشلها في المرات السابقة في تطبيق ما اتفق عليه».
وأشارت المصادر إلى أنه «خلال 24 ساعة، وبعد تقييمه الوضع، سيعلن عون شكل الحوار في المرحلة المقبلة، ومن المتوقع أن يكون عبر قنوات سياسية مباشرة بين الأطراف، وبإدارة مباشرة منه»، مؤكدة أن «الكلام الأساسي سيكون حول تحديد مفهوم سياسة النأي بالنفس الذي تعرض لعدد من النكسات في أشهر ما قبل استقالة الحريري».وأضافت أن «الحوار سيتركز على عنوانين أساسيين هما التزام لبنان الرسمي، من رئاسة الجمهورية إلى الحكومة ككل، بسياسة النأي بالنفس، إلى جانب وقف الحملات الإعلامية ضد السعودية».وتابعت: «أما الحديث عن انسحاب حزب الله من كل الساحات العربية، بما فيها سورية، فيبدو أن كلام الأمين العام لحزب الله الأخير بدّد بعض الهواجس بشأنه»، لافتةً إلى «صعوبة التوصل إلى اتفاق نهائي بهذا الخصوص».
وشددت المصادر على «ضرورة ابتعاد لبنان عن الصراعات الخارجية، والتزامه احترام ميثاق جامعة الدول العربية، وانتهاج سياسة مستقلة تماماً، تحاشياً للدخول في النزاعات». وأتى موقف الحريري بعد عودته، مساء أمس الأول، إلى بيروت، بعد 17 يوماً من تقديم استقالته من الرياض، ثمّ انتقاله إلى باريس. وإذا كانت زيارة رئيس الحكومة لمصر، في طريقه إلى بيروت، للقاء الرئيس عبدالفتّاح السيسي مفهومة، فإن توقّفه للقاء سريع في قبرص، أمس الأول، مع الرئيس القبرصي نيكوس أناستسياديس بقي غير واضح المعالم، حتى ظهر أمس، مع إعلان وكالة «رويترز» أن «الرئيس القبرصي سيطرح مبادرة لنزع فتيل الأزمة في لبنان»، وتحديداً «لمؤازرة استقراره».