بينما تتزايد المطالب الدولية والإقليمة المطالبة بوقف نشاط إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة، تبنى قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري حزمة من المواقف التصعيدية، في مقدمتها رفضه «مناقشة نزع سلاح حزب الله اللبناني»، وتوعده المملكة العربية السعودية بالهزيمة.ونقل التلفزيون الرسمي عن جعفري قوله إن نزع سلاح «حزب الله» غير قابل للتفاوض، مضيفاً أنه «يجب تسليح حزب الله لقتال عدو الأمة اللبنانية وهو إسرائيل. بطبيعة الحال يجب أن يمتلكوا أفضل الأسلحة لحماية أمن لبنان».
وبعد أن مهدت بلاده لإمكانية انسحاب عناصرها الداعمة لنظام الرئيس بشار الأسد في سورية والموجودة في العراق بعد هزيمة تنظيم داعش، أكد جعفري أن «الحرس الثوري» سيؤدي دورا نشيطا في تحقيق ما وصفه بـ«وقف إطلاق نار دائم في سورية التي تشهدا حرباً أهلية».
تهديد وتبرير
وغداة تهديده بمحو إسرائيل من على الخريطة، حذر قائد «الحرس الثوري» السعودية من الدخول في مواجهة مع بلاده، كما توعدها بهزيمة في اليمن، مشيراً في الوقت ذاته، إلى أن دعم طهران للحوثيين «لا يتجاوز الحد الاستشاري والمعنوي».ودعا القائد الإيراني الرياض إلى «التوقف عن سياستها الحالية»، محذرا من أنها إن لم تفعل ذلك، فستكون في مواجهة مع طهران.وتابع جعفري: «نوصي السعودية بأن توقف تعاونها مع القوى الاستكبارية، وإلا فستكون في مواجهة جبهة المقاومة»، متهما الرياض بالتعاون مع إسرائيل في مجال الأمن وتبادل المعلومات، وتوعدها بتلقي «هزيمة مدوية في اليمن» حيث تدعم بلاده ميليشيات جماعة «أنصار الله» المتمردة.وفي الوقت ذاته، أشار جعفري إلى أن طهران تمارس ضبط النفس حيال الرياض، ولا تريد مواجهة مباشرة معها، وبرر المساعدة الإيرانية للحوثيين، بأنها تحمل طابعا استشاريا ومعنويا بشكل أساسي.وأردف: «دعمنا لجبهة المقاومة يكون وفقاً لطلب شعوبها وحكوماتها، واليمن نموذج على ذلك، السيادة في اليمن اليوم في يد جماعة أنصار الله، ومساعدات إيران لهم في حدود الدعم الاستشاري والمعنوي الذي يحتاج له اليمن غالباً، وإيران لن تألو جهداً في تقديم هذا العون في المستقبل».يذكر أن السعودية تتهم «حزب الله» بمساعدة الحوثيين في اليمن، وأداء دور في هجوم بصاروخ بالستي على المملكة في وقت سابق من نوفمبر الجاري. وتنفي إيران و»حزب الله» الاتهامات.وكان الرئيس الإيراني نفى تهريب أسلحة للحوثيين، وقال عن الصاروخ الأخير الذي أطلق على الرياض إن «الحوثيين استطاعوا تطوير مدى الصاروخ الموجود في مخازنهم».صبيانية ماكرون
من جانب آخر، كرر جعفري الحديث عن موقف طهران فيما يتعلق بتطوير صواريخ بالستية، قائلا إن أهداف البرنامج الصاروخي الإيراني دفاعية، وإنه ليس محل تفاوض.وأشار إلى أن حكومة الرئيس حسن روحاني «لا تسعى لذلك، وأن الغرب سيدرك أن جهوده على هذا الصعيد ستذروها الرياح»، معتبرا أن طرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مسألة التفاوض على المنظومة الصاروخية الإيرانية ناتج عن صبيانيته وعدم نضجه.ولا يندرج برنامج طهران الصاروخي تحت الاتفاق النووي المبرم مع قوى غربية في 2015 والذي وافقت إيران بموجبه على الحد من برنامجها النووي مقابل رفع بعض العقوبات عنها.وقال ماكرون في وقت سابق من الشهر إن على طهران أن تكون أقل عدوانية تجاه المنطقة، ويجب أن توضح الاستراتيجية المتعلقة ببرنامجها للصواريخ البالستية.وتصاعدت التوترات بين السعودية وإيران في الأسابيع الأخيرة وساعد الصراع بينهما في تأجيج الاضطرابات في سورية والعراق واليمن والبحرين.حكم «داعش»
واعتبر المسؤول الإيراني الرفيع أن تنظيم داعش «لا يزال يشكل تهديدا على البلاد الإسلامية ودول المنطقة»، مشددا على أن «حرس الثورة الإيرانية يملك جاهزية أمنية ودفاعية جيدة».ولفت إلى أن «الإعلانات التي تصدر في الوقت الحالي بشأن انتهاء التنظيم المتشدد لا تعني القضاء على داعش مئة في المئة لكن للقول بأن حكمه قد انتهى».وعود خامنئي
إلى ذلك، ورغم التقارير الرسمية الإيرانية التي تتحدث عن هبوط حاد للعملة، وغلاء السلع الأساسية بشكل غير مسبوق، وعلى رأسها الخبز الذي ارتفع أكثر من الثلث، أمس الأول، وعد المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، بتحقيق أهداف الثورة الاقتصادية والسياسية في بلاده «في وقت ليس ببعيد».وقال خامنئي أمام حشد من قوات التعبئة «الباسيج»، إن «أهداف الثورة الإسلامية ومنها الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والسياسية والثقافية، ستتحقق في وقت ليس ببعيد»، وذلك رغم مرور أربعة عقود من عمر الثورة التي مرت بحرب طاحنة مع العراق وأزمات سياسية واقتصادية في الداخل والخارج، بسبب شعاراتها، وعلى رأسها الإصرار على تصدير الثورة إلى الخارج.وقال خامنئي، وهو يخاطب ميليشيات «الباسيج»، إن النظام السياسي لايزال بعيداً عن تحقيق أهدافه دون أن يذكر تفاصيل هذه الأهداف. ويتحدث المرشد عن قرب تحقيق أهداف الثورة الاقتصادية والاجتماعية، في حين تشير الإحصاءات الرسمية في البلاد إلى «زيادة الفجوة الطبقية» و»ارتفاع نسبة الذين يقبعون تحت خط الفقر» و»الفساد الاقتصادي والإداري المنتظم» و»ارتفاع الأضرار الاجتماعية».كما يرى نشطاء سياسيون إيرانيون ومنتقدو خامنئي أن قمع الحريات السياسية والاجتماعية، والقوة اللامحدودة التي يمتلكها المرشد الأعلى من علامات الإخفاق في الوصول إلى ثورة أهداف الثورة الإيرانية، وتمثل «استنساخاً لطغيان النظام السابق».