ضمن فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ42 احتضن المقهى الثقافي حلقة نقاشية بعنوان «رحلة الدراما التلفزيونية من الكلمة إلى الصورة»، شارك فيها المخرج محمـــــــــــد الشمــــــــــــري والكـــــاتــــــــــب د. حمد الرومي والفنان عبدالله التركماني، وأدارها المذيع علي نجم. واستعرض المشاركون في الحلقة مراحل إعادة احتواء النص، وإعادة تشكيله إلى مشاهد بصرية، فضلاً عن مخاطر هذه العملية الإبداعية الإشكالية ومعوقاتها.
في البداية، قال المخرج محمد الشمري: «في رأيي، إن أي شيء مكتوب قابل لتحويله إلى صورة، ولكن يعتمد على الموضوع الذي تتناوله الرواية، ولكن الإشكالية التي تواجهنا دائما هي الموضوع الذي يجب أن نختاره، واختيار الوقت المناسب لأن نقدمه على شاشة التلفزيون أو السينما، وإذا عدنا إلى تاريخ تحويل الروايات، فسنجد أن الأشقاء المصريين بدأوا هذا الأمر منذ بدايات السينما، وأفضل الأفلام التي استمرت في ذاكرة المشاهد كانت مبنية على روايات لكتاب ربما لم يكن أغلبهم معروفا حينها، وكذلك مروا بفترة الاقتباس التي وجهتهم صوب الأعمال العالمية، ونحن كذلك في الكويت اعتمدنا على الاقتباس لفترة في الإذاعة والمسرح والتلفزيون أيضا.وأضاف الشمري: «كمخرج عندما يكون أمامي أكثر من نص أو رواية أدبية، فإن معايير التحويل إلى عمل مرئي تعتمد على أمور عدة، منها القضية المطروحة ومدى ملاءمتها للحقبة الزمنية التي تدور فيها الأحداث، وكذلك مدى تقبل المشاهد حاليا لها».وذكر أنه يجنح للأعمال التي تدور أحداثها في حقبة زمنية، لأنه بعد فترة من العمل، وجد انتقادات لبعض المسلسلات التي قدمت على أنها أعمال درامية، لأنها لم تكن مبنية على أساس علمي سليم، وأغلبها تضمن انتقادات شخصية لبعض الظواهر التي يصادفها بعض الكتاب في المجتمع، لذا تكون أحكامهم شخصية ونابعة من ثقافتهم، ولا يوجد فيها تحليل أو تناول للموضوع من أكثر من زاوية.وتطرق إلى تجربته في تحول رواية الهدامة إلى نص تلفزيوني، قائلا: «عندما قررت تنفيذ رواية (الهدامة) للكاتب هيثم بودي، طلبت منه أن يحولها إلى نص تلفزيوني، لكنه قال إن خبرته لن تسعفه في هذا المجال، لذا أسندت العمل لكتاب سيناريو معروفين في أكثر من دولة عربية، ومع الأسف أغلب الذي وصلني كان يدور في إطار المعالجة التقليدية المعتادة حول الصراع بين الخير والشر، بينما ثيمة الرواية أن الصراع قدري لا يستند إلى الخير والشر، بل لتعامل الناس مع حادثة كونية، لذا عدت وأصررت على أن يكتب صاحب النص الأدبي السيناريو، لأنه أكثر شخص ملم بتفاصيل عمله، كما حرصنا في تجربة (كحل أسود) مع الكاتبة منى الشمري على عقد جلسات عمل عدة، لأنها كمؤلفة للرواية لديها جميع تفاصيل الخيوط الدرامية».
التخصص
من جانبه، قال الكاتب حمد الرومي، مؤلف مسلسل «إقبال يوم أقبلت» الذي عرض رمضان الماضي: «في العمل الروائي لا يوجد وسيط بين الكاتب والمتلقي، فالمؤلف حر فيما يكتبه والقارئ يطلق لخياله العنان ويتصور كيفما يشاء، الأمر في الدراما مختلف تماما، فأنا ككاتب لكي أصل للمشاهد لابد أن أمر بمراحل عديدة، ونص (إقبال) كتبته منذ ثلاث سنوات، ولكي أتخذ قرار تحويله لعمل درامي عشت صراعاً، لأنني كنت أتطلع إلى النقاش مع الشخص الذي سيحوله إلى عمل درامي، ولكن وجهة نظري تغيرت عندما بدأت العمل مع الفنانة هدى حسين والمخرج منير الزعبي، حيث طلبت من الأولى ان تظهر دون نقطة مكياج كشخصية سوداوية بجميع تفاصيلها الجسدية من حركة سير وأسلوب تعامل، وكنت أجد تقبلا منها لجميع تلك الأمور، وكذلك وأنا أكتب النص وصلت لمرحلة معايشة كل التفاصيل الحسية من موسيقى وغيرها، وكنت أتواصل مع المخرج منير الزعبي لأحدثه حول وجهة نظري في الموسيقى، ورغم انه ليس مجبورا على التقيد بوجهة نظري ككاتب فإنه كان يتقبل هذه النقاط».وتابع: «أرى أنه ليس كل رواية تصلح للتحول إلى عمل درامي، هناك روايات تصلح لـ30 حلقة وأخرى لسباعية أو فيلم تلفزيوني أو سينمائي أو مسرحي، وهناك روايات حتى لا تفقد بريقها يجب ان تبقى رواية»، مشيرا الى ان الروائي الجيد لا يعني انه كاتب متمكن للسيناريو، لأنه لكل ادواته ومهاراته.ولفت إلى رحلة الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس الذي قدم العديد من الأعمال وتحولت للسينما، ورغم ذلك لم يكتب السيناريو، وقال: «ينقصنا بالفعل التخصص».المعاناة
الفنان عبدالله التركماني قال: «من وجهة نظري كممثل، أشيد باختيار العنوان (رحلة الدراما التلفزيونية من الكلمة الى الصورة)، لأن ذلك يمثل المعاناة التي نعيشها مع المخرج محمد دحام في اختيار النصوص، لاسيما أننا نتلقى في اليوم الواحد ما يقارب 10 نصوص أو روايات، ونكتشف أنها تفتقد هذا الفعل الدرامي او التطور الذي يرتقي بها لتكون مسلسلاً من 30 حلقة، بينما هناك بعض الروايات تحمل جانبا مسرحيا أو سينمائيا، وتبقى الدراما القائمة على الفعل».وأشار التركماني إلى أن تجربة مسلسل «الهدامة» قائمة على الصراع القدري والبحث عن لقمة العيش، مؤكدا ان كل رواية تصلح لأن تكون عملا تلفزيونيا، ولكن مع اختلاف القوالب سواء 30 حلقة او سباعية او 15 حلقة.وأوضح أن الإسهاب في المشهد يستفز الممثل ليبذل كل جهده للخروج بصورة جيدة، لافتا إلى أن التحضير لمشهد واحد من 30 ثانية قد يستغرق تصويره يوما كاملا لثراء التفاصيل.وقال حول دوره كممثل: «ما يستفزني الشيء الجديد في الشخصية، وأبحث دائما عن الادوار المختلفة، حتى لا أصبح سجينا خلف الأدوار النمطية التقليدية».